القاهرة – شروق مدحت:في كل عمل تنوي فيه الابتعاد عن المرأة يأخذها قلمها للتعبير عنها، ورغم أنها تهتم بقضاياها وبمشاعرها وأحاسيسها، إلا أنها لا تتخذ موقفا عدائيا من الرجل، بل قد تنصفه على حساب المرأة. ساعدها العمل كمقدمة برامج على الانفتاح على الثقافات المتنوعة، وانعكس ذلك على أعمالها ومنها "قلب نور" و "لم أعد صغيرة وليتنى بقيت". عن روايتها الجديدة "ظننته وطنا"، وعالمها الأدبي وأهم القضايا التي تسخر قلمها لها، التقت"السياسة" الكاتبة مي عصام في هذا الحوار. ما الدافع وراء كتابتك لرواية "ظننته وطنا"؟الرواية اجتماعية تتحدث عن الخذلان في الحب،تتناول بشكل كبير الطلاق، لأن نسب الطلاق في الدول العربية ومصر تحديدا، أصبحت كبيرة للغاية. حاليا اختلفت أسباب الطلاق عن السابق، لذلك كان دافعي مناقشة الأسباب التي تدفع إلى الطلاق ونظره المجتمع للمرأة المطلقة. هل أحداثها مستمدة من حياتك أم من حياة الآخرين؟بعض صديقاتي مطلقات، عشت معهن فترة صعبة أثناء طلاقهن، كانت فرصة لمناقشة أسباب الطلاق، الرواية تحوي بعض الأحاسيس التي شعرت بها وأردت التعبير عنها، لكنها بعيدة تماما عن حياتي الشخصية.ما أبرز الرسائل التي أردت توصيلها للقراء؟أن الطلاق ليس نهاية الكون، بل يمكن أن يكون بداية حياة جديدة وسعيدة، كما أن له أسبابا نفسية و ليس شرطاً أن تكون مادية وملموسة. حاولت أن أقول أيضا بأن السعادة النفسية والراحة أهم بكثير من أي شيء آخر، وأن نظرة المجتمع غير مهمة على الإطلاق، فمن حق كل امرأة أن تعيش حياة سعيدة كريمة كما ترغب.إلى أي مدى كانت شخصيات روايتك حقيقية؟جميع شخوص الرواية حقيقية، عندما فكرت بها ذهبت إلى جمعية لمساندة المطلقات، طلبت مقابلة بعض أعضائها، هناك من المطلقات من رحبن بالفكرة، وقصت كل منهن قصتها كاملة، لذلك جاءت القصص في الرواية واقعية، مع بعض الإضافات من خيالي، ولأنهن كان لهن الفضل في خروج هذه الرواية للنور، قدمت الشكر لهن وكتبت أسماء من سمح لي منهن في آخر الرواية.لماذا وقع الاختيار على"ظننته وطنا" عنوانا للرواية؟احترت والناشر كثيرا في اختيار الاسم، كنت أرغب في "بقايا الروح"، لكن بالبحث اكتشفت أن هناك عملا بنفس الاسم، فاقترح علي الكاتب والصديق أحمد أبو النصر اسم "ظننته وطنا"، فوجدته يعبر عن الرواية بشكل كبير، فكل امرأة اختارت الزواج من رجل،كانت تظن في البداية أنه السكن والوطن، حتى اكتشف البعض منهن أن بعض الظن إثم.ما أبرز المشكلات التي تواجه المرأة؟المرأة تواجه مشكلات في العمل، فـرغم توافر الأجواء لها بشكل لم يسبق له مثيل، إلا أنها مازالت تعاني من التمييز ضدها في العمل، ففي بعض المؤسسات راتبها أقل من راتب الرجل، وهناك دول عربية حتى اليوم تفضل الرجال في العمل على النساء، ونسبة ليست صغيرة من الرجال مازالوا يرفضون الاستقلالية المالية الكاملة للمرأة، علاوة على النظرة العقيمة التي ينظر لها البعض للمرأة المطلقة التي اختارت أن تنفصل عن زوجها وتعيش بمفردها.ماذا عن مشوارك الدراسي؟درست في كليه العلوم بقسم الكيمياء، كان أملي أن التحق بكلية الإعلام، لأصبح مذيعة، لكن مجموعي في الثانوية العامة كان أقل ما حرمني من دخولها، رغم ذلك لم أنس حلمي يوما واحدا وكنت دوما أسعى إليه. هل كان طريق السعي صعبا؟بعد تخرجي في كليه العلوم، تقدمت لدراسة الإعلام، لكن ظروف زواجي لم تتح لي فرصة المواظبة والدراسة، فلجأت إلى بعض التدريبات والكورسات في مجال الإعلام والإذاعة، بجانب البحث عن فرصة عمل في هذا المجال حتى وجدتها بعد مشقة عانيت فيها بسبب عدم وجود "واسطة" ما أصباني كثيرا بالإحباط.

