منوعات
مها سامي: كتابي "الهانم ديفورسيد" هديتي للمطلقات ليهزمن المحنة
الثلاثاء 12 يونيو 2018
5
السياسة
القاهرة - علا نجيب: يعد الطلاق بالنسبة لكثير من النساء بمثابة حكم بالإعدام عليهن وعلى ذويهن، بسبب نظرة المجتمع السلبية للمطلقات، فيقررن اعتزال هذا المجتمع، ليصبحن فريسة للأمراض النفسية ويصل الأمر ببعضهن إلى الانتحار بحثا عن الخلاص، إلا أن القليلات استطعن مقاومة هذا النظرة وتحديها واعتبرن الطلاق بداية لحياة جديدة.حول كتابها الذي أصدرته حديثا بعنوان "الهانم ديفورسيد" أي" الهانم المطلقة " وفيه تروى تجربة طلاقها المريرة، التحديات التي واجهتها حتى تخلصت من نظرة المجتمع، وكيف تتجاوز المطلقة الأزمة وماذا عليها أن تفعل حتى يغير المجتمع نظرته لها، التقت "السياسة " الكاتبة مها سامي في هذا الحوار: كيف كان طلاقك ؟تجربة أليمة، تعرضت لها منذ أكثر من سبع سنوات، كنت حينها في السادسة والعشرين من عمري، أعمل صيدلانية بعد حصولي على بكالوريوس الصيدلة من جامعة القاهرة في العام 2005، رزقني الله بطفلين، وبسبب الخلافات الزوجية المستمرة وعدم وجود توافق فكري تم طلاقي.ماذا فعلت بعد الانفصال؟بعد الطلاق كنت أوشكت على الإصابة بأمراض نفسية عدة، ساءت أحوالي الاجتماعية وعلاقاتي مع الناس،رغم وجود الأهل بجانبي، إلا أنني كنت أشعر بالوحدة،عدم الثقة بالنفس، لأقرر فجأة بعد نصيحة من إحدى صديقاتي، الحصول على كورسات في فن "اللايف كوتشينج" الذي يعتمد على وجود علاقة شراكة قوية من خلالها يتمكن الشخص بالتعاون مع "الكوتش" التعرف على ذاته وتحديد أهدافه وعمل خطة لتحقيقها وأخذ خطوات جدية في هذا الاتجاه.إلى أي مدى غيرت تلك الكورسات نظرتك للحياة؟غيرت مجرى حياتي تماما،جعلتني أعشق ذاتي،أتعمد معرفة مواطن قوتها وضعفها، كما تيقنت من موهبتي في الكتابة والتأليف،التي منحني الله اياها منذ نعومة أظافري، لأقرر كتابة تجربتي الشخصية وخبراتي في كتاب "الهانم ديفورسيد".كيف تستطيع المطلقة الاستفادة من "اللايف كوتشينج"؟يتم تدريس هذا العلم في الجامعات والمعاهد في عدد من الدول الأوروبية،يساعد المتدرب أو الطالب في التعرف على ذاته،فهم مواطن قوتها وضعفها، مع تحديد أهدافه القريبة و البعيدة، لإنجازها بطريقة علمية من دون خسارة، بل الأهم الوصول إلى المهارات والخبرات المدفونة بداخل الإنسان وصقلها لإحداث تغيير جوهري في الشخصية.هل تحتاج المطلقات هذا العلم؟بالطبع، يحتجن تلك الكورسات، لأن معظمهن يعانين من ضعف الثقة بالنفس بعد خوض تجربة فاشلة، كما يجدن أن مواجهة العالم الخارجي ومجتمعاتهن أمر صعب فيهربن منه،يلجأن لمواقع التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، ما يزيد من عزلتهن، يصبن بالأمراض النفسية، بل تحاول الكثيرات منهن الانتحار، خصوصا اللاتي لا يعملن.ألهذا قررت احتراف تدريسه؟نعم، لابد من التوعية بأهمية بهذا العلم،أن يسلط الإعلام الضوء عليه، لأنه غير حياتي، قررت امتهانه لمساندة المطلقات، والسيدات عامة وإرشادهن إلى الطريق السليم.كيف جاءت فكرة تأليف "الهانم ديفورسيد"؟