منوعات
منى حواس: "لو حد واخدك وطن... ماتغربوش جوّاك"
السبت 26 يناير 2019
5
السياسة
القاهرة - شروق مدحت:بدأت مشوارها مع الشعر مبكرا من خلال كتابة الخواطر، ظلت المعارف تتراكم لديها إلى أن صارت الخواطر شعرا. تحرص على التمسك بالحلم والأخذ بالأسباب وخوض التجربة, أياً كانت العقبات, لا تترك فرصة لليأس للتملك بداخلها، ولولا ذلك ما حققت الفوز بجائزة المسابقة الأدبية المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة 2017.عن علاقة عالمها الشعري بدراستها للعلوم السياسية، القضايا التي تسخر لها قلمها، التقت "السياسة " الشاعرة منى حواس في هذا الحوار.كيف تلقيت فوز ديوانك "الشاي على النار" بالمركز الثاني للمسابقة الأدبية المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة؟سعدت جدا،لأنه لم يكن متوقعا في ظل حدة المنافسة على الجائزة, تقدمت لهذه المسابقة مرات ولم أفز، كان سن التسابق محدداً بـ 35 عاماً في السنوات السابقة، في 2017 تم فتح سن التسابق من دون حد أقصى ما أدى إلى تضاعف أعداد المتسابقين، شعرت بصعوبة التنافس مع الشعراء الكبار، لم أيأس، قررت التقدم في آخر يوم للمسابقة وفي الساعة الأخيرة أيضاً قبل إغلاق باب استلام الأعمال، كانت المفاجأة فوز ديواني رغم المنافسة، تعلمت ضرورة التمسك بالحلم والأخذ بالأسباب وخوض التجربة أياً كانت العقبات.لماذا اخترت " الشاي على النار" عنوانا للديوان؟لأن القصيدة التي تحمل هذا الاسم تعتبر القصيدة المفتاحية للديوان- يدور في إطارها الحكي المتبع في الديوان كله، والذي يحتوى - القصائد التي كتبتها خلال العام 2016 أو بالأحرى، يضم المشاعر التي مررت بها خلال ذلك العام.هل واجهتك صعوبات فى الكتابة؟الشاعر الذي يكتب ذاته لا يواجه صعوبات,لأنه يكتب ما يشعر به، بالتالي لم تواجهني صعوبات،سوى فيما يتعلق بالنشر،لأن دور النشر الخاصة تستنزف الكاتب مادياً و الهيئات الحكومية تأخذ وقتاً طويلاً جدا للنشر.هل تعتمدين على ذاكرتك في استلهام الأحداث؟الاعتماد يكون بشكل كبير على الحدث الواقع أمامي أكثر من الاعتماد على الذاكرة، مع عدم تجاهل المخزون القابع بالذاكرة، الذي يتم استدعاؤه تلقائياً وقت الكتابة، الأولوية تكون للحظة الحالية حتى أنني دائما ما أعنون أية قصيدة جديدة باسم "من وحي اللحظة ",ثم اضع عنوانا لها في وقت لاحق.من أين جاءت فكرة الديوان؟عنوان الديوان "الشاي ع النار... حكايات الناس عن ناس تانية " بالعامية المصرية،الفكرة أن الناس في القرى, يتحلقون حول براد الشاي فوق "ركية النار" أو " الكانون ", يتسامرون ويتشاركون الحكايا. هل مررت بتلك التجربة؟مررت بها، لم يكن لديّ أصدقاء حقيقيون يمكنني مشاركتهم ما أمربه, نسجت لنفسي صديقاً من الخيال،استحضرت مفهوم "اللمة حول الشاي", لأطرح حكاياتي وقودا لنار الكانون الافتراضي.وهو ما جسدته القصيدة التي يقول مطلعها :بيروح أصحابوبييجي أصحابمفتوح الباب قدام الرايح قبل الجاي أعمل لك شاي ونحكي شوية ف كام موضوع"فراق الأحبة"لماذا تهتمين بقضية فراق الأحبة؟