ربما الاحتجاج الاكثر صدقاً عما تتعرض له حرية الرأي والتعبير، خصوصاً صناعة الكتاب، ما استيقظت عليه الكويت، صباح أمس، في ما عرف مجازاً بـ "مقبرة الكتب" التي أقامتها مجموعة من الفنانين والمعترضين على التعسف الرقابي اللافت للنظر هذا العام، والذي فاق الأعوام السابقة، بعد منع نحو 850 كتاباً من العرض في الدورة الـ 43 لمعرض الكويت الدولي للكتاب.ففي حركة الاحتجاج غير المسبوقة، عمل الفنان محمد شرف بالتعاون مع مجموعة من الفنانين على إقامة نصب لقبور، خطت على شاهداتها أسماء الكتب الممنوعة، وفاق عددها العشرات.تعبير شرف عن رفضه لسياسة الرقابة على الكتب أقيم في محيط معرض الكتاب بمنطقة مشرف، غير أن الجهات المعنية لم تتحمل هذا التعبير الراقي فأقدمت على نزع النصب بعد نحو ساعتين من بدء العمل في المعرض. "مقبرة الكتب" موجهة ضد الرقابة المسلطة من وزارة الإعلام على الأعمال الأدبية، كانت شكلاً تشبه إلى حد كبير المقابر التي يدفن فيها الناس، لكنها بدلاً من أن تحتوي على أجساد ورفات البشر اقتصرت على شواهد قبور كتبت عليها أسماء الكتب والروايات الممنوعة.وقد تقدَّمها نصب بعنوان "منع في الكويت"، وتفاعلا مع القضية تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للمقبرة التعبيرية، فيما تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لرقابة وزارة الإعلام ومنعها لبعض الكتب.وتعليقاً على ذلك، قال مدير معرض الكتاب سعد العنزي في تصريح إلى "السياسة": إن "حركة الاحتجاج هذه كانت تعبيراً عن الرأي وهي تدخل ضمن حرية الرأي والتعبير".أضاف: "المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب هو مجرد منظم للمعرض، ولا علاقة له بالكتب المجازة أو الممنوعة، وكان الأجدر أن يضع محمد شرف وزملاؤه الفنانون الذين شاركوا في هذه الحركة شواهد القبور مقابل مجلس الأمة، لأنه الجهة المشرعة للقوانين، أو أمام وزارة الإعلام التي هي الجهة المعنية بفسح أو منع الكتب والمطبوعات".وختم قائلا: "إن إدارة معرض الكتاب لا علاقة لها بالأمر، ولم تطلب منها أي جهة ترخيصاً لهذا النشاط".