بعدما استعدت ثقتي بنفسي وقدراتي على النجاح، أيقنت أن الله حباني بموهبة الكتابة والتأليف، ساورني الخوف من تجربتي الأولى في الكتابة، لكنني عزمت أمري على اختيار تجربة طلاقي والدروس المستفادة منها لأنشرها بشكل مبسط وساخر حتى يتناسب مع كل المستويات العلمية والاجتماعية، وليكن بمثابة النبراس للمطلقات لتجاوز كل انكسار في حياتهن. منذ عرضت الفكرة على إحدى دور النشر رحب بها الكاتب أحمد عبد المجيد،المشرف على الدار، كونها جديدة والأولى من نوعها.ما الصعوبات التي واجهتك عند تنفيذ هذه الفكرة ؟وجدت صعوبة حقيقية في كيفية الوصول إلى المطلقات اللائي عانين في حياتهن لسرد قصصهن في الكتاب، كذلك هجوم بعض الرجال على الكتاب، إذ وجدوا أنه تحيز للمرأة. الحقيقة أنني حاولت إحداث التوازن بين علاقة الرجل والمرأة، ومعروف أن مجتمعاتنا العربية تميز الرجل عن المرأة منذ الصغر،تلقي بكل الأعباء على الفتاة ولا تحمل الصبي أي عبء، باعتباره رجلا، فينشأ ولديه رغبة في فرض ذكوريته، مهما كلفه الأمر، ولعل ذلك أحد أسباب الطلاق. مشكلة الطلاقكيف عالجت مشكلة الطلاق؟اعتمدت في الكتاب على سرد الكثير من قصص المطلقات اللائي عانين كثيرا قبل الطلاق وبعده، لكنهن تحدين الظروف الصعبة، اهتممن بأطفالهن من دون تقصير. كما رصدت المشكلات الناجمة عن الطلاق، مع وضع الحلول المثلى لها لتتعظ الفتيات المقبلات على الزواج والمتزوجات لتقليل عدد المطلقات الذي وصل حتى الآن إلى 8 ملايين مطلقة، والرقم في تزايد.هل هناك حالات صعبة تضمنها الكتاب ؟من أهم الحالات القاسية التي رصدها،كانت لسيدة طلقت في سن الستين، بعدما تفانت في خدمة الزوج وساندته منذ زواجهما. لم تكن تهتم بصحتها أو راحتها النفسية،حتى بات من كبار رجال الأعمال، كانت مكافأة نهاية خدمتها طلاقها ووضعها في أحد دور المسنين، بل شكك في قواها العقلية، ما ولد لديها رغبة في الموت والانعزال. حاولت بشتى الطرق مساندتها للخروج من أزمتها،تيقنت أن على الإنسان ألا يتفانى في العطاء حتى لا يجعل الشريك يعتقد أنه حق مكتسب له من دون شكر أو تقدير. كيف شجعت المطلقات على تخطى مشكلاتهن ؟للأسف، كثير منهن يتعمدن جلد الذات طيلة الوقت،يلقين باللوم على أنفسهن وأنهن كن المسؤولات عن خراب البيت،حسب نظرة المجتمع العقيمة التي تتعمد إذلال المرأة وإهانتها،لا تحمل الرجل أية مسؤولية، لذا فكرت في مصطلح "آلة الزمن" الذي يعتمد على الاستفادة من أخطاء الماضي،تقييم التجربة بشكل عملي بحت، بعيدا عن العواطف واللوم،محاولة تغيير الجوانب الضعيفة في الشخصية وسلبياتها وطريقة التفكير ككل. الأهم أن تصل المطلقة إلى نقطة الانطلاق،التي تقرر بعدها تغيير شخصيتها.هل تتمكن المطلقة من نسيان الماضي؟من المؤسف أن المرأة إذا لم تستطع التخلص من شبح الماضي وإهانتها لذاتها،يمكن أن تكرر نفس أخطائها، بل تختار زوج مستقبلها شبيها بالزوج السابق،لاعتقادها أنها المسؤولة عن الفشل، ما قد يعرضها للطلاق ثانية.ما المراحل النفسية التي تمر بها المطلقة حتى لحظة تعافيها ؟الصدمة أول مرحلة تتعرض لها المرأة فور تلقيها خبر الطلاق، تتباين مشاعرها ما بين حزن واضطراب، قد يجعلها تنهار مدة كبيرة، لذا عليها ألا تستسلم لتلك المشاعر، تحاول تلقيها بقلب ثابت ومشاعر انفعالية قوية،أن تتقبلها بصدر رحب، من ثم البحث عن الإمكانيات المتاحة لاستغلالها و الخروج من تلك الأزمة من دون الإحساس بأي إحباط،كل فرد منا حباه الله بالكثير من المنح لمساعدته على تخطي الأزمات. كيف ترين نظرة المجتمع للمطلقة ؟