السبت 28 سبتمبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منع السفر… استثناء
play icon
الأولى

منع السفر… استثناء

Time
الأربعاء 30 أغسطس 2023
View
1097
السياسة

في حزمة أحكام متواترة… القضاء الكويتي الشامخ يصدح بالحق ويُعلنها قوية مُدوِّية

جابر الحمود

سطَّرت محكمة التمييز، يوم الاثنين الماضي، حكما يُكتب بماء الذهب، انتصرت فيه للحريات إجمالا ولحرية التنقل والسفر على وجه الخصوص، لا سيما وقد حصنها الدستور وأحاطها بسياج متين في المادة (31) التي نصت على أنه "لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد اقامته أو تقييد حريته في الاقامة والتنقل الا وفق أحكام القانون". كما حصنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي انضمت اليه الكويت في 1996 في المادة (12) التي نصت على أن "لكل فرد الحق في حرية التنقل واختيار مكان إقامته، وحرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، ولا يجوز تقييد الحقوق المذكورة بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون".
في حكمها "التاريخي"، ألغت المحكمة قرار سحب جواز سفر مواطن، وأكدت انه "لا يجوز تقييد الحريات عموما وحرية السفر على وجه الخصوص وليس من حق جهات الدولة المعنية اطالة امد حرمان المواطن من حق التنقل والترحال".
وشددت "التمييز" على أن "الحق في التنقل من الحقوق الاساسية التي نص عليها الدستور وكفلها للمواطنين"، مؤكدة ان "الحريات ركيزة لاستقرار البلاد ويجب تكريسها وعدم التعدي عليها باي صورة او اجراء، فالمساس بحرية المواطنين يعد تجاوزا على الدستور".
الحكم السابق لم يكن الأول للمحكمة بهذا الخصوص، ففي حكم لها قبل عام، أكدت المحكمة (الدائرة المدنية) ـ في دعوى لرفع منع السفر ــ ان "كبر حجم المديونية لا يعد بذاته سببا جديا للفرار من الدين".
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها ـ التي حصلت "السياسة" عليها ـ ان الثابت في الاوراق ان الطاعن قام بتقسيط المديونية المستحقة عليه لصالح المطعون ضده وانتظم في سدادها وايداعها لدى ادارة التنفيذ، ما يدل على رغبته في الوفاء بالدين، فضلا عن ان المطعون ضده وهو المكلف بالاثبات قانونا لم يقدم دليلا جديا على يسار الطاعن او مظنة فراره من الدين، وان مجرد طلب الغاء امر المنع من السفر لا يستدل منه على يسار او ملاءة الطاعن او مظنة فراره من سداد الدين، وان كبر حجم المديونية لا يعد بذاته سببا جديا للفرار من الدين ومن ثم يكون الامر بالمنع من السفر فقد احد شروطه المقررة قانونا".
وأضافت: ان "تقدير موجبات اصدار منع المدين من السفر واسباب التظلم منه من الامور التي يستقل بها القاضي ومن بعده المحكمة بغير معقب، الا انه يشترط ان يكون استظهار توافر شروط الامر بالمنع من السفر باسباب سائغة لها اصلها الثابت بالاوراق وتكفي لحمل الحكم، كما ان امر المنع من السفر ليس عقوبة او اكراها لمواجهة مماطلة المدين، ولما كانت الضرورة التي فرضت على المشرع تقدير ذلك الاستثناء انما تقدر بقدرها دون التوسع في تفسيره او القياس عليه وهو ما حدا بالمشرع ادراكا لخطورة هذه الاجراء وحتى لا يكون سلاحا مصلتا على المدين أحاطه بسياج من القواعد والاحكام التي تفرض على من ابتغى اللجوء اليه الالتزام بها ان قيده بشروط موجبة لاصداره".
وفي 2016، أكدت المحكمة ذاتها في حكم بارز لها عدم سلامة الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الجنائية بتقرير منع السفر للمحكومين في القضايا، باعتباره أحد التدابير اللازمة لوضعه بحسن السير والسلوك. وقالت في حيثيات حكمها إن "حرية الفرد في السفر والتنقل حق دستوري لا يجوز المساس به إلا على سبيل الاستثناء، ووفقاً لأحكام القانون".
وفي 2017، ألزمت محكمة الاستئناف وزارة الداخلية ومدير ادارة التحقيقات بتعويض مواطن 3000 دينار بعد منعه من السفر بطريق الخطأ في جنحة خرجت من ولايتها.
واكدت "الاستئناف" في حيثياتها أن "المحقق تعسف بوضع منع سفر بعد إحالة القضية إلى النيابة العامة، وتعدى حدود صلاحياته واختصاصه في قضية ليست منظورة أمام "التحقيقات".
من جهتها، أكدت المحامية أنعام حيدر لـ"السياسة" أن حرية الشخص في التنقل من الحريات الاساسية التي أوردها الدستور ضمن الحقوق العامة، وحظر تقييدها إلا وفق أحكام القانون، دون ان تلامس هذه القيود حد الدوام زمانا ومكانا، وإلا اصبحت إفراغا للحرية من مضمونها.
واوضحت أنه إذ كان من مقتضى حرية التنقل تمكين الشخص من استخراج جواز السفر، فقد جعل المشرع منح الجواز لصيقا بالجنسية الكويتية، فلا يجوز لجهة الإدارة حرمانه منه بغير مسوغ جدّي يقتضيه الصالح العام، ويبرر المساس بحقه الدستوري في التنقل والسفر للخارج، الذي لا يتحقق إلا بإعطائه جواز سفر يمكنه من ممارسة الحق، فإذا ارتأت الجهة الادارية توافر المسوغ لسحب الجواز ثم إمساكه زمنا رفضا لتجديده، كان عليها الإفصاح عن مبررات ودواعي قيامها بذلك، إذ تخضع - وهي تمارس هذه الرخصة في تقييد حرية الأشخاص - لرقابة القضاء الإداري".
وعلى الرغم من كل الاحكام القضائية الساطعة والواضحة وضوح الشمس لا يزال التعسف في تنفيذ اوامر المنع من السفر بالمخالفة لنصوص الدستور والقانون ولاحكام محكمة التمييز مستمرا، والأسوأ ان اعداد المتضررين من تنفيذ مثل هذه الاوامر تتزايد يوما بعد اخر، ففي العام الماضي (2022) منع نحو 140 الف مواطن ومقيم من السفر، وخلال النصف الأول من العام الحالي (2023) بلغ عدد الممنوعين من السفر عبر مكتب المطار 36145 مواطناً ومقيماً.

شروط لمنع سفر المدين3

  • أن يكون حق الدائن محقق الوجود وحال الأداء.
  • أن يقدم الدائن الدليل على وجود أسباب جدية تدعو إلى الظن بفرار المدين من الدين.
  • أن يُثبت أنَّ مدينه قادرٌ على الوفاء.

آخر الأخبار