منوعات
معركة "القادسية"... الانتصار الحاسم على الفرس وأفيالهم
الأحد 17 أبريل 2022
50
السياسة
"رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رسموا بجهادهم وصبرهم معالم الحضارة الإسلامية، فتحوا البلدان، ونشروا الإسلام، وأقاموا العمران، فسجَّل التاريخُ جهادَهم وكفاحَهم بحروفٍ من ذهب، وأصبحوا قدوة ومثلاً لكلِّ من يأتي بعدهم".كتبت – نورا حافظبدأت الفتوحات الإسلامية في عهد خليفة رسول الله أبي بكر الصديق، وتوالت في زمن خلفائه وكان هدفها نشر الإسلام وتمهيد البيئة الحاضنة له، وحماية المسلمين، وكف أذى المعادين لنشر هذا الدين، الذين ظنوا أن المسلمين يطلبون أرضهم ابتغاء عرض الدنيا وهم في الواقع يبتغون الآخرة، فلم يشهروا سيفا سوى في وجه المعتدين، وكان من أشد أعداء نشر الإسلام دولة الفرس. انتهت خلافة أبي بكر وبدأت خلافة عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما- وأمر العراق لم يحسم بعد، ومازال الفرس مسيطرين على أواصل الدولة رغم المعارك الكثيرة التى خاضها المسلمون ضدهم، وضد حلفائهم من القبائل العربية الموالية لهم، وانتصروا فيها ومنها معركة "البويب" ويقال لها أيضا "النخيلة" بقيادة المثنى بن حارثة الذي كتب إلى عمر بن الخطاب بحتمية الحشد، فقد بلغه أن" يزدجرد" -إمبراطور الفرس -يجمع جيشا عظيما لدحر المسلمين بعد أن تكررت هزائمه، وأن ثمة تحالفا بين الدولة الساسانية الفارسية والروم برغم العداوة التاريخية بينهما لوقف المد الإسلامي حرصا على عروشهم، فكان لزاما أن يدخل المسلمون في معركة حاسمة تخضع العراق لهم، وتعيد الطريق لفتح بلاد فارس كاملة. لم يكن الأمر سهلا، فالفرس لديهم جيش نظامي ضخم العدد جبل على القتال والكر والفر، وهم الدارسون لجغرافية المنطقة وكذلك ما يتفردون به من أسلحة إضافة إلى استخدامهم الأفيال في الحروب، وهو ما لا يجيد العرب التعامل معه، فضلا عن استماتتهم في الحفاظ على العراق لما يمثله لهم من أهمية اقتصادية وسياسية فهو طريق التجارة القادمة إليهم وكذلك الاستفادة من ثرواته، إضافة الى ما يمثله خضوع أراض خارج مملكتهم من إحكام السيطرة والمنافسة على قيادة العالم مع عدوتهم اللدود دولة الروم.تولى"سعد بن أبي وقاص" قيادة جيش المسلمين بأمر من"عمر بن الخطاب" ودارت المعركة على أرض العراق، تحديدا في القادسية عام 15هـ، حيث أقام سعد بقصر قديم يمكنه من الأشراف على جيشه، فقد منعه المرض من المشاركة في المعركة وجعل على الجيش خالد بن عرفطة العذري، والذي رفضه البعض مما دفع "سعد" إلى حبسهم حتى لا تحدث فتنة بين الصفوف. في المقابل كان "رستم فرخزاد" قائد جيش الفرس يعبر نهر العتيق بنحو 120 ألف مقاتل ليقابل به جيش المسلمين الذي كان قوامه نحو 30 ألف مقاتل، ولم يكن يفصل بين الجيشين سوى مسافة قصيرة. جرت مفاوضات بين المسلمين والفرس، أصر فيها المسلمون على واحدة من ثلاث الإسلام أو الجزية أو الحرب، لكن المفاوضات باءت بالفشل، فكان الحل العسكري. في اليوم الأول من الحرب الذي سمي بـ (يوم أرماث) واجه الطرفان قتالا عنيفا ودفع الفرس عشرين فيلا- في أغلب الروايات-في المقدمة ففرت منهم الخيل، ولم يفلح ثبات الفرسان في السيطرة عليها أو إجبارها على القتال، فتولت كتائب من بني أسد أمر الفيلة بجعل كل عشرين رجلا يصدون الفيلة في مشهد بطولي نادر سالت فيه دماؤهم الزكية وتنافسوا إلى الشهادة. انتهى اليوم الأول باحتواء بعض خطر الفيلة، في اليوم الثاني الذي سمي بـ(يوم أغواث) لم تدخل الفيلة المعركة، وفيه وصل مدد من الشام عليه "القعقاع بن عمرو" فالتحم مباشرة في القتال واستمرت المعركة قاسية. في اليوم الثالث "يوم عماس" استجمع سعد قوة رجاله وأمر القعقاع وجنده أن يكفوهم أمر الفيلة، لشدة بأسهم وحسن بلائهم في أقسى المعارك وأشرسها، وكان الفرس قد أعادوا تجهيز الفيلة بعد إراحتها في اليوم الثاني للقتال، فاستدبر القعقاع ورجاله الفيلة وقطعوا السيور التى تحمل التوابيت وقتلوا من يمتطيها من الفرس فتشتت، فأوقع المسلمون بالفرس هزيمة عسكرية ونفسية حين قهروا الفيلة، وكُفي المسلمون شرها.فى اليوم الرابع"يوم القادسية" استمرت المعركة الشرسة وقد خارت قوى الفرس، ثم اكتمل الأمر حين ظفر هلال بن علقمة برستم قائدهم وقتله، لتنتهي المعركة وقد استشهد من المسلمين نحو 8500 مقاتل وقتل من الفرس نحو 50 ألف مقاتل وتشرد جيشهم ولم يفلح في الوصول إلى المدائن -عاصمة الفرس- سوى القليل.