السبت 05 أكتوبر 2024
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"معبودة الجماهير" ... شادية... دلوعة حالمة وباحثة عن الحب

Time
الثلاثاء 04 أبريل 2023
View
5
السياسة
مذكرات النجوم

* مطرب تركي اكتشفها وأبلغ والدها بأنه يمتلك كنزاً فنياً
* الهمس عن علاقتها بزميلها كمال الشناوي جعله يتزوج أختها
* أنقذت المخرج حلمي رفلة بشيك على بياض فبكى تأثراً
* تألقت في الأغنيات الوطنية فنالت لقب "صوت مصر"
* نجيب محفوظ أشاد بأداء ابنة الطبقة المتوسطة شخصيات رواياته
* أحبت ابن الجيران... واستشهاد خطيبها قلب موازين حياتها


ثنائي مميز مع كمال الشناوي


شادية ومحمود مرسي في أحد الأفلام


عدد خاص عن شادية


برعت في أداء جميع الشخصيات


القاهرة - أحمد أمين عرفات:

في مقدمة كتاب "سيرة شادية" وصفت الكاتبة الصحافية الكبيرة سناء البيسي، المطربة فاطمة أحمد شاكر، وهو اسمها الحقيقي، بأنها الباقية في القلب والأذن، والزهرة التي عاشت في بساتين أصحاب الأقلام والفكر في مصر، فكتب مصطفى أمين، خصيصا لها قصة فيلم "معبودة الجماهير" وشاركها بطولته عبدالحليم حافظ، وتقمصت شخصيات روايات نجيب محفوظ ليقول عنها صاحب "نوبل": مثلت شخصيات رواياتي بأبعادها الكاملة، وجعلت دورها في فيلم "المرأة المجهولة" المأخوذ عن رواية عالمية، أحد علامات السينما المصرية، كما أن تمثيلها في فيلم "شيء من الخوف" خارج على كل تعليق.
بعد هذه المقدمة يبدأ الصحافي سامي كمال، رحلته مع مذكرات الفنانة شادية، التي صال وجال فيها، فنقل للقراء سيرتها الذاتية بعيون أقرب الناس لها، سواء من أقاربها أو أبرز نجوم الوسط الفني ممن اقتربوا منها واقتربت منهم، ليصدر هذا الكتاب بعدها ويحصد الجائزة الأولى من نقابة الصحافيين المصرية، العام 2003، وهو يقول: "شادية وجه السعد"، فاقت فرحتها فرحتي حين حصلت على الجائزة، ليس لأنها عنها، ولكن لأنها كانت تقف إلى جواري وتساندني بالدعاء وما بخلت على بشيء، حتى حين أحدثها بالهاتف أناقشها في أمور عدة لا تبخل بالنصيحة.

