معالي العسعوسي ويحيى العقيلي وفريقه الرائع... شكراً لكم

محمد الفوزان

يقول سيد صباح شبر: "عندما كنت صغيرا ذهبت مع والدي الى ايران، وفي احد الايام ذهبنا لاحد المساجد، وكان إمام المسجد صديق والدي فقال له: "ان هذا المسجد له قصة عجيبة.
ذات يوم اشترى أحد التجار كيلوين من العنب، وقال لخادمه: احملها للبيت واعطها لزوجتي، وذهب هو لعمله في دكانه، ثم عاد لبيته عصرا، وطلب العنب ليأكله.
فقالت له زوجته: لقد أكلته أنا والأولاد!
فقال: لقد اشتريت كيلوّين، ولم تتركوا لي ولو حبة!
فقام وخرج من البيت، وزوجته تناديه، فلم يستجب، ذهب لأحد سماسرة الأراضي والعقارات، وقال له: أريد أفضل قطعة أرض عندك، فأراه إياها وأعجب بها واشتراها ثم بحث عن مقاول بناء، وقال له: أريدك أن تبني لي مسجدا على هذه الأرض، فأحضر المقاول العمال وبدأوا البناء!
وكانت غيبته عن البيت قد طالت أياماً قليلة، بعدها رجع إلى بيته، فقالت له زوجته: أين كنت؟
قال: الآن أموت وأنا مرتاح البال، إنكم لم تتركوا لي حبة عنب وأنا حي بينكم، فكيف آمنكم بعد موتي؟
والآن عمر هذا المسجد أربعمئة عام".
400 عام وهذا المسجد صدقة جارية لهذا الرجل، لأنه اتخذ من حبات العنب درسا وعبرة.
لقد أبدع العمل الخيري الكويتي اليوم خصوصا في هذا الشهر الكريم.
لقد كنت أرصد أعمال الأفراد واللجان والجمعيات الخيرية الكويتية، وما قامت به السيدة معالي العسعوسي التي تم تكريمها بفوزها ضمن خمسة فائزين قبل أيام بجائزة "صناع الأمل" الإماراتية، وقد كرمها نائب رئيس دولة الإمارات، سمو الشيخ محمد بن راشد، على جهودها الجبارة في صناعة الأمل، والتي تركت حياة الرفاهية والراحة وهاجرت الى اليمن لتقوم بالمعجزات والعمل الشاق الدؤوب لصناعة الأمل للشعب اليمني المنكوب.
لقد سمعت شرحها وهي تتحدث عما فعلته من صناعة الأمل، كم أنت عظيمة، لقد وجدت نفسي قزماً أمام ما قمت به من أعمال خالدة سيسطرها التاريخ كجزء من العمل الخيري المبدع للكويت والشعب الكويتي.
كذلك أبدع في هذه الأيام المباركة الشيخ يحيى العقيلي وفريقة الرائع المبدع عبر جمعية الرحمة العالمية، كانوا فعلاً خير سفراء لبلدهم في شتى أصقاع الأرض في العمل الخيري، أعادوا صناعة الأمل لكثير من الشعوب المنكوبة، ولاشك أنه لولا رعاية سمو أمير البلاد الوالد، أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، لهذه الأعمال الخيرية الجليلة، ولهذا الشباب الرائع المبدع، لما برز العمل الخيري الكويتي بهذا الشكل البديع الجميل، الحمد لله أنني أنتمي لبلد من أفضل البلدان في كل شيء، خصوصا العمل الإنساني البديع، ولا أغمط حق بقية اللجان والجمعيات الخيرية فهم جميعاً خير سفراء لبلدهم الكويت...شكراً لهم جميعاً
يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
الصدقات الجارية للميت أنواع كثيرة: بناء مسجد أو تجديده، أو إعادة تجهيزه بالسجاد وغيره من أعظم الأعمال الجارية، إذ إنّها تتعلّق ببيوت الله. حفر بئر وتعتبر ماء سبيل لله، وهي من أفضل الصدقات لكثرة المنتفعين، فكما روي عن سعد بن عبادة (رضي الله عنه) قال: "قلت يا رسول الله إنّ أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم.
قلت فأيّ الصدقة؟
أفضل: قال سقي الماء"، وفي أيامنا هذه هناك حاجة كبيرة لمثل هذه الصدقة في الكثير من الدول الأفريقية الفقيرة والتي تفتقر لوجود مصادر المياه النقية رغم توفر المياه الجوفية فيها، إذ إنّ سكان هذه الدول لا يمتلكون المال اللازم لحفر مثل هذه الآبار، كذلك توزيع كتيّبات أو أجزاء من القرآن عن روح الميت، أو وضع مصاحف قرآن في المسجد.
ومن الصدقة الجارية ولد صالح يُحسن تربيته، فالابن الصالح والمؤمن الذي يتّصف بالاستقامة والإتزان ويؤدّي الفرائض، هو ولد صالح يصل ثواب عمله لأبويه، فهما من أنشأه هذه التنشئة الصالحة ودعاء واستغفار الأبناء لوالديهم.
زراعة الأشجار، فالأشجار قد يستظل بها الناس، أو يأكلون من ثمرها، وحتّى الطير والدوّاب تستفيد منها. ووضع برادات مياه في المساجد هذه تعتبر أيضاً من ماء السبيل. وكفالة طلاب العلم، وبناء المدارس، والوقف، سواء اكان أرضا أم مشاريع، بحيث يصرف ريعها على الفقراء أو الأيتام أو طلاب العلم.
التبرّع بالأدوات الطبية للمستشفيات، كالأسرّة و الأجهزة الطبية المختلفه، الأمثلة السابقة تعتبر من أكثر أنواع الصدقة الجارية شيوعاً منذ القديم حتّى اليوم.
بعد استعراضنا لأوجه الصدقات المختلفة، فلو أن كل مسلم ترك صدقة جارية بعد رحيله فكم من الفائدة والخير ستعم على المسلمين، وكم من الأجر والثواب سيصل صاحب الصدقة.
فيا أيها الإنسان ماذا قدّمت لنفسك قبل الرحيل، افعله أنت بنفسك ولا تعتمد على أحد من بعدك يفعله نيابة عنك، فقد ينساك أحب الناس إليك، ولو كانوا أولادك.


إمام وخطيب