كتبت ـ مروة البحراوي:أثار قرار جامعة الكويت إيقاف برنامج بكالوريوس الصيدلة منذ صدوره الكثير من الجدل، حيث أجمع عدد من الصيادلة والأكاديميين بكليتي الصيدلة والعلوم الصحية وعدد من النواب على رفض القرار، الذي يقضي باعتماد برنامج "الفارما دي" عوضا عنه، مع فرض الدراسة لمدة سبع سنوات متتالية للحصول على شهادة "الفارما دي"، والتي تعطي الخريج مسمى (دكتور صيدلي).ورصدت "السياسة" ردود الفعل المستهجنة التي أحدثها القرار من جانب النواب والمختصين والدارسين والمتابعين للشأن الطلابي والخريجين، حيث سارعت جمعية طلبة الصيدلة إلى رفض القرار جملة وتفصيلا، فيما طالب المختصون باعادة النظر فيه، معتبرين إياه مجحفا في حق الطلبة، خاصة في ظل غياب كادر وظيفي معتمد للبرنامج الجديد من قبل ديوان الخدمة المدنية من جهة، وعدم وجود بيئة ملائمة لتطبيق البرنامج على أرض الواقع في مستشفيات وزارة الصحة من جهة أخرى، فضلا عن المساواة بين خريجي بكالوريوس الصيدلة و"الفارما دي" في الامتيازات المادية." المعضلة الكبرى"البداية، كانت مع محاولة التعرف على برنامج "الفارما دي" الذي وصفه عميد كلية العلوم الصحية د. عبد الحكيم الصغير بـ"الممتاز"، لافتا إلى اعتماده في الولايات المتحدة الأميركية منذ الثمانينات، حيث كان في البداية يعتمد على نظام (5+1) أي 5 سنوات بكالوريوس صيدلة بالإضافة إلى سنة اختيارية، ثم (5+2) أي 5 سنوات بالإضافة إلى سنتين اختياريتين، إلى أن أصبح يعتمد 7 سنوات كاملة للتخرج والغاء برنامج بكالوريوس الصيدلة، واعتماد "الفارما دي" رسميا لطلبة الصيدلة، ويعطى الحاصل عليه مسمى "دكتور".وفيما يتعلق بالكويت، أوضح د. الصغير أن البرنامج يواجه مشكلة في التطبيق، فإذا تم اعتماد برنامج "الفارما دي" في الكويت، فيجب أن يكون نظام البكالوريوس موجود بأي شكل من الأشكال، بحيث يكون لدينا برنامجان واحد للبكالوريوس والثاني للفارما دي، فالأفضل من وجهة نظري أن يكون هناك 5 سنوات لبرنامج بكالوريوس ثم سنتان اختياريان للدراسة الاكلينيكية للحصول على شهادة الفارما دي وفق اشتراطات معينة، لكن لا يمكن ان تحول الدراسة إلى فارما دي فقط ويتم الغاء برنامج بكالوريوس الصيدلة. وأشار د.الصغير إلى أن قسم العلوم الصيدلانية بكلية العلوم الصحية يدرس تصوراً جديداً لبرنامج بكالوريوس الصيدلة في حال اعتماد برنامج الفارما دي وإلغاء البكالوريوس، وتتمثل في العمل بنظام (٢ +٣) وهو عبارة عن سنتين لدبلوم فني بشروط معينة، وللحصول على البكالوريوس تستكمل الدراسة لمدة ثلاث سنوات أخرى.وتابع: في الكويت نحتاج إلى أعداد كبيرة من الصيادلة لصرف الأدوية، وشهادة الفارما دي تمكن الحاصل عليها من العمل مع الأطباء داخل المستشفى، حيث يعتبر الصيدلي هنا بمثابة الطبيب المعالج، حيث يكتب وصفات الأدوية للمريض ولا علاقة له بصرف الأدوية للأجنحة أو المستشفى، لذا من الأفضل أن يكون لدينا نظامان، نظام البكالوريوس (5 سنوات للصيدلة) ثم سنتان اختياريتان، فنحن بحاجة إلى صيادلة كويتيين وبأعداد كبيرة لسد حاجة وزارة الصحة إليهم لصرف الأدوية والعمل في مجالات اخرى مثل المستودعات والرقابة الدوائية وغيرها من المواقع التي لا تحتاج إلى شهادة الفارما دي. وأوضح أن كلية العلوم الصحية تحاول سد النقص في اعداد الصيادلة الكويتيين بالاستعاضة عنهم بالفنيين، إلا أن هذا غير كاف، ومن الأفضل دراسة الموضوع مرة أخرى وإعطاء مجال لتخصصي الفارما دي والبكالوريوس داخل الكويت.وأكد أن المعضلة الأكبر تتمثل في عدم اعتماد ديوان الخدمة المدنية كادر خاص لمؤهل الفارما دي إلى الآن، ما يعني مساواة الحاصلين عليه بالحاصلين على بكالوريوس الصيدلة، وليس من المعقول أن يدرس الطالب لمدة 7 سنوات ويتساوى في النهاية مع طالب البكالوريوس، لذلك يجب قبل تطبيق البرنامج اعتماد كادر خاص به من قبل الديوان أولا وإعطاء مجال للتخصص داخل مستشفيات وزارة الصحة ثانياً."تخصص طارد"من جانبها، اعتبرت عضو الجمعية الصيدلية الكويتية والصيدلانية بالقطاع الخاص فرح صادق أن برنامج (الفارما دي) بحد ذاته مطلوب لتطوير المهنة ولكن ليس قبل الاعداد الكامل له وقبل التنسيق الكافي مع جهات الدولة المعنية مثل وزارة الصحة و ديوان الخدمة المدنية و توفير الهيئة التدريسية الكافية والمتخصصة، وبعد دراسة حاجة سوق العمل كذلك .وقالت: إن تطبيق البرنامج بهذا الوقت وبشكل اجباري للطلبة يعد تدميراً لا تطويراً لمهنة الصيدلة، وسنوات الدراسة السبع الإجبارية تجعل تخصص الصيدلة طارداً للطلبة لاسيما في ظل الواقع الحالي للمهنة في الكويت. ولفتت إلى أن بعض دول الخليج كالإمارات وقطر توفران شهادتين في الصيدلة البكالوريوس والفارما دي، وبشكل اختياري وليس اجباريا، لذا تمنت اعادة تقييم القرار وتأجيل تطبيقه للمزيد من الاعداد والدراسة وجعله اختيارياً مع اضافة الكوادر والحوافز المالية والتشجيعية والتنسيق مع جهات الدولة المعنية." فرص عمل"بدوره، قال الاستاذ المشارك ورئيس قسم علم الأدوية والعلاجيات بكلية الصيدلة جامعة الكويت د. ميثم خاجة: إن كلية الصيدلة ومنذ انشائها عام 1996 قائمة على نظام البكالوريوس (5 سنوات) الذي يتيح للخريج فرصة العمل بقطاعات مختلفة في وزارة الصحة اكلينيكية وغير اكلينيكية مثل المستشفيات، الرقابة الدوائية، المستوصفات، المراكز التخصصية، التفتيش والمستودعات، وبعد استحداث نظام الفارما دي ( 5+2) عام 2016 اتاحت الجامعة الفرصة للطلبة لاختيار استكمال الدراسات العليا من ماجيستير ودكتوراه في تخصصات إكلينيكية وغير اكلينيكية، من خلال دراسة سنتين اضافيتين.واعتبر أن المشكلة في اجبار الطالب على الدراسة 7 سنوات هي عدم وجود كادر أو وصف وظيفي لخريج هذا البرنامج في وزارة الصحة، ما يعني المساواة بينه وبين خريج البكالوريوس وهذا غير منصف على الاطلاق، كما أنها تسلب الطلبة حرية الاختيار بين الاكتفاء بدراسة 5 سنوات او استكمال السنوات السبع، وهذا لا يناسب العديد من الطلبة ممن يفضلون العمل بمخرجات بكالوريوس الصيدلة فقط ولا يرغبون في استكمال الدراسة سنتين اضافيتين، خاصة وان شهادة الفارما دي أقل من شهادة الماجستير ولا تغني عنها فلماذا أضيع عامين من عمر الطالب؟!ولفت إلى ان العديد من الطلبة يفضلون كذلك بكالوريوس الصيدلة نظرا لقلة عدد سنوات الدراسة فيها عن كليات الطب والأسنان، وفي ظل اعتماد البرنامج اجباريا بعدما كان التخصص جاذبا للطلبة فيما مضى، سيصبح طاردا لهم لاسيما أن الامتيازات المادية للأطباء في مختلف التخصصات أكبر بكثير من الصيادلة، كما حذر من تشبع السوق مستقبلا بعدد خريجي دكاترة الصيدلة وعدم ايجاد فرص عمل لهم .
نواب: ضرر كبير على أصحاب المهنة وطلبة "الصيدلة"دعا النائب عبد الكريم الكندري الى اعادة النظر في وقف برنامج بكالوريوس الصيدلة، مستنكرا اجبار الطلبة على الدراسة 7 سنوات للحصول على شهادة الصيدلة الاكلينيكية مؤكداً حاجة السوق للصيادلة.وأيد النائب صالح عاشور طلب جمعية طلبة الصيدلة بوقف القرار، نظرا لحاجة سوق العمل لخريجي الصيدلة وطلب من وزير الصحة ومدير جامعة الكويت بالتدخل لوقف هذا القرار الذي يشكل ضررا كبيرا على اصحاب المهنة وطلبة كلية الصيدلة.بدوره، اعتبر النائب اسامة الشاهين زيادة سنوات دراسة تخصص الصيدلة من خمس الى سبع سنوات دون أي مردود اكاديمي او كادر وظيفي او اعتراف تعليمي غير مقبول، يضر بمصلحة الطلبة دون مبرر علمي او عملي.من جهته، وصف النائب خليل الصالح قرار ايقاف برنامج بكالوريوس الصيدلة بانه مجحف وغير عادل لما له من اثار سلبية على الطلبة الذي سيجبرون على الدراسة سبع سنوات في ظل حاجة سوق العمل للصيادلة الكويتيين.
"طلبة الصيدلة": التطبيق الإجباري مرفوض ووظائف تكتفي بالبكالوريوساستنكرت جمعية طلبة الصيدلة إيقاف برنامج بكالوريوس الصيدلة في الكويت ابتداءً من العام الدراسي ٢٠٢١/٢٠٢٠، وأعلنت رفضها تطبيق برنامج دراسة الصيدلة الاكلينيكية والغاء بكالوريوس الصيدلة لعدة أسباب منها أن البرنامج يجبر الطالب على دراسة ٧ سنوات و الحصول على شهادة دكتور في الصيدلة رغم أن بعض الوظائف تكتفي بشهادة البكالوريوس (٥ سنوات) فقط كالعمل في المستودعات والرقابة الدوائية وغيرها، إضافة إلى أنها غير متطلبة لاستكمال الدراسات العليا.وأضافت الجمعية في بيان أمس، أن الوصف الوظيفي والمردود المادي لدكتور في الصيدلة هو نفسه للصيدلي وهو ما يعد ظلماً وإجحافاً لمن اجتهد لسنتين إضافيتين، وتساءلت الجمعية في حال اعتماد البرنامج الجديد وتخريج عدد كبير من دكاترة الصيدلة، كيف سيتم المفاضلة بين هؤلاء في التوظيف؟ وكيف سيتم توزيعهم في الأماكن التي تتطلب مهارات إكلينيكية والوظائف التي لا تتطلب تلك المهارات؟ خاصة أنه لدينا ست مستشفيات حكومية فقط بينما يتم تخريج ٧٠ دكتورا في الصيدلة سنويا!وتساءلت الجمعية كذلك عن مصير الطلبة المبتعثين للدول التي لا تتبع نظامالـ PharmD كالمملكة المتحدة والإمارات، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الجامعات المصنفة كأفضل جامعات على مستوى العالم مثل Strathclyde و UCL و Birmingham في بريطانيا لا تحتوي على برنامجالـ PharmD، علما بأن النظام الصحي البريطاني المقدم من NHS والحاصل على تصنيف أفضل نظام صحي عالمي العام الماضي لا يحتوي على نظام الـ PharmD.كما أشار البيان إلى أن الولايات المتحدة الأميركية حولت نظامها إلى نظام الفارم دي بعد مرور نحو ٤٠ عاما على بداية تطبيقه، فلماذا يتم تحويل نظام الدراسة في الكويت قبل حتى تقييم مخرجات برنامج البكالريوس القائم حاليا والذي تم تدشينه عام ١٩٩٧؟! في حين أن برنامج الفارم دي تم تطبيقه عام ٢٠١٦ بنظام استكمالي اختياري وتخرج منه دفعتان فقط ، فلماذا يصبح اجبارياً بهذه السرعة!!وأوضح البيان أن درجة الفارم دي هي درجة مهنية متطورة من البكالوريوس وليست درجة مهنية تخصصية، ويستلزم على الصيدلي ليصبح صيدليا اكلينيكيا حسب النظام الأميركي الانخراط في برامج تدريبية في المستشفيات (برامج إقامة Residency) وهذه البرامج غير متاحة في الكويت حتى الآن، فكيف يتم تدشين برنامج لا يتماشى مع سوق العمل؟!وأضاف أن سوق العمل بحاجة للصیدلي في عدة مجالات، فلماذا تكون الأحقیة للوافد بشغل هذه الوظائف ویضطر الطالب الكويتي للدراسة في الخارج للحصول على شهادة البكالوریوس؟! في حین أن الدولة كانت توفر له هذه الشهادة في السابق!، لافتا أن البرنامج الاستكمالي المعمول به حالیاً سیتم إغلاقه بعد ٧ سنوات، حتى یتم تخریج أحدث دفعة في الكلیة بحسب ما ذكره العمید ولا یتسع البرنامج لأكثر من ٢٠ طالبا، لذا لن تتاح الفرصة لكل الطلبة الانخراط في هذا البرنامج، إضافة إلى أن الكلیة تعاني من نقص شدید في عدد القاعات.وفيما يتعلق بالاعتراف الكندي والأميركي، فأكد البيان أنه ليس أكثر أهمية من مستقبل الطلبة، وإن كان لابد منه فجامعة حمد في قطر تملك الاعتراف الكندي وتقدم شهادتي بكالوريوس (صيدلة و صيدلة إكلينيكية) بنظام ( ٥ سنين صيدلة + سنة إكلينيكة )، لذلك تمنت الجمعية إعادة تقييم القرار وتأجيل تطبيقه لإجراء المزيد من الإعداد والدراسة واعتماده اختيارياً مع اضافة الكوادر والحوافز المالية والتشجيعية والتنسيق مع جهات الدولة المعنية.