الجمعة 04 أكتوبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

مينا مسعود... اختصر الزمن والمسافات بقفزة "علاء الدين"

Time
الأحد 16 أبريل 2023
View
5
السياسة
نجوم عربية في سماء العالمية

* عمل في مطعم لينفق على دراسة التمثيل بعد أن ترك الطب
* يرفض أدوار تسهم في تثبيت الصورة النمطية للعرب في هوليوود
* مؤسسته الخيرية تدعم مواهب المغتربين في الولايات المتحدة
* استعار طريقة أداء إسماعيل يس وعادل إمام لتأثره الشديد بهما
* "Jack Ryan" منحه الشهرة... ويتمنى تجسيد شخصية عبدالحليم حافظ
* "عز الظهر" تجربته الأولى في السينما المصرية... و"العملاق" جديده


مينا مسعود


Mena Massoud / Gala-Screening ALADDIN / UCI Luxe am Mercedes Platz in Berlin am 11. Mai 2019 / Portrait / Bitte Fotovermerk: Agentur Schneider-Press/John Farr//SCHNEIDERPRESS_ASP_ALADDIN-Gala-Screening_111/1905121359/Credit:SCHNEIDER PRESS/SIPA/1905121401 (Newscom TagID: sfphotosfour016528.jpg) [Photo via Newscom]


مينا مع ويل سميث


القاهرة - أحمد أمين عرفات:

عندما اختارته شركة ديزني العالمية العام 2019 لأداء دور "علاء الدين" في فيلم بالاسم نفسه، لم يكن أحد يتخيل أن هذا الشاب المصري الذي يحمل الجنسية الكندية، يمكنه أن يحقق بفيلمه أكثر من مليار دولار أميركي على مستوى العالم، ومن بعدها أصبح حديث الساعة وأحد ألمع نجوم هوليوود بفضل موهبته والقبول الذي يتحلى به، إنه الفنان والمغني مينا مسعود، والذي بدأ رحلته كممثل بأدوار صغيرة، لكنه تجاوز الزمن وطوى مسافات طويلة في قفزة واحدة، عندما امتطى بساط "علاء الدين" السحري ليصل إلى النجومية.
17 سبتمبر 1991، تاريخ لا يمكن أن ينساه مينا، فهو يوم مولده بالقاهرة، وعندما بدأ يعي ما حوله وجد نفسه الابن الوحيد والمدلل بجانب شقيقتين أكبر منه، ولم تكد عيناه تتعودان على المكان الذي يعيش فيه ويألف المحيطين به من أقارب وجيران، حتى قرر أبيه الهجرة إلى كندا، وقتها كان عمره ثلاث سنوات، ومع هذا لا ينسى دموع أمه وهي تودع بيتها وتحتضن أقاربها بشكل أخافه مما هو قادم، فعقله الصغير لا يعي ما يحدث، لكنه بعد ساعات من مغادرته البيت الذي ولد فيه، استقل الطائرة مع أسرته ليجد نفسه في مكان آخر مختلف تماما عما تعودت عليه عينيه، ويرى وجوها أخرى غريبة عنه، ليست فيها الحميمية ولا الدفء التي كان يشعر به في مصر.