غلاف" ظننته وطنا"
كيف أصبحت مقدمة برامج؟عندما انتقلت إلى الرياض قدمت في قنوات سعودية، الحمد لله تم قبولي في أكثر من قناة، اخترت قناة"صلة" الفضائية لأنها منحتني الثقة حتى أنها في برنامجي الذي أقدمه أعطتني حق الإعداد بجانب التقديم ،لذلك أشعر بالرضا فلا أحد يفرض شيئا علي، خصوصا أنني أرفض أن أناقش قضية غير مقتنعة بها أو لا أرها مفيدة للمشاهد.ما تأثير عملك كمقدمة برامج على كتابتك الإبداعية؟عملي في الإعلام أفادني جدا، أتاح لي الفرصة أن أقابل ثقافات متنوعة وشخصيات وعقول مختلفة،شعرت أن هناك الكثير من الموضوعات أستطيع أن أناقشها في أعمالي الأدبية.
كيف ترين تجربتك الأولى مع رواية "قلب نور"؟ رواية محببة ومقربه لقلبي، لم أكن أنوي نشرها، كنت أكتب لمجرد أنني أريد التعبير عما بداخلي، وإخراج طاقتي على الورق، بالصدفة وقعت في يد خالي المهندس أشرف السكري، طلب مني قرأتها، بعد يومين وجدته يؤكد لي أنها قصة رائعة، بها الكثير من الأحاسيس ويجب علي نشرها، أقنعني بخوض التجربة. قرأت عن فن كتابة الرواية، اجريت التعديلات اللازمة، سمعت حينها أن دار "إبداع" جيدة، أرسلتها إليها ولدي علم بأن تقييم العمل فيها يستغرق ثلاثة شهور، لكن المفاجأة أن الدار تواصلت معي بعد أقل من أسبوع، طلبت مني تحديد موعد لإمضاء عقد الرواية، وقد كان، رغم أني لم أتخيل يوما أن أكون كاتبة محترفة .كيف تعاملت مع ردود أفعال القراء؟أنا عاطفية جدا، أتأثر بأبسط الأشياء، عندما كان يوجه لي أي قارئ نقدا أو يقول لي سلبيات بشأنها بطريقة مستفزة، كنت أبكي بل أصاب بالانهيار من شدة البكاءً، لكن مع الوقت تعودت أن أتقبل كل الآراء، تعلمت أن هناك أشخاصا دورهم في الحياة يتمثل في التقليل من الآخرين، وأننا يجب أن نأخذ من كلامهم ما يفيدنا ويدفعنا إلى الأمام، وأن نتجاهل أي كلمة هادمة.بمن تأثرت؟إحسان عبد القدوس، لأني عاشقة لقلمه وطريقته وإحساسه، تأثرت أيضا بكتابات مي زيادة التي كانت تعجب والدي رحمه الله، فأطلق علي اسمها.هل هناك أعمال استوحيتها من سيرتك الذاتية؟رواية "لم أعد صغيرة و ليتنى بقيت" بها جزء كبير من حياتي، خصوصا ما يتعلق بالمشكلات التي واجهتني في طريقي للبحث عن فرصة مناسبة في مجال الإعلام و ما تعرضت له، أيضا إحساسي بوفاة شقيقي وصفته بكل دقة في الرواية، لذلك أراها أكثر عمل لي يلمس جزءا كبيرا من حياتي.ما المشكلات التي يتعرض لها الكاتب في البلاد العربية؟