علامات النبوغ
يتناول الفصل الأول من سيرتها، مرحلة طفولتها، فيكشف أنها ولدت في حي الحلمية الجديدة بمدينة القاهرة في 8 فبراير 1935، وعندما جاء سن المدرسة ألحقها والدها المهندس الزراعي أحمد كمال شاكر، بمدرسة شبرا للبنات بعد أن انتقل بالأسرة إلى هذا الحي العريق بالقاهرة، في تلك الفترة بدأت تظهر عليها علامات النبوغ ودلائل الموهبة، لدرجة أن معلمتها "أبلة ليلى" كنت تصر على أن تغني في الصف، وأخذتها إلى ناظرة المدرسة لكي تغني أمامها، فتصفق لها وتهنئها.
كان والدها حريصا على الترفيه عنها وعن إخوتها، وبين حين وآخر يصطحبهم إلى الحدائق والمنتزهات، وفي إحدى هذه النزهات كان معهم المغني التركي منير نور الدين، فجدتها لأمها تركية، كما أن والدها كان يحبه جدا، فمالت فاطمة على أذن عمتها، وقالت لها إنها تريد أن تغني، وهنا أقنعت عمتها الوالد أن يترك ابنته تغني، فقامت بأداء أغنية ليلي مراد "بتبص لي كده ليه"، وما ان استمع لها المطرب منير نور الدين، حتى قام بتقبيلها، وأخبر والدها بأنه يمتلك كنزاً فنياً، ويجب أن يتركها تغزو الغناء والتمثيل، لأنها ستنجح فيهما بسرعة، إذ كانت تمثل وهي تغني.
هنا أدرك والدها أن لابنته صوتا أخاذا، فأتى لها بمدرس موسيقى يدعى محمود ناصر، يعلمها أصول الغناء والموسيقى، وبعد ان حصلت شادية، التي كانت الأسرة تدللها باسم "فتوش" على الشهادة الابتدائية، قدمها معلم الموسيقى إلى المخرج أحمد بدرخان، لكي يفتح لها مجال العمل في التمثيل أو الغناء من خلال أفلامه، خصوصا أن أختها الكبرى غير الشقيقة عفاف، كانت في ذلك الوقت بدأت العمل بالتمثيل.
في "ستديو مصر" غنت شادية، أمام بدرخان "بتبص لي كده ليه" للمطربة ليلى مراد وأغنية "أيها النائم" لأسمهان، فأعجب بها بدرخان وسارع بالاتفاق مع والدها ووقع معه عقدا، وكتب شهادتها كممثلة ومطربة بعد أن أجرى لها اختبار كاميرا نجحت فيه بامتیاز، إلا أنها ظلت لفترة دون مشاركة في أي عمل، إلى أن التقت المخرج حسين حلمي المهندس، الذي أتاح لها فرصة الإطلالة لمرة واحدة في فيلمه "أزهار وأشواك"، ولم يكن دورا بقدر ما كان اختبار كاميرا لها، لكنه أبقى عليه عندما وجد أن وجهها حاضنا للكاميرا رغم أنها لم تنطق بكلمة فيه، وقد لعب بطولة الفيلم مديحة يسري ويحيى شاهين.
رغم أن الفيلم كان عابرا ولم يترك بصمة، إلا أنه كان سببا في رؤية المخرج حلمي رفلة لها، فاتفق مع والدها على أن تعمل في فيلم "العقل في إجازة"، أمام محمد فوزي وليلى فوزي، كان عمر شادية، في ذلك الوقت ثلاثة عشرة عاما، وعندما شاهدها فوزي أبدى ترحيبا كبيرا بها، لأن خامة صوتها جيدة وقريبة منه في لونه، فأخذ يدربها ويلقنها الألحان، وكانت أول أغنية لها في الفيلم من تلحينه هي "صباح الخير"، ونجحت التجربة التي قال عنها حلمي رفلة في حوار له بمجلة "روز اليوسف" العام 1999: "إذا كانت لي أخطاء كثيرة في السينما، فيشفع لي أني قدمت للسينما المصرية شادية، الإنسانة الوفية لأصدقائها"، ويمضي موضحاً: "حدث في إحدى السنوات أن رفضت لي الرقابة فيلما، ومنعت عرضه بالداخل والخارج، وتعرضت لخسارة قدرها 40 ألف جنيه، وكنت في حالة سيئة، إلى أن قابلتني شادية، في مصعد العمارة التي نسكن فيها معا، وقدمت لي شيكا على بياض، وقالت لي ضع المبلغ الذي تريده فيه، فبكيت بشدة لوفائها الكبير، وكلما تذكرت هذا الموقف تدمع عيناي لأنها أنقذتني".

"عش الغرام"
نجح فيلم "العقل في إجازة "، فلفت الانتباه بشدة لها كمراهقة خفيفة الظل، شقية، دلوعة، فلم تخرج أدوارها في السينما عن هذا الإطار، حيث قدمت أدوار الفتاة الحالمة والباحثة عن الحب وابنة الطبقة المتوسطة، واستمر هذا معها حتى نهاية الخمسينيات، ومن أهم أعمالها في تلك الفترة "حمامة السلام، ليلة الحنة، في الهوا سوا، وداع في الفجر، حياتي إنت، بين قلبين، قلوب العذاري، عش الغرام" وكلها مع كمال الشناوي بصورة أثارت حولهما الشائعات بأن هناك قصة حب تجمعهما، لكن الجميع فوجئ بزواج الشناوي من أختها عفاف.
سارت شادية، في الطريق الذي رسمه لها محمد فوزي بمواصلتها تقديم الأغاني الخفيفة، فزاد بريقها، وأصبحت فتاة أحلام المراهقين، ومع الوقت صارت نجمة شباك، وأقبل الجمهور على أفلامها وأغنياتها، ثم حدث التحول الكبير في مصر بقيام ثورة يوليو 1952، وتولي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قيادة البلد، فإذا بالفتاة صاحبة الأغنيات الخفيفة تشدو ويغني معها وطنها "يا بنت بلدي زعيمنا قال: قومي وجاهدي ويا الرجال"، وبعدها توالت أغنياتها الوطنية مثل "یا مسافر بور سعيد" و"كلنا عرب"، بعد العدوان الثلاثي 1956، و"يا حبيبتي يا مصر" التي غنتها أثناء حرب الاستنزاف و"الدرس انتهى لموا الكراريس" بعد ضرب مدرسة بحر البقر الابتدائية، وغيرها من الأغاني الوطنية التي جعلت الكثيرين يطلقون عليها "صوت مصر"، ولم يقتصر الأمر على الغناء، بل حدث التحول بتقديم أعمال وطنية في السينما منها أفلام "يسقط الاستعمار، بشرة خير، لسانك حصانك".
كما ازدادت شادية، لمعانا وبريقا ونجومية إزاء تحول آخر في حياتها، بتقديمها فيلم "ليلة من عمري" إخراج عاطف سالم، وهو مقتبس من فيلم إيطالي بعنوان "مرارة الأرز"، ومن بعده فيلم "شاطئ الذكريات" لعز الدين ذو الفقار، ثم فيلم "المرأة المجهولة" لمحمود ذو الفقار، الذي لاقى نجاحا كبيرا، حيث أدت شادية الدور ببراعة شديدة، لدرجة أن والدتها حين جاءت إلى الستديو أثناء التصوير لم تعرف ابنتها التي تحولت بالماكياج إلى عجوز منكسرة، ثم قدمت مع عمر الشريف فيلم "لوعة الحب" لتحلق به في سماء الرومانسية، التي أصبحت من أبرز نجومها، فلا أحد يستطيع أن يسقط من ذاكرته دورها في فيلم "أغلى من حياتي" مع صلاح ذو الفقار، الذي تردد أنها كانت تعيش معه نفس المأساة في الواقع.

"زقاق المدق"
تعد الفترة التي قدمت فيها شادية، أعمال نجيب محفوظ هي الأكثر عمقا ونضجا في مشوارها، والأكثر تعبيرا عن المراحل التي مرت بها مصر، والتي جسدتها من خلال شخصيات "حميدة" في "زقاق المدق" لحسن الإمام، و"نور" في "اللص والكلاب" لكمال الشيخ و"كريمة" في "الطريق" لحسام الدين مصطفى و"زهرة" في "ميرامار" لكمال الشيخ.
ودفاعا عن حقوق المرأة وإثبات وجودها في المجتمع وأنه من حقها أن تأخذ دورها، قدمت "مراتي مدير عام" و"كرامة زوجتي"، أيضا هناك مرحلة الأفلام الكوميدية التي قدمت فيها "الزوجة 13، عفريت مراتي، نص ساعة جوار، امرأة عاشقة".
لم تكن شادية، خلال رحلتها تصنع نفسها فحسب، بل دوما كانت تقف إلى جوار الجميع وتساعدهم، فقدمت الملحن خالد الأمير في ثاني لحن له وهو شاب في مقتبل حياته، كذلك الملحن إبراهيم رأفت والشاعر صلاح فايز، بل إن أغنية هاني شاكر "كده برضه يا قمر" التي لحنها خالد الأمير كانت ستغنيها شادية في إحدى الحفلات وأعطتها لهاني شاكر ووفرت عليه العديد من الأعباء المادية، كذلك قدمت نجوما كبارا مثل محمود ياسين وصلاح قابيل ويوسف شعبان في أعمالها مثل "المعجزة وزقاق المدق" وغيرهما.