قرار خطير
مع الوقت بدأ مينا، يتأقلم على الحياة الجديدة في كندا، لكن والده مسعود، كان حريصا على ألا يتركه تماماً لهذه الحياة ويفصله عن لغته وهويته، فلم تختلف الحياة في البيت الجديد عن البيت الذي تفتحت عليه عيناه، لا كلام سوى بالعربية والأغنيات والأفلام والأكلات أغلبها مصرية، والتواصل مع الأهل والحديث معهم لا ينقطع، فنشأ الطفل الصغير على أغنيات عبدالحليم حافظ وأم كلثوم وضحك كثيرا مع أفلام إسماعيل يس وعادل أمام.
بدأ مينا، دراسته وواصل تعليمه في مدرسة "سانت براذر اندريه الكاثوليكية الثانوية"، واكتشف بداخله حب التمثيل، ورغبته في أن يكون ممثلا، لكن هذه الرغبة لم تجد ترحيبا من أسرته، التي ترغب في حصوله على شهادة دراسية بأحد التخصصات العلمية مثل الطب، وما ان انهى دراسته وحصل على معدل كبير، حتى التحق بكلية الطب ورغم حصوله على تقدير مرتفع في السنة الأولى، أيقن أنه يخدع نفسه باختيار مهنة لن يجد فيها ذاته، وأنه لا يريد سوى العمل بالتمثيل الذي تمكن منه ولا يستطيع مقاومته، فترك كلية الطب والتحق بكلية الفنون في أكبر جامعات كندا، ولأنه حلمه وقراره الذي اتخذه بمفرده، حزم أمره أن يعفي أسرته من الإنفاق على دراسته الجامعية، فعمل خلال الدراسة الجامعية بأحد المطاعم، وهو الأمر الذي قوبل باعتراض أبيه، الذي رغم فشله في اقناع ابنه باستكمال دراسة الطب، إلا أنه لم يحرمه من الانفاق عليه، لكن مينا، أصر أن يتحمل نفقات دراسته لكونها مرتفعة جدا، ما جعله يعاني الكثير من الصعوبات لتحقيق الحلم الذي أمن به وحتى يثبت لنفسه ولأسرته، أنه كان على صواب عندما فضل التمثيل.
بدأ مينا، رحلة الاحتراف، في العشرين من عمره، ولم يكن الطريق ممهدا أمامه، ففي بدايته المبكرة أدرك أن فرص ذوى الجذور العربية محدودة للغاية، وأن أكثر الأدوار التي ارتبطت بهم الشخصيات الإرهابية والمتطرفين دينياً، ولأنه لم يجد غيرها وافق على بعضها بجانب أدوار أخرى، كان القاسم المشترك بينها أنها صغيرة، وقد شهدت هذه البدايات مشاركته في مسلسلات "نيكيتا Nikita"، "مستشفي القتال Combat Hospital" وهو درامي طبي، "انقاد غريس Saving Grace" الذي ينتمى لعالم الجريمة، ومع الوقت بدأت مساحة أدواره تزيد، كما حدث عندما جسد العام 2015 دور "غاريد مالك" في المسلسل الكندي "افتح قلبك Open Heart"، وكذلك دور "طارق كسار" في المسلسل الأميركي "جاك ريان Jack Ryan"، الذي لفت إليه الأنظار، لدرجة أنه لم يمر عليه سوى أشهر قليلة من عرضه، حتى كان الانقلاب الكبير في حياته، عندما اختارته شركة ديزني العالمية لأداء دور "علاء الدين" في الفيلم الذي يحمل الاسم ذاته.

