الاثنين 23 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
معالجة ملف الغارمات تكريم حقيقي للمرأة من الجانب الاقتصادي
play icon
كل الآراء

معالجة ملف الغارمات تكريم حقيقي للمرأة من الجانب الاقتصادي

Time
الثلاثاء 26 سبتمبر 2023
View
272
د.سعاد ياسين

يعد ملف الغارمات من الملفات المجتمعية التي تتطلب المزيد من البحث لأنها من المتوقع أن تزداد خطورتها مع تعقد الحياة اليومية، وتجد العديد من النساء أنفسهن في السجن بعد عدم قدرتهن على دفع فواتيرهن.
وعليه سوف اتناول هذا الملف من الجانب الاقتصادي أولاً، والقانوني، والإنساني، والأسري، والدولي لأهميته الكبرى، وتأثيره على الأسرة بأكملها.
سعت الكثير من الدول الى إيجاد حلول مناسبة، ومبادرات تمكن الغارمات من حيث تجفيف منابع الغرم، والحد من دخول جدد السجون، وخفض عدد قضايا الغارمات بالمحاكم بالاضافة الى رؤية توعوية شاملة تحقق التنمية المستدامة والشمول المالي.
ونظراً للظروف الاستثنائية التي مر بها العالم، ومن أهم اسبابها تفشي فيروس "كورونا"، ادت الى زيادة الأوضاع سوءا، مما نتج عنه ألغاء معظم دول العالم خارج الشرق الأوسط عقوبة حبس المدين، ليس لأنها قاسية للغاية، وتنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان فقط، بل لأنها أيضا لا تؤدي إلى السداد.
وفي هذا الإطار ومن أجل التخفيف على هؤلاء النسوة المُثقلة أكتافهن بالأعباء الاقتصادية والأسرية حيث ستواجه بالديون العديد من المشكلات في حياتهن بمجرد تحريرهن من السجن، وتشمل هذه المشكلات النفسية الحزن، والقلق، والخوف من المستقبل، والصعوبات الاجتماعية، والشعور بالعزلة، خصوصا إذا كانت الأم هي العائل الرئيسي للأسرة.
وفي هذا السياق، أثبتت مملكة البحرين ريادتها وأسبقيتها، فبفضل التوجيهات الملكية للملك حمد بن عيسى آل خليفة لتعزيز منظومة الأمان الاجتماعي، وتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين، كان دعم بنك البحرين والكويت، البنك الرائد في مجال الخدمات المصرفية للأفراد والمؤسسات في البحرين، بمبلغ مئتي ألف دينار تبرعاً لمشروع "سهم الغارمين" لتسديد ديون 50 معسرا ومعسرة بالتعاون مع صندوق الزكاة والصدقات بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، ومركز دعم المرأة بالمجلس الأعلى للمرأة،
كما يعمل مركز دعم المرأة على متابعة احتياجات المرأة البحرينية والتأكد من تلبيتها بأكبر قدر ممكن من الفعالية.
وتُثمن هذه التحركات من التوجيهات الخاصة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد، رئيسة المجلس الأعلى في التنسيق لسداد الديون والمبالغ المالية المستحقة على النساء البحرينيات، اللاتي صدرت بحقهن أحكام قضائية ضمن القوائم التي نشرتها وزارة الداخلية بشأن تطبيق "فاعل خير".
فإن الدور الإنساني الكبير للأميرة سبيكة في كل المواقف ينعكس في هذه التعليمات على حرصها الحقيقي على ضرورة توجيه الدعم والمساعدة للمتضررين.
ومن جانب اخر وسيراعلى النهج ذاته، وداخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية، تُعد فكرة حبس النساء أمرًا مكروهًا من الأردنيين المحافظين، الأمر الذي أدى إلى حالة من التعاطف مع "النساء الغارمات"، وبقيادة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، والذي دعا المواطنين إلى تحرك جماعي، وتكاتف الجهود والمشاركة الشعبية لمساعدة النساء الغارقات في الديون، أو اللواتي في وضع مالي صعب، وتلبية لهذه الدعوة انتشرت مؤسسات تمويل الأعمال الصغيرة في الأردن على مدى السنوات الـ 14 الماضية استجابة للدعوات الرامية إلى تمكين المرأة وزيادة استقلالها المالي. وقد استفاد من هذا التحول الاجتماعي المذهل الأشخاص المحرومين في المناطق النائية والريفية خصوصا.
وأعلن رئيس الحكومة الأردنية عمر الرزاز تخصيص مبلغ 750 ألف دولار من الموازنة لصندوق الزكاة الأردني لحل مشكلة الغارمات، مع تشديد الشروط على المقترضات وصناديق الشركات الدائنة.
ومن جانبها أصدرت مصر قانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، تضمن حوافز وإعفاءات، وامتيازات ضريبية استفادت منها النساء بشكل كبير، وبناء على هذا القانون، ووفق الهيئة العامة للرقابة المالية، فقد استحوذت المرأة على النصيب الأكبر من التمويل متناهي الصغر، فقرار العفو عن الغارمين والغارمات قرار اجتماعي يحمل في طياته رؤية إنسانية، خصوصا أن هؤلاء الغارمين والغارمات لم تكن العقوبات الموقعة عليهم من العقوبات التي يخل الغارم أو الغارمة منه، بل إنها ناتجة عن صعوبات الحياة، وهو ما يوجب على الجميع التحلي بالمسؤولية المجتمعية لحماية هؤلاء المتعثرين وحماية أسرهم جميعاً.

كاتبة بحرينية
رئيس مجلس إدارة مركز الياسين للتدريب

د. سعاد ياسين

آخر الأخبار