المجتمعات الشرقية ذكورية بحتة، تعلي من شأن الرجل، بغض النظر عن أخطائه ومساوئه، تقلل من المرأة،تحصرها كأداة لإمتاع الرجل وإشباع رغباته،الأدهى أن بعض المجتمعات ترى أن إذلالها حق مكتسب للرجل.كيف يتم تغيير تلك النظرة ؟من المهم أن يقوم الإعلام بدوره في تغيير تلك النظرة السلبية من خلال الدراما، لابد ألا تظهر المطلقة كامرأة فاشلة أو لعوب، بل لابد من تسليط الضوء على النماذج الناجحة، المستقلات ماديا،اللاتي تبوأن مراكز عليا، رغم الضغوط النفسية. الأهم توعية الفتيات المقبلات على الزواج بكيفية اختيار الشريك المناسب، من خلال الندوات التثقيفية التي يشارك فيها خبراء العلاقات الزوجية وعلماء الدين. الحرص على تعليم المرأة،رفع مستواها الثقافي، إعطاءها فرصة ثانية لبدء حياة زوجية جديدة لإثبات ذاتها، تغيير نمط تربية الذكور التي تعتمد على الأنانية وانعدام المسؤولية، بينما تتربى الفتيات على التمحور على الذات. الشريك المناسبهل تعتقدين أن دورات ما قبل الزواج تساهم في اختيار الشريك المناسب؟بالطبع، تلك الكورسات تجعل الفتاة تعرف نفسها حق المعرفة، تغوص في أعماقها حتى تتيقن من اهتماماتها والنقاط المشتركة بينها وبين شريك حياتها،لعل التجربة الماليزية خير شاهد على ذلك، فقد وجدت الحكومة الماليزية ارتفاعا في نسب الطلاق، لذا منعت المقبلين على الزواج من إتمام زيجاتهم إلا بعد الحصول على كورسات لاختيار شريك الحياة، للتيقن من صحة اختيارهم،بالطبع قلت نسبة الطلاق إلى حد كبير.هل يمكن تطبيق تلك التجربة في مصر؟أتمنى تعميم التجربة في مصر والبلاد العربية حتى نواجه ذلك الخطر. لابد أن يشارك خبراء العلاقات الزوجية وأساتذة علم النفس في تلك التجربة، خصوصا أن كثيرا من الفتيات ينخدعن بالمظاهر البراقة والكلام المعسول، من دون إعمال العقل وتحديد ما يتمنينه في الشريك. هل تعرضت لمشكلة أبناء المطلقات؟ بالطبع يعد الأطفال الأكثر تضررا من الطلاق، لأنهم حرموا من العيش في أسرة سوية، كباقي أقرانهم، ما يؤثر على شخصياتهم، يميلون للعنف، يفشلون في عقد صداقات وعلاقات اجتماعية صحية، تضعف ثقتهم بأنفسهم، يفقدون الثقة في الحب والحياة الأسرية السعيدة.كيف يمكن علاج تلك المشكلة؟أن توطد الأم علاقتها بأبنائها عن طريق حبها لذاتها في بادئ الأمر، فإذا نجحت في ذلك، فإنها ستستطيع منح أبنائها الحب والأمان بسهولة. سر قوتها يكمن في إيمانها بنفسها ومحاولة إسعادها بشتى الطرق، لعل تحقيقها لذاتها عن طريق عملها هو السر وراء ذلك،إذا شعر الطفل بذاك فسوف يؤمن بنفسه ويقويها. عليها أن تفصل ما بين أمومتها وبين تحقيقها لذاتها، فالأمومة ليست في إنكار الذات طوال الوقت، بل بإحداث التوازن بينهما، لجعل الطفل يعتمد على نفسه. الأهم من ذلك محاولة إشراك الأب في عملية التربية، إقحامه في حياتهم، منعا للخلل النفسي.ما نصائحك للمقبلات على الزواج لتفادي شبح الطلاق؟لابد أن تؤمن كل فتاة بنفسها وبقدرتها على النجاح في عملها وحياتها الأسرية المقبلة، فذلك يضفي عليها جمالا داخليا وخارجيا،يمكنها من فهم الطرف الآخر والحكم عليه، أن كان متوافقا مع أفكارها أم لا، ترقية ذاتها بالعمل، تدعيم ثقافتها، تحمل المسؤولية، المشاركة بينهما على طول الخط، تفهم وجهات نظر الزوج، تجنب إفشاء الأسرار بينهما، لأن انتهاك الخصوصية يعد تدميرا للثقة والأمان، بالتالي وصول العلاقة إلى طريق مسدود.