أعتقد دائماً أن الأصل في الأشياء هو الفراق وليس اللقاء، حين يولد شخص نعلم أنه سيأتي اليوم الذي يموت فيه، كذلك اللقاء، حين نلتقي بشخص ما لابد أننا يوما ما سنفارقه، نحن أنفسنا سنفارق الدنيا ونترك كل أمتعتنا خلفنا، فلا أبدية إلا للخالق جل جلاله . دائما ما يطاردني هاجس الفراق إذا تكلمت عن الأحبة، لأن فراقهم يؤلم، تلك الفلسفة عبرت عنها في قصيدة " انشغال":كل السكك عارفاهكل الوشوش حفظاهبس اللقا معناهإنْ الفراق قرّبلكن أليس الفراق مكتوباً كما تقولين؟.لذلك لا نمتلك سوى الرضا بالمكتوب، عبرت عن ذلك في قصيدة "مكتوب":كان قلبي حصّالةعايش بمية حالةبيلم في الأحباببقى قلبي رحّالةتايه في مية حالةو خاف يسيب فاتسابمتقدّرة الأسباببين الذنوب والتوبوالرب رب قلوببنفارق الأحباب وبنرضى بالمكتوب من أبرز أبطال الديوان؟ باستثناء بطل قصيدة "الشاي ع النار"،جميع أشخاص الديوان حقيقيون.ما أبرز الرسائل التي أردت توصيلها؟أهم رسائل الديوان،الافتتاحية في شكل قصيدة:"لو حد واخدك وطن ما تغربوش جوّاك الغربة مش ناقصاك كل التذاكر وجع كل الوجع مسجونفمش ضروري تكونسجن لضلوع بتحن الضلع يوم إنْ أنْوميعاد وجعكم حانيا تضمُّه بالمعروف يا تفارقــــــــــه بالإحســــــــان".لماذا كتبت الديوان بالعامية؟إنها العامية الراقية، اللغة التي يمكن اعتبارها حلقة وصل بين العربية الفصحى ولغة الشارع الدارجة .كنت من قبل أكتب بالفصحى وهذاساعدني، من دون قصد مني، في أن تكون كتاباتي العامية قريبة إلى حد ما من الفصحى في جميع قصائدي وليس الديوان فقط.لماذا يغلب الطابع الدراماتيكي على معظم أعمالك؟لأنني انتهج منهج الحكي والتعبير عن اللحظة الراهنة لبطل القصيدة التى أكتبها عني أو عن آخرين، وكثير من القصائد ذات طابع سياسي كتبتها في الفترة من 2011 حتى 2014, فترة التحول السياسي بمصر،التي شهدت أحداثاَ لم يكن من الممكن تجاهلها أو عدم رصدها من خلال الشعر الذي يعبر عن نبض الشارع والجمهور .كانت أشهر هذه القصائد " مشاهد ساخنة جداً " رصدت مشاهد القتل،محاكمة قاتلي الشهداء،حادث استاد بورسعيد،توجد أيضا قصائد اجتماعية نشرتها بديواني " حكايات بنات " و " مرايات ".ما تأثير البيئة المحيطة بك على إبداعاتك؟البيئة المحيطة يمكن تلخيصها في خديجة أحمد حواس, أمي رحمة الله عليها,التي كانت عالمي الذي أرى الدنيا من خلاله، هي من أثرت ثقافتي،أثّرت في تفكيري ورؤيتي للأشياء، اهتمت بموهبتى في الشعر،شجعتني على الاستمرار والسعي دائماً للتقدم والنجاح، جعلتنى أحب العلم وأثابر في طلبه.ما تأثير دراستك على كتاباتك؟تخرجت في كلية التجارة الخارجية،جامعة حلوان, قسم العلوم السياسية، شعبة العلاقات الدولية عام 2007، حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الدولية عام 2013،عن موضوع "إدارة الأزمات والكوارث"،بصدد الحصول على درجة الدكتوراه قريبا في العلاقات الدولية عن موضوع "إدارة التحول السياسي"،دراستي للعلوم السياسية زادت من وعيي وإدراكي للأشياء،أصبحت أنظر للقضايا بنظرة المحلل السياسي الذي يحاول استجلاء كل جوانب الموضوع،بالتالي حين أكتب قصيدة أكتبها بروح الشاعر الباحث.ما العمل الذي يعد بداية حقيقية لتجربتك الإبداعية؟ديوان تحت الطبع عنوانه " ديوان من أول وجديد " .