الاثنين 22 سبتمبر 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

موسى وقوم بني إسرائيل (1 من 2 )

Time
الخميس 09 مايو 2019
السياسة
على مر الأزمنة، تأتي حضارات وتنتهي، لتحل محلها حضارات أخرى، وكم من حضارات زالت ولم يعد لها وجود، وزالت معها اسماؤها وشعوبها، وقد تناول القرآن بعض هذه الحضارات ولولاه لما عرف الكثيرون عنها شيئا، يقول تبارك وتعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) [القصص 58].
وفي هذه الحلقات اليومية تتناول " السياسة " قصص هذه الحضارات والشعوب التي ذكرها القرآن في آياته الخالدة.


" وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " القصص(21،20).
ولد موسى بن عمران في قومه بني إسرائيل بمصر، وكان فرعون مصر قبل ميلاد موسى قد رأى رؤية فسرت له أن ولدا يخرج من بنى إسرائيل يقضي على ملكه،فأصدر أمره الى جنده بذبح كل مولود ذكر من بني إسرائيل، دفع ذلك أم موسى - ويقال لها "يوكابد" أن تخفي حملها ولما وضعت أرضعت طفلها موسى وألهمها الله أن تضعه في صندوق وتلقيه في النيل غير خائفة ولا محزونة، لأن الله تكفل بحفظه ورده إليها،"وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين" القصص(7)، سار الصندوق في النيل حتى وصل بأمر الله إلى آل فرعون يحمل الطفل، فقالت زوجة فرعون حين رأت موسى: نستبقيه ولا نقتله رجاء أن ننتفع به في تدبير شأننا أو نتبناه. استجاب فرعون لطلبها وهكذا تحقق ما قدره الله وهم لا يشعرون.
أما أم موسى فقد ربط الله على قلبها وقالت لأخته: تتبعي أثر أخيك لتعرفي خبره. منع الله الطفل موسى أن يرضع ثديا لمرضعة ممن أحضرهم آل فرعون لذلك، عند ذلك تدخلت أخته وقالت: ألا أرشدكم إلى أسرة تتعهده بالرضاع والتربية وهم له حافظون؟. فقبلوا إرشادها ورد الله الطفل إلى أمه كي تطيب نفسها وتزداد يقينا بأن وعد الله لايتخلف.
صار موسى شابا واكتمل نضجه وأعطاه الله الحكمة والعلم،وفي يوم دخل مصر في غفلة من أهلها فوجد رجلين يقتتلان أحدهما من قومه بني إسرائيل والآخر من قوم فرعون، فاستعان به الإسرائيلي على خصمه فأعانه موسى وضرب الخصم بقبضة يده فقتله من غير قصد ثم أسف وقال: إن إقدامي على ذلك لهو إغواء الشيطان إنه لعدو ظاهر العداوة،" قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين" القصص(17،16).
ندم موسى لأنه عبد طائع ووعد ربه ألا يكون عونا للكافرين، واستغفر فغفر له الله إن الله واسع العفو والرحمة. تكرر الموقف وإذا بالإسرائيلي الذي استنصره بالأمس يعيد الكرة وهم موسى بالبطش بالمصري فقال الأخير: أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس، ما تريد إلا أن تكون طاغية ولا تريد إصلاحا وخيرا. أفاق موسى وأيقن أن الإسرائيلي يغويه ويدفعه إلى الضلال فتراجع عن قتل المصري، انتشر خبر قتل موسى لمصري، فحذر رجل مؤمن من آل فرعون موسى أن قومه يتشاورون لقتله ونصحه أن يخرج من المدينة قبل أن يقع في أيديهم. خرج موسى من المدينة يترقب ضارعا إلى الله أن ينجيه.
بدأ موسى صفحة جديدة بعيدا عن وطنه الذي نشأ فيه فقد توجه إلى مدين قرية شعيب -عليه السلام- لما فيها من الأمن، فلما وصل جلس ليستريح بالقرب من ماء آل مدين فاستوقفه مشهد امرأتين تدفعان غنمهما بعيدا عن الماء، فقال لهما موسى: لم تبتعدان عن الماء ؟ فأجابتا: لا نستطيع الزحام ولا نسقى حتى يسقي الرعاة، وأبونا شيخ طاعن لا يستطيع الرعي ولا السقي. خف موسى متطوعا وسقى لهما، ثم جلس تحت الظل ليستريح وتضرع إلى الله أن يرزقه، فجاءت إحدى الفتاتين بأمر من أبيها تطلب منه في حياء أن يقابل أباها ليشكره ويعطيه أجر السقي، ذهب موسى إلى أبيها وهو شعيب -عليه السلام - فقص عليه قصة خروجه من مصر فطمأنه شعيب قائلا: لا تخف نجوت من القوم الظالمين فلا سلطان لفرعون مصر علينا.
وللحديث بقية.
آخر الأخبار