فرصة ذهبية
غمرت السعادة مينا، بصورة لم يستطع وصفها ولسان حاله يقول "ها هي الفرصة جاءت على طبق من ذهب، وأن نجاحي فيها هدف قومي، يجب أن أحققه لكي تتغير النظرة للفنانين، ليس فقط العرب ولكن لكل الأعراق المختلفة في هوليوود".
بدأ مينا، تصوير الفيلم وكان جاهزا وكله حماسة وتفاؤل لثقته في موهبته التي كانت تحتاج إلى فرصة لإبرازها، حتى أنه كان يمازح مخرج الفيلم غاي ريتشي بأن إيرادات "علاء الدين" ستزيد على المليار دولار، ويشاء القدر أن تتحقق مزحته أو أمنيته وتتحول إلى حقيقة، فقد حقق الفيلم نجاحا كاسحا في كل الدول التى عرض فيها، ليس فقط في الدول العربية، لكونه يتناول شخصية بطل عربي مثلهم، ولكنه أيضا جذب جمهور غفير رغم اختلاف ألوانه ولغاته ومعتقداته، ويؤكد ذلك ما حققه من نجاح كبير في اليابان وكوريا الجنوبية.
أصبح اسم مينا مسعود، حديث الساعة بعد النجاح الساحق لفيلم "علاء الدين" والذي شاركه بطولته النجم ويل سميث، حتى أن صناع الفيلم بدأوا في الإعداد لجزء ثان منه مازال في طور التحضير، هذا النجاح لم يكن كله ورود، إذ وجد مينا، نفسه أمام مسؤولية كبيرة، فبدأ يدقق في كل ما يأتيه من بطولات، ووجد أن كل السيناريوهات التي تعرض عليه دون مستوى "علاء الدين"، فأصبح رفضه العمل فيها سيد الموقف، وظل كذلك حتى عرض عليه فيلم "معاملة ملكية"، فنال إعجابه ووافق عليه، خصوصا أنه يتيح له العمل مع الممثلة والمغنية الأميركية الشهيرة لورا مارانو، وحظى الفيلم بنسب مشاهدة عالية عند عرضه على منصة "نتفليكس"، خصوصا أنه أعاد الناس إلى الرومانسية، وجسد "مينا" دور "الأمير توماس" الذي يقع في حب مصففة الشعر "إيزابيلا"، وقد أبدى سعادته بالدور، لأن هوليوود وجدته مناسبا له، ولأنه في الوقت نفسه حقق بعض أهدافه التي دخل من أجلها التمثيل ومنها تقديم الأدوار الرومانسية بجانب التاريخية و"الأكشن"، إضافة إلى رسالة الفيلم التي أحبها واعتبرها تخدم أهدافه في تحقيق العدالة، إذا يكشف أهمية عدم التفرقة بين أصحاب البشرة السوداء والبيضاء.
كما شارك مسعود، أيضا في مسلسل "انتقام Reprisal" حول امرأة تضع خطة للانتقام من كل الذين شاركوا في قتل زوجها، وقد لعب فيه دور "إيثان هارت"، كما شارك بصوته في فيلم رسوم متحركة، وأهلته شهرته أيضا للاستعانة بصوته المميز في لعبة الأكشن والمغامرات Watch Dogs 2.

الطريق الصحيح
بعد النجاح الساحق الذي حققه مينا، في "علاء الدين"، عاهد نفسه على عدم أداء أية أدوار تقلل من شأن العرب وتساهم في تثبيت الصورة النمطية عنهم في السينما العالمية.
بعد هذا الفيلم أيضا وبسبب الصعوبات الكثيرة التي واجهها في بداية حياته، وحتى لا يتعرض الجيل الجديد لها، فيصاب بالإحباط ويتخلى عن موهبته وعشقه للفن، أنشأ مينا مؤسسة "EDA"، لا تهدف إلى الربح بل تدعم المواهب الشابة من مختلف الجنسيات في التمثيل والرقص والموسيقى، ومساعدتها وتدريبها وتقديمها في أدوار مناسبة، ووضعها على الطريق الصحيح الذي يكون بمثابة محطة الانطلاق في التمثيل، قبل التحليق في سماء هوليوود، وقد سبق لمؤسسته أن منحت الفنانة المغربية نسرين الراضي جائزتها عن فيلم "آدم" تقديرا لمستواه الفني ومضمونه الجيد إذ يتناول قضية الأمهات العازبات في المغرب من خلال قصة واقعية، وقد أهله ذلك للعرض في مهرجان "كان" والمنافسة على جائزة مسابقة "نظرة ما".
لم يقتصر مينا، على التمثيل فحسب، بل خاض تجربة الكتابة من خلال إعداده كتاب "تطور نباتي Evolving Vegan" وطرحه في الأسواق العام 2020، ويتناول فيه تجربته كشخص نباتي، وأهم الأطعمة التي عرفها من خلال جولاته في العالم التي تناسب النباتيين، ومنها الأطعمة المصرية، المