قصص واقعية يعيشها المواطنون والوافدون كانت ضرباً من الخيال قبل الوباءفرض انتشار فيروس كورونا المستجد نظماً ووسائل حياة مختلفة على المجتمعات والدول كافة ومن بينها الكويت التي شهدت مظاهر واجراءات غير معهودة بل يعيشها المواطنون والوافدون للمرة الأولى في حياتهم والتي ستتحول بعد انتهاء الأزمة وانقشاع غمة الوباء إلى ذكريات ونوادر سيحكيها من عاصروها للأجيال القادمة من الأبناء والأحفاد، وسيكون أبرز أبطال ورموز هذه القصص الكمامة والكحول والباركود وساعتا التريض.فلم يكن يدر بخلد أحد أن جميع مجريات أنشطته اليومية سترتبط بالباركود، إذا أراد النزول من منزله والذهاب إلى العمل سيحتاج إلى باركود، وإذا أراد التسوق في جمعية تعاونية أو أي سوق غذائي عليه أن يحجز دوره مسبقاً وأن يدخل مستخدماً الباركود، نفس الأمر المستشفيات وغيرها من الخدمات.وهل كان يتخيل أحد أن تمتد طوابير اسطوانات الغاز إلى مئات الأمتار، أو أن يشرف رجال الداخلية والدفاع على توزيع الخبز، أو نشهد ازدحام المئات من المواطنين داخل فروع التموين، أو تصبح فرضة الصليبية خاوية مكتظة بالخضروات والفاكهة وتستجدي رواداً ومشترين لهذه السلع، فكلها أمور كانت تصلح لأحد أفلام الخيال العلمي، واصبحت بين ليلة وضحاها واقعاً يفرض نفسه.وهل كان يتخيل أي شخص هذا الهلع من أكياس المواد الغذائية التي يعود بها من الجمعيات وغيرها من الأسواق الغذائية خشية أن يكون عالقاً بها هذا الفيروس الخطير، وهل كان يتوقع أحد أنه سيضطر لتعقيم تلك الأكياس فور وصوله إلى منزله، أو يتجنب استخدامها قدر الإمكان.وأصبحت رحلة البحث عن الكمامة ومعقم كحولي حدث روتيني شبه يومية وبات فحص درجة الحرارة قبل الولوج إلى أي مكان سواء للعمل أو التسوق أو العلاج اجراء أساسي وتذكرة مرور إما أن تدخلك المكان الذي تريد دخوله أو ترسلك عبر الاسعاف إلى أقرب مستشفى وانت مشتبه في اصابتك بالفيروس.ومن كثرة ما يعانيه الإنسان من هواجس ومخاوف الاصابة بالمرض، باتت عودة رب الأسرة أو ربة الأسرة إلى البيت بعد رحلة تسوق أو دوام في مقر العمل مشوبة بالكثير من المحاذير والاجراءات الاحترازية، حتى الضغط على زر طلب المصعد أو الطابق بات نوعاً من المخاطرة، الجميع يخشون من امكانية أن يكونوا حاملين للعدوى من الخارج وأن يتسببوا في اصابة احبائهم وأفراد أسره.ولم يكن من الوارد بشكل مطلق أن نجد الأسلاك الشائكة تفصل قطاعات سكنية داخل المناطق بعدما كانت مخصصة لتأمين حدود الدول، ولم يكن متخيلاً حظر التجول بين منطقة وأخرى وعزل بعض المناطق، بل وفرض الحظر الشامل.ولكن ومن باب الإنصاف، فإن القواعد والإجراءات التي فرضها فيروس كورونا، كان لها بعض الايجابيات التي لم يكن متخيل حدوثها، فهذه المماشي المخصصة للتريض في مختلف المناطق كانت تعاني الهجر إلا من أعداد ضئيلة للغاية تتذكرها من فينة إلى أخرى، وها هي الآن أصبحت تكتظ على مدار ساعتي التريض عصر كل يوم بمختلف الفئات والأعمار حتى الأطفال الصغار، بل ان رياضة المشي غزت مختلف الشوارع الداخلية بعدما عجزت المماشي عن استيعاب المتريضين.ومن الصور النادرة هذا الهدوء وتلك الشوارع الخالية والاشارات الضوئية التي تتبدل ألوانها بين الأخضر والأصفر والأحمر خلال ساعات الذروة بينما لا توجد سيارات أصلاً متوقفة في تلك الإشارات بل وخلت الشوارع من المركبات إلا فيما ندر، وتلاشت ابخرة عادم السيارات الخانقة.

الأسلاك الشائكة تحيط بالجليب