ميسون: أُفضّل التنويع... ونحتاج جهداً جماعياً حتى نعود للصدارة

دمشق ـ سامر إسماعيل:

أتت الفنانة السورية ميسون أبو أسعد، بقوة إلى التمثيل؛ فبعد تخرجها من معهد الفنون المسرحية بدمشق؛ عملت في المسرح والسينما والتلفزيون، مشاركةً في ورشات الرقص والحركة المسرحية مع فرق محلية وعربية وأوروبية. كما شاركت في مهرجانات مسرحية وسينمائية دولية؛ ومن أبرز أعمالها المسرحية "هجرة أنتيجون، كلاسيك، عشاء عيد ميلاد طويل، الأشباح، الرهان، بيت الحكمة، السقوط، وأحلك الأوقات" مثلما قدمت في السينما أدواراً لافتة منها فيلمي "مريم" و" أهل الشمس" مع المخرج باسل الخطيب، وفي التلفزيون لمعت في دراما "عن الخوف والعزلة، أهل الغرام، فنجان الدم، على قيد الحياة، المارقون، وراء الشمس، الحوت، طالع الفضة، حدث في دمشق، قيود الروح، سقوط الخلافة وأرواح عارية" لتكون إطلالتها الأقوى في مسلسل " باب الحارة 6".
عن هذه التجربة تقول ميسون لـ "السياسة": ليست كل الأعمال المقدمة على أنها بيئة شامية متشابهة؛ فمنها ما ينحى منحى توثيقي تاريخي؛ ومنها ما يركّز على حدوتة شعبية وجماهيرية نالت بالأساس شهرة ونجاح مثل "باب الحارة" عدا عن أعمال تستخدم الحارات الدمشقية لتقديم حكاية بشكل كوميدي و"كراكترات" كوميدية. أثمّن تجربتي في "باب الحارة" سواء على صعيد تكريس شهرتي خارج سورية؛ أو غرابة وفرادة الدور الذي يظهر بطريقة ملفتة جداً ومختلفة عن الأدوار الأنثوية في الأجزاء الخمسة الأولى؛ ولكن أيضاً أحببت في شخصية "ناديا" انتصار الحب؛ حب "أبو عصام" عباس النوري، ومن خلاله محبة دمشق بكل ما تتضمنه هذه المدينة من مبادئ عيش مشترك وأخلاقيات.وبرأيي هذه رسالة إيجابية في الفترة الحرجة التي نمر بها؛ وقد كان العمل مليئا بالإشارات الإيجابية التي يمكن أن تسقط على الواقع الحالي.
عن صورة المرأة السورية في أعمال البيئة، تقول: أريد أن أكون شمولية أكثر ونتحدث عن صورة الإنسان السوري في كل الأعمال؛ فتقديم المرأة بصورة عميقة أو غير منتقصة القيمة الإنسانية؛ فهذا برأيي مشروع ليس كاتب أو مخرج فقط. هذا مشروع وطني بامتياز ويحتاج إلى تكاتف جهات كثيرة للحرص على الخروج بصورة درامية وإعلامية ذات مقاييس محددة.