الحب الحقيقي
تحتل قصص الحب والزواج في حياة شادية، مساحة كبيرة في سيرتها، بداية من الحب الأول الذي عاشته وعمرها 13 سنة مع ابن الجيران، وانتهى كما بدأ بتهامس العيون فقط. أما الحب الحقيقي في حياتها، فقد عاشته وعمرها سبعة عشرة عاما، حين دعيت لتغني في حفل زواج أحد الجيران، وعن هذا الحب تقول شادية: وقفت لأغني "غلبت أصالح في روحي" لأم كلثوم، ووقعت عيناي على شاب أسمر وسيم، وأحسست أن نظراته اخترقت قلبي، وبعد انتهاء حفل الزواج فوجئت به يتقدم نحوي ويهنئني، ويمتدحني وعبر عن إعجابه بصوتي بكلمات رقيقة قليلة، لم نتكلم كثيرا وافترقنا بسرعة، ولم أنم في تلك الليلة، فصورة الشاب الأسمر لم تفارق عقلي أبدا، إني لا أعرف عنه شيئا، بل ولا أعرف حتى اسمه، من هو؟ وأين يعمل؟ وأين يقيم؟ وهل يبادلني هذا الإعجاب؟ أم أنه فقط إعجاب بصري؟ وهل سأراه مرة أخرى؟، وكيف؟ وبقيت أياما حائرة، حتى جاءني أول خطاب منه، وعرفت من خطابه أنه طالب بالسنة الأخيرة بالكلية الحربية وأن هذا الخطاب قادم من الصعيد، حيث يعيش مع أسرته وكان خطابا رائعا مليئا بالمشاعر الرقيقة، شعرت بالراحة والسعادة لأنه يبادلني نفس المشاعر، وجاء القاهرة مرة أخرى والتقيت به وسلمته كل خطاباته التي كانت تصلني بعد ذلك في صندوق بريد إحدى صديقاتي، ورأيت القلق على وجهه عندما مددت يدي لأسلمه كل الخطابات التي أرسلها لي، لكني قلت له إن هذا إجراء وقائي يحميني، فأنا أخشى أن يكتشف أهلى أمر ومكان هذه الخطابات العاطفية، لأن إخفاءها يعتبر مشكلة كبير بالنسبة لي، وفهم ما أقصده ولم يغضب، وقال لي أنه لا يريد أن يكون سببا في مضايقتي، فهدفه الوحيد إسعادي. كانت مشاعري نحوه قوية وعنيفة جدا لدرجة أنني كنت أخشى أن يعرف أهلي كل شيء من عيني الحائرتين وتصرفاتي المرتبكة وشرودي الدائم وصمتي الطويل. تواصل شادية قصة حبها: "فوجئت بخطاب جديد منه، لكنه ليس لي أنا، بل لوالدي، ماذا يقول في هذا الخطاب، هل سيفشي قصة حبنا؟ وماذا سيكون موقفي أمام والدي الذي أحبه وأحترمه وأطيعه، إنه ليس شابا طائشا بل هو إنسان عاقل، فلماذا يتسرع بإرسال هذا الخطاب؟ وعرفت أنه يطلب يدي، يريدني زوجة له. وكان ذلك آخر خطاب تسلمته منه في حياتي، لدرجة أني مازلت أحتفظ به ولم أفرط فيه طيلة هذه السنين، وفيه يقدم نفسه لوالدي، يقول له كل شيء عن نفسه بصراحة، ويطلب تحديد موعد معه للاتفاق على كل شيء وجاءني أبي وهو يحمل الخطاب، ولم يكن في حاجة لأن يحاول إقناعي، فقد كنت مقتنعة جدا بذلك الشاب "الصعيدي" الأسمر الوسيم الذي كان أول حب حقيقي في حياتي. ازداد حبي له وأصبح غراما مشتعلا، وفي اليوم الذي تخرج فيه في الكلية الحربية وضع دبلة الخطوبة حول إصبعي وقال لي: لا أحب أن تستمري في الغناء، ولا أريدك أن تظهري مرة أخرى على الشاشة، فأنت ملكي أنا وحدي، أريدك شريكة حياتي، ولم أعترض، أنا التي رفضت من قبل رجلين خوفا من أن يبعدني الزواج عن الفن الذي أحبه، لكن لم أقدر على الاعتراض أمام حبيبي "الصعيدي" الوسيم، هززت رأسي موافقة وأنا مسحورة به وبكلماته، رغم أن هذه الكلمات ستحرمني من عملي الفني الذي أعيش من أجله، ولم أناقشه أبدا في قراره بإبعادي عن الغناء والشاشة، كنت مستعدة لأن أفعل أي شيء من أجله، فكل ما يسعده يسعدني، وكل ما يرضيه يرضيني، أريد فقط أن أعيش معه حتى إن كان ذلك في كوخ، أريد أن أكون دائما إلى جواره حتى لو حرمني ذلك من تحقيق أكبر آمالي الفنية التي بدأت أقترب منها.

