مناطق رمادية بين الحق والباطل

د. خالد عايد الجنفاوي

يشير مصطلح "الحق" في هذه المقالة الى كل ما هو ضد الباطل، وهو كل ما بني على الصوابين الأخلاقي والمنطقي، ولا سيما ما ينبع من شمولية الأخلاق الإنسانية، وينتج الحق بسبب ترجيح الانسان للمبادئ الأخلاقية السويّة على الأقوال والسلوكيات الباطلة.
وربما يظن بعض المعوجين فكريًّا والمضطربين أخلاقيًّا بأنه ربما
توجد أحيانًا "مناطق رمادية" يختلط فيها الحق بالباطل تسمح لهم
بتبرير وتسويغ أقوالهم وتصرفاتهم اللاأخلاقية، ولكن يفترض على
المرء السوي نفسيًّا والمستقيم أخلاقيًّا أن يتفادى الوقوع فيها، ومن
بعض المناطق الرمادية المزعومة والمشكوك أخلاقيًّا في صحّتها،
وما لا يمكن أن تصمد أمام التمحيص العقلاني والأخلاقي السليم، نذكر ما يلي:
- تبرير أكل المال الحرام: لا يمكن تبرير أو عقلنة أو الإبراء الذاتي من إثم أكل المال الحرام - ما أخذه الانسان من صاحبه ظلمًا، أو برضى الضحية مع غشه، والرشوة، أو ما أتى بالتحايل، وما استولي عليه من المال العام، وأكل مال اليتيم أو المعتوه طبيًّا، وما أتى نتيجة التسيّب الوظيفي- فكل ما سبق هو حرام باطنًا وظاهرًا.
-خيانة الوطن: لا توجد في عقول وقلوب الوطنيين الصادقين المخلصين مناطق رمادية حول حتمية الإيفاء بمسؤوليات الولاء والانتماء والإخلاص للوطن في السلم والحرب، ومن يسعى لتبرير خيانته لوطنه بأي شكل من الأشكال، إما أنه شخص مُتغابٍ، أو لم يوجد في قلبه أصلاً إخلاص وولاء للوطن.
-الغدر: يمكن قبول غدر الزّمان بالإنسان، ولكن لا يمكن تبرير غدر الإنسان بأخيه الإنسان.
-التزوير وظلم الناس: تزوير الوثائق الرسمية بهدف الحصول على ما لا يستحقه الانسان وفقًا للشرع وللقانون، أو لبخس الناس حقوقهم أو لغشّهم أعذار رمادية أقبح من ذنوب التزوير.
- النَّميمَة: المنطقة الرمادية المزعومة فيما يرتبط بممارسة النميمة ترتكز على قولبتها زورًا بأنها موضوع مقبول لتبادل الأحاديث مع
الأصدقاء والأقارب والمعارف عن شخص أو أشخاص غائبين، "وَلَا
يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ" (الحجرات 12)، رفعت الأقلام وجفّت الصحف.

كاتب كويتي