معالجة ملف الغارمات… تكريمٌ إنسانيٌّ حقيقيٌّ للمرأة

إن قضية النساء الغارمات قضية إنسانية تتطلب اهتمامًا فوريًا في جميع أنحاء العالم، حيث تتأثر النساء بشكل كبير بالديون، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب وخيمة على الرفاهية الفردية والتقدم المجتمعي.
ولكي نفهم خطورة القضية يجب علينا أن نحلل أسبابها وتأثيراتها الأساسية، ففي المقام الأول تساهم الفجوة في الأجور بين الجنسين والافتقار إلى المعرفة المالية بعبء ديون المرأة.
من جانب آخر، تعمل مستويات الديون المرتفعة على تأخر الاستقلال الاقتصادي للمرأة، وتزيد عدم المساواة بين الجنسين وتعرقل التنمية المجتمعية الشاملة.
ولذا فإن معالجة المشكلة تبدأ بتدابير استباقية مثل: تعزيز المساواة في الأجر، وتحسين الثقافة المالية، وتزويد المرأة بسبل يسهل الوصول إليها للتمكين الاقتصادي.
لقد خطت مملكة البحرين خطوات كبيرة في معالجة قضية الغارمات، وبخاصة أولئك المتأثرات بالفوارق الاجتماعية والاقتصادية.
وفي هذا الإطار أنشئت خدمات استشارات ائتمانية شاملة تهدف إلى توفير التوجيه العملي، والدعم المصمم خصيصًا لتلبية الاحتياجات الخاصة للنساء، وتقدم هذه الخدمات برامج التثقيف المالي والمشورة المتعلقة بالميزانية، وستراتيجيات إدارة الديون لتمكين المرأة من السيطرة على مواردها المالية وتجنب المزيد من الديون.
وقد ساهم المجلس الأعلى للمرأة بقيادة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي لهذه الاسر في خطوة فريدة من نوعها، وغير مسبوقة على المستوى الاقليمي والعالمي.
ولا بد أن نشيد بالجهود التي بذلها المجلس بالتعاون مع الفريق الوطني لمكافحة فيروس "كورونا" بتمكين المرأة البحرينية، والاثر الكبير لذلك في تعزيز استقرارها، وتقدمها، والاستفادة من الفرص، وصناعة مستقبل أفضل لنفسها ولأسرتها وللمجتمع ككل.
إذ تعزز هذه المبادرات الاهتمام بقضايا المرأة قدرتها على المشاركة الفعّالة في المجتمع،ويأتي هذا تماشياً مع المواقف والمبادرات الإنسانية والجهود الوطنية من الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، والى "فريق البحرين" بقيادة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، ومبادرة الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، مستشار الأمن الوطني، رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، في دعم ملف الغارمين من المواطنين البحرينيين ممن صدرت عليهم أحكام قضائية، فقد حرص على ضرورة توجيه مساهمات المواطنين والمقيمين في "حملة فينا خير" لسد ملفات الغارمين.
بالإضافة إلى ذلك، سنت البحرين تشريعات تفرض الإقراض العادل، وتحمي المقترضات من القروض الجشعة، أو أسعار الفائدة الاستغلالية، وضمن هذا الإطار التنظيمي حصول المرأة على المساعدة المالية، وعلاوة على ذلك تم إنشاء شبكات دعم تضم منظمات غير حكومية، ومبادرات مجتمعية لتوفير المساعدة الانسانية وفرص الاندماج الاجتماعي اللاتي يعانين من الديون.
تدرك البحرين أهمية مكافحة هذه القضية كليا، وتمكين المرأة، فالديون الناشئة لها تأثير كبير على استقرار المرأة النفسي والمعيشي، بخاصة إذا كن المعيلات لأسرهن، ومسؤولات عن تلبية احتياجاتها، فمن خلال هذه المبادرة يمكن التخفيف عن الغارمات، وتقديم الدعم لهن لتحقيق الاستقرار النفسي.
هناك دول عربية نهجت النهج ذاته، فمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى "مصر بلا غارمات"، التي تهدف للتعامل مع الغارمات بشكل شامل، وتركز على حل المشكلة من جذورها، كما توفر الخطة الدقيقة للمبادرة عملية حصر قضايا النساء الغارمات وتحديد احتياجاتهن، ومتطلباتهن، تجفيف منابع المشكلة.
وتسعى أيضًا لتحقيق المبدأ الأساسي للحماية الاجتماعية من أي مشكلات أخرى محتملة، مثل ظاهرة أطفال الشوارع، وعمالتهم، والتسرب من التعليم، كما ان المبادرة تعمل على تمكين النساء الغارمات اقتصاديًا عبر توفير فرص عمل لهن.
وفي الأردن انطلقت حملة "أردن النخوة" لمساعدة الأردنيات الغارمات.
فالإنسانية والتعامل معها هي هدف دولي تسعى من خلاله الدول الى استقرار شعوبها، وبخاصة استقرار الاسرة لتحقيق التنمية والاستدامة، فبالاستقرار نتقدم الى الأفضل.
وهذا ما يحسب للمملكة بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد، والأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، حيث اصبحت البحرين من الدول الرائدة في معالجة هذه المشكلات ودعم المرأة جنبا الى جنب مع الرجل من اجل ضمان حياة كريمة لها، وضمان مستقبل اقتصادي اجتماعي متقدم للاسرة البحرينية بدعم المرأة وهي الركن الأساس فيها.
كاتبة بحرينية
رئيس مجلس إدارة مركز الياسين للتدريب

د. سعاد ياسين