حلم السعادة
تستكمل شادية رحلتها مع هذا الحب فتقول: "السعادة عمرها قصير جدا، كأنها حلم رائع لابد أن أفيق وأصحو منه فجأة، فقد حدث استدعاء حبيبي للدفاع عن الوطن والاشتراك في حرب فلسطين العام 1948 وكان يوما عصيبا قاتما حين جاء ليودعني وهو يرتدي ملابسه العسكرية، وكأن قلبي كان يشعر بالذي سيحدث، لا أعرف لماذا أحسست أن هذا هو آخر لقاء بيننا ولن أراه بعد الآن، وحبست الدموع في عيني حتى غاب عني، وظللت أبكي بكاء متواصلا، وصدقت مشاعري، لقد ذهب ولم يعد أبدا، استشهد في ميدان القتال، سقط حبيبي شهيدا، واسمي يلتف حول إصبعه في دبلة الخطوبة. وتحطمت كل أحلامي، شعرت بأن قلبي تمزق وبأنه ينزف دما، فقدت أي شعور بالحياة والناس من حولي، فبدونه ليس للحياة معنى، لأنه كان حياتي نفسها، وظللت أياما طويلة لا أنام وشريط الذكريات يملأ عقلي منذ أول لقاء لنا، يوم أن غنيت أمامه في حفل الزواج، حتى آخر لقاء يوم أن ودعته وهو ذاهب لميدان القتال. وعن تأثير موته عليها تقول "إذا نمت أرى منظرا بشعا، صورته وهو يقتل بالأسلحة الفاسدة التي كان يحارب بها، أصرخ مفزوعة، ولولا حنان أبي وعطف أمي، ولولا وقوف أهلي إلى جانبي في محنتي، لكانت حياتي نفسها قد انتهت، وتحول صدر أمي الحنون إلى بحر من الدموع، دموعي الحزينة على حبيبي الذي ذهب ولم يعد، لقد قتلوا حبيبي، ذهب ضحية في حرب الخيانة والأسلحة الفاسدة، وكرهت قصر عابدين وكل الذين أرسلوه إلى هذه الحرب، ليموت ضحية قراراتهم الطائشة، وحتى الآن كلما مررت بحي عابدين وكلما اقتربت من قصر عابدين أشعر بانقباض شديد، وأشعر بأن جرح قلبي القديم يؤلمني، ذلك الحب الحقيقي في حياتي، وما زلت أذكر حبيبي الشهيد، لو كان قد عاش لكانت حياتي كلها تغيرت، ولكنت زوجة سعيدة وأما لأربعة أو خمسة أطفال، وكلما شعرت بالضيق وبالوحدة، أسرع إلى جهاز التسجيل أستمع إلى صوته، إلى شريط التسجيل الذي كنت سجلت عليه حديثا دار بيننا، أسمعه وأسمع نفسي وأنا أتحدث معه، فأتخلص من كل مشاعر الضيق والوحدة لأنني عشت مع الذكريات الغالية، وأيام السعادة القليلة في حياتي".
"يتبع"
آخر الأخبار