لا توجد حرية كافية للتعبير عن الأفكار، بعض القراء يظنون أن أي رأي في الرواية هو رأي الكاتب، ولهذا يشنون الحروب عليه لمجرد اختلافهم في الرأي،الذي هو في الأصل رأي أحد شخوص الرواية وليس الكاتب، الكاتب من المفترض أن يعبر عن كل الآراء ويكتب عن كل النماذج. ما رأيك فيما يقال بأننا أصبحنا نعيش في زمن الرواية؟كنت أتفق معها منذ سنتين، لكن الآن ومع انخفاض نسبة القراء نتيجة ارتفاع الأسعار، لا أشعر أننا في زمن الرواية. ما أهم القضايا التي تدافعين عنها في كتاباتك؟قضايا المرأة والاهتمام بمشاعرها وأحاسيسها، وقضايا الحب والعلاقات الاجتماعية.هل ستظل المرأة ومشكلاتها القاسم المشترك في أعمالك؟في كل عمل أنوي أن أبتعد عن المرأة نوعا ما، لكن من دون أن أشعر يأخذني قلمي للتعبير عنها، أتمنى أن أقدم شيئا مختلفا إن شاء الله.ماذا عن الرجل؟هناك كاتبات يتحاملن على الرجل، لكني لست منهن. ثمة رجال يتميزون بالطيبة أمام نساء ظالمات، في رواية "ظننته وطناً" كان التركيز الأكبر على المرأة المظلومة، لكن هذا لا يعني أنني اتهم الرجل بشيء ما، فالرجل هو الأب الذي تفتخر به ابنته و الابن الذي يصبح السند لأمه، والزوج الحنون الذي يحتوي زوجته ويحبها، الرجل نصف المجتمع كما هي المرأة.إذن أنت تتعاملين مع الرجل بحيادية؟في حياتي عموما أتعامل معه بحيادية، في كثير من المواقف الحياتية التي أعيشها، أساند الرجل ضد بعض النساء المستبدات اللاتي يدعين الضعف والانكسار وفي الواقع أن كيدهن لا مثيل له. هل لديك طقوس معينة في الكتابة؟الكتابة رزق من الله، يرزقني بها في أي وقت. أتذكر يوما كنت أقود السيارة،وإذا بفكرة خطرت على بالي فأوقفت السيارة وأمسكت بهاتفي وظللت أكتب ما أشعر به لنصف ساعة. لا توجد طقوس معينة، لكن هناك أشياء مرتبطة معي بالكتابة مثل البكاء، أتأثر جدا وأبكي من شدة وجعي وتعاطفي مع شخوص روايتي، كما أبكي فرحاً من شدة تأثري بفرحهم، أندمج في لحظات الحب لدرجة أني أشعر بأني عاشقة إلى حد الثمالة، قد لا يعلم الكثيرون بأني بعد انتهائي من كتابة"ظننته وطنا"ظهرت أعراض الاكتئاب علي، لأني اندمجت مع الحالات التي كنت أحكي عنها بصورة جعلتها تؤثر بالسلب علي حياتي.ما طموحاتك؟الإعلام الذي أتمنى أن أحقق أحلامي فيه، وأن أصل ككاتبة لقراء أكثر، بكتابات تناقش قضايا تهم المجتمع ويستفيد منها القارئ، لا أريد أن تكون روايتي مجرد وقت للتسلية، أريد أن تكون هادفة ومفيدة،تغير في حياة من يقرأها للأفضل.ما جديدك؟هناك مجموعة قصصية قيد الكتابة، مشتركة بيني وبين صديقي الكاتب أحمد أبو النصر، بعنوان "إلى الذين كانوا يوما"، نركز فيها على الرجل والمرأة معاً، نحاول فيها وصف المشاعر والأحاسيس التي يشعران بها، أتمنى أن تكون هذه المجموعة من أنجح الأعمال الأدبية وأهمها.