إلى أي مدى يوجد اختلاف بين دواوينك؟ أهم ما يميز ديوان "الشاي ع النار" أنه حكايات الناس عن غيرهم أي أنه يرصد مشاعر كأنها أناس تسير على اقدام، الديوان يتنفس كأي كائن حي، بداخله رصد واضح لمشاعر الحب،الصداقة،الأخوة،الأمومة،الخيانة،التجاهل،الوجع،الحنين وغيرها من المشاعر، تجربتي الشعرية نضجت بشكل أكبر من خلاله، أما ديواني "مجرد حلم وغصنين محبة " فيعد بمثابة رصد وتأريخ لتداعيات ما حدث في مصر بعد 25 يناير 2011 على كل الأصعدة النفسية،الاجتماعية،السياسية.حالة وجدانيةهــــل من الضــــروري أن يعيش الشاعر حالة وجدانية معينة ليبدع؟لا، لكن من الضروري أن يعيشها ليشعر بها الآخرون، لأنه حين يعيش الحالة ويكتب عنها تلامس قلب المتلقي مباشرة من شدة صدقها.بمن تأثرت؟كل من يكتب كلمة جميلة وجملة ذات معنى وعمق أتأثر به، لا يوجد شخص معين يمكن أن أشير إلى أنه له الأثر الأكبر في كتاباتي، كل شاعر أو أديب أقرأ له وتلمس كتاباته قلبي،مدينة له بالشكر, لأنه منحنى معنى راقيا أبهج روحي.هل هذا العصر يعد عصر الرواية؟الرواية تتسيد منذ زمن طويل لأنها تجعل المرء يعيش أحداثها ويعايش شخوصها،يتعاطف ويكره،تكتنفه الكثير من المشاعر فيشعر أنه جزء منها، لكن الشعر العامي بدأ في الفترة الأخيرة يشق طريقه بين القراء وأصبح منافسا قويا للرواية والقصة.ما مستقبل الشعر العربي؟أخشى أن يتردى مستواه مع الوقت لصالح الاستسهال في الكتابة والتذوق, ما يدفع الشعراء والأدباء الحقيقيين للانزواء بسبب بوار سلعتهم وعدم قبول الذوق الشعبي لقصائدهم،ما يمثل خطورة على مستقبل الإبداع بشكل عام وليس الشعر فقط.ما القضايا التي تشغلك؟قضايا المجتمع بشكل عام و المرأة بشكل خاص، بما أنني امرأة تكتب شعرا فأعبر عن نفسي كعضو في مجتمع يمر بأحداث كثيرة ومتسارعة تستحق الرصد الدائم.ما تقييمك للواقع الثقافي بالوطن العربي؟للأسف الشديد يتهاوى ويسقط نتيجة للتحول في نمط معيشة المواطن العربي،الذي صار لا يقرأ في ظل وجود الهاتف المحمول والانترنت . من يريد أن يعرف إلى أي حد وصل الوضع في الوطن العربي ومصر ينظر إلى الأغنية، سوف يرى هبوط الذوق العام للمتلقين، لكن نأمل أن تكون هذه كبوة تتبعها صحوة قريبة حتى لا تدهس أذواقنا تحت أبواق أغاني المهرجانات.إلى أي مدى يؤثر الانترنت على الكتاب الورقي؟بالطبع ساهمت مواقع الانترنت في تراجع قراءة الكتب الورقية، حتى أن مبيعات الصحف نفسها تراجعت كذلك، كما اتجه كثير من قراء الكتب الورقية إلى الكتب الإليكترونية، بعدما أصبح الموبايل والتابلت في متناول أيدي الصغار والكبار.ما طموحاتك؟أن تكون كل كتاباتي راقية وترتقي بالذوق العام على المستوى الأكاديمي في أبحاثي العلمية، والمستوى الأدبي في أشعاري.ما مشروعاتك المقبلة؟أعكف على الانتهاء من ديواني الأخير عن أمي التي رحلت عن عالمنا منذ عام، شهيدة الحزن على ضحايا عملية تفجير مسجد الروضة بالعريش في 24 نوفمبر 2017، عنوانه " سنة أولى فراق "على المستوى البحثي سأنشر رسالتي للدكتوراه في كتاب بعنوان " إدارة التحول السياسي وأثره على صنع السياسة العامة في مصر منذ 25 يناير 2011 ".