الأربعاء 02 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

ملاحظات حول الاقتراح بقانون بإنشاء هيئة الفتوى والتشريع

Time
الثلاثاء 04 يوليو 2023
View
12
السياسة
د.كاظم بوعباس

بداية ينبغي الاقرار ان الفتوى والتشريع هي جهاز يتولى اختصاصات قانونية مهمة، ولا غنى للجهات الحكومية عن طلب رأي، او الدفاع عن الحكومة امام المحاكم، في الداخل والخارج فضلا عن مراجعة عقود الدولة، وهو اختصاص ملزم للجهات الحكومية.
من هذا المنطلق فقد قدم اكثر من مشروع قانون لتطوير الجهاز، ولم يلق النور، الى ان تقدم خمسة اعضاء باقتراح بقانون بانشاء هيئة الفتوى والتشريع، وهو موضوع هذه المقالة.
وهذه ملاحظات نراها لازمة ومهمة لتصويب نصوص القانون واخراجه بالشكل اللائق، لكي لاتصطدم مع جهات اخرى كما حصل عند صدور المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1977 من خلاف في وجهات النظر بين وزيري العدل ووزير الدولة للشؤون القانونية انذاك! وما ورد بالمذكرة الايضاحية لهذا المرسوم بالقانون كاف للرد على اي شبهات قد تثور هنا وهناك.
واول ما يلفت الانتباه المادة الاولى الخاصة بتعريف الهيئة بانها ذات طبيعة قضائية، وهذه عبارة او مصطلح غريب، لا يتناسب مع بقية المواد الواردة بالمشروع، ونرى استبدالها بعبارة ذات اختصاص قضائي، تلحق بوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وليس لمجلس الوزراء. ذلك ان الالحاق بالوزيرلا للجهة ما دامت هيئة مستقلة، وجميع الهيئات المستقلة هي كذلك.
واستند النص على المادة 170 من الدستور، وهذا صحيح، لكن الصاق المادة 171بالمشروع في غير محله، وليس له ما يبرره، فالمادة 171 خاصة بجواز انشاء مجلس دولة مستقبلا!
ثانيا: يجب بيان مؤهلات من يتولى رئاسة الهيئة بان يكون حاصلا على درجة الدكتوراة او الماجستير في القانون او الحقوق، وتكون لديه خبرة طويلة في هذا المجال، فهو يتولى جهازا ذا اختصاصات قضائية مهمة، وبالتالي يجب ان يكون لديه ثقافة قانونية خاصة تؤهله لشغل هذا المنصب، وان تكون مدة ولايته اربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ومن المفيد في هذا الصدد ان الادارة ومنذ انشائها في عام 1960 تولى رئاستها اثنان من كبار رجال القانون والفقه، هما استاذنا الدكتور عبدالرزاق السنهوري، واستاذنا الدكتور وحيد رأفت، وهما فقيهان كبارالاول في القانون الخاص، والثاني في القانون العام.
والأمر ذاته بالنسبة للنواب، مع التقيد بالاقدمية، اذا كانت من داخل الهيئة، والا ينص عليها هكذا دون مسوغ، والا اصبحت مجالا للتدخلات والمحسوبية.
ثالثا: خاص بتمثيل الامين العام لمجلس الوزراء ضمن المجلس الاعلى، فوجوده غير مبرر، فهي جهة مستقلة، ووجوده لن يضفي عليها الصفة القضائية، بل تحسب على السلطة التنفيذية، وهذا غير ما يقصده مقدمو الاقتراح!
رابعا: اذا كان رئيس الهيئة يتقاضى راتب وزير فهو يعادل درجة رئيس مجلس القضاء اذ ان المقترح ساوى في المزايا اعضاء الهيئة مع اعضاء النيابة، والنيابة كما هو معلوم يرأسها النائب العام، ودرجته الوظيفية تعادل رئيس محكمة استئناف، ورئيس الفتوى والتشريع كما ورد بجدول مرتبات القضاة والنيابة والفتوى والتشريع بالمرسوم بالقانون 14 سنة 1977، ولا يزال معمولا به واحال اليه المقترح يعادل النائب العام، ورئيس محكمة الاستئناف في المزايا، وليس اكثر، وبالتالي كان على مقدمي الاقتراح الالتفات الى ذلك، وكان الاصوب مساواتهم بالقضاة وليس باعضاء النيابة.
وحول الاقتراح بتعيين امين عام للهيئة من بين مستشاريها، نرى ان يتم ذلك بالانتخاب من اعضاء الهيئة وموظفيها الاداريين، ولا يترك التعيين لهوى او محاباة ولمدة محددة!
وخامسا: ما يتعلق بوجود ممثلين للهيئة في السفارات، فما شروط من يشغل هذه الوظيفة ودرجته ومستواه العلمي والعملي، وستكون الوظيفة مدعاة للتنافس المحموم فضلا عن ان لوزارة الخارجية ادارة قانونية، ولها ان تتابع ما يشكل عليها مع الهيئة، كما يجري عليه العمل، فالنص تكلف غير مجدٍ وغير واقعي!
وردت في المادة 20 عبارة "المحاكم على اختلاف انواعها"، وهذا العبارة لم تستخدم في قانون القضاء، انما المستخدم عبارة ترتيب المحاكم وتنظيمها، فينبغي التنبيه الى الصياغة القانونية والمصطلحات، والامر ذاته ما ورد بالمادة السادسة في بيان شروط المعين ان يكون حاصلا على اجازة الحقوق، والصواب الحصول على اجازة القانون او الحقوق، فالاكتفاء بمسمى الحقوق قد يخلق لبساً في المستقبل، ولا ندري ما تخبئه الايام.
وقد ورد بالمشروع موضوع الاستعانة من الجهات القانونية من البلاد العربية والاجنبية، واذا كان ذلك ما درجت عليه الادارة والقضاء، فاتصور انه آن الاوان ان تعتمد الهيئة على مواطنيها، كما هي الحال في ادارة التحقيقات. ولا ادري المبرر للاستعانة بخبراء اجانب، ولم يسبق للادارة ان استعانت باحد فضلا عن التكلفة المالية لهؤلاء!
بقيت كلمة اخيرة، وهي انه بعد 60 عاما على انشاء هذه الادارة باختصاصين رئيسين هما تقديم الرأي القانوني، وصياغة التشريع، ما يصطلح عليه القسم الاستشاري، وهناك القسم الخاص بالدفاع امام المحاكم، واذا كانت الظروف، انذاك، لا تستدعي انشاء اكثر من جهاز، فقد ان الاوان لفصل الفتوى والتشريع عن قضايا الدولة في هيئتين مستقلتين بالمزايا نفسها، وفيه فائدة لتعيين خريجي كليات القانون، وان يكون هناك مدة زمنية للقبول، والله الموفق.

مستشار ووكيل الفتوى والتشريع السابق
آخر الأخبار