الخيانة الزوجية
فيما يخص طغيان أعمال الخيانة الزوجية في الدراما، أوضحت ميسون: طرحت الدراما السورية نماذج متنوعة لسوريات من شرائح وخلفيات عدة؛ وهذا طبيعي وينسحب على كل عناصر العمل الفني بما فيها المضمون؛ سواء كان يركز على المرأة أم لا. متفهمة لتركيز شريحة كبيرة من الصحافيين على مسلسلات تناولت "ثيمة" الخيانة؛ ولا أرى مشكلة في طرحها دراميا؛ لأنها موجودة في الواقع؛ لكن أقدّر أن الإشكالية في شكل الطرح؛ والتركيز على هذا الموضوع، فلو كانت الخيانة خطاً من ضمن مجموعة خطوط أخرى في مسلسل واحد؛ لكان التأثير أخفّ وطأة.
تحافظ ميسون، على أداء هادئ وطفولي أمام الكاميرا. وعنه تقول: لابد أن هذا أحد جوانب شخصيتي؛ ولكنني أنتظر لعب أدوار تبتعد عن الإيحاء الأولي في وجهي. أنتظر لعب دور شرير أو دور يحتاج للرقص، فأنا أحب الأدوار التي تنضوي على تناقضات وصراعات كما يحدث في الطبيعة.
عن خصوصية شخصية "زينة" في فيلم "سوريون - أهل الشمس" إخراج باسل الخطيب، قالت أبو أسعد: أترك هذا لمن يعشق السينما؛ وينتظر أن يرى فيلماً أنيقاً كالعادة مع باسل الخطيب؛ إلا أنها شخصية شفافة جداً وتمتلك مساحات كثيفة للتعبير عن الألم الذي نعيشه الآن؛ ولكن دون صراخ. وهذا يبرر سعادتي بتعاوني سينمائياً وللمرة الثانية مع باسل الخطيب، وعلى ثقة أن كاميرته تؤرشف ممثلاً وحكاية وزمناً بصورة سينمائية جديرة بالعرض في أي مكان بالعالم.
عن واقع الدراما السورية في ظل هجرة العديد من نجومها ومخرجيها، قالت: آمل أن تستعيد الدراما السورية ألقها وأن يعمل الجميع في سورية على ذلك. أنتظر أن يكون هذا الموسم أفضل فهناك أعمال كثيرة آمل أن تفرز نوعاً. وبالنسبة لعمل النجم السوري في الخارج أنظر له يإيحابية، إذ أن التجارب تعتمد على وجود عدة نجوم عرب في العمل الواحد؛ الجميع يعترف أن الحضور السوري في هذه الأعمال متألق ومتميز؛ وهذا يرفع من معنوياتنا كسوريين عندما يتم التركيز على تميزنا في فترة حرجة كالتي نمر بها. لكن أطمح إلى آلية تسويق ذكية ترفع من سعر وسوية العمل السوري خارج سورية، وتوزعه على أهم وأكبر محطات؛ كما آمل أن نقتحم أسواق غير عربيةً في المستقبل.
تتمتعين بموهبة خاصة في أداء الدور أمام الكاميرا، لكن هل نلتِ فرصتكِ الحقيقية؟، تجيب: شاركت في أهم الأعمال التلفزيونية السورية؛ ومازلت في كل موسم أرفض عدد أعمال أكثر من التي أقبل بها؛ والممثل أو الممثلة المجتهدين واللذين يحبون عملهم والتميز والتجدد به هم مرغوبون لدى المنتج والمخرج.
تشير ميسون، إلى التباين في أدوارها، قائلة: شاركت هذا الموسم بعدة مسلسلات منها "السلطان والشاه"، الذي كان متعباً وممتعاً لي، كما قدمت شخصيات مختلفة في "بقعة ضوء 12"، وهذا أمر لا بد منه كي يبتعد الفنان عن التنميط ويظهر بحلة جديدة.
عن مشاركتها في "بقعة ضوء" ولا سيما لوحة "أخلاق رياضية" مع عبدالمنعم عمايري التي لاقت صدى كبيراً، أوضحت: تمنيت لو شاركت ف عدد أكبر من لوحات المسلسل لكن سفري للتصوير حال دون ذلك، خصوصا أن صناع الدراما يميلون الى استثمار الممثل في نمط ينجح بأدائه، أما الممثل فيميل إلى التنويع والمغامرة.
وتضيف: سعيت لأداء أدوار بعيدة عن التي يسندها لي بعض المخرجين عادةً، وأترك الحكم في النهاية للجمهور والصحافة، إلا أنني تلقيت مثلاً ردود فعل مباشرة على مسلسل "مذنبون أبرياء"، حيث تفاعل الجمهور مع دوري، وفوجئوا بأنه انتهى في الجزء الثاني.

سراب
عن شخصية "سراب" في "مذنبون أبرياء" والتي أثارت ضجة، تقول أبو أسعد: لم يتوقع الناس أن أؤدي دور مروجة مخدرات، ولا سيما أن الأعمال التي قدمت شخصيات مماثلة قليلة جداً، ولكي أعكس طبيعة "سراب" في المسلسل عملتُ على تصميم شكل خارجي مختلف ليعكس حدة الشخصية، ونوعاً من القسوة، ورغم ذلك، فإن لحظات الحب القليلة التي عاشتها "سراب" كانت لطيفة ورقيقة كأي فتاة عادية، والمسلسل قدم وقتها رسالة توعية للتحذير من تعاطي المخدرات.
عن تقييمها للدراما السورية رأت ميسون، أنها جيدة من حيث الكم، ولكن انشغالها بالتصوير حتى في رمضان منعها من متابعتها كلها، وترفض أبو أسعد، اعتبار أن المسلسلات المشتركة سحبت الكوادر السورية المهمة، لكنها ترى أن الأزمة السياسية نتج عنها سفر بعض هذه الكوادر، ما سمح لهذه المسلسلات باستثمار العناصر السورية الناجحة.

العمل الجماعي
وتطرقت لواقع الدراما السورية قائلة: حتى يعود المسلسل السوري إلى الصدارة فهذا يحتاج للكثير من العمل الجماعي على مستوى وطني بدءاً من وضع ستراتيجية واضحة، وتكاتف القطاعات العامة والخاصة المعنية انطلاقاً من أن الدراما صناعة وقوة مؤثرة، وليست فقط مسلسلات تنتج بشكل اعتباطي لتخدم المنتج بالدرجة الأولى.
عن نجاح الدراما في نقل واقع الأزمة، تقول ميسون: ما زال هناك الكثير من التفاصيل لا يستطيع عمل درامي واحد الإحاطة بها ربما مجموع الأعمال يقارب واقع الأزمة، كما يجب ألا ننسى الأفلام التي أنتجتها "المؤسسة العامة للسينما"، والتي طرح معظمها واقع الحرب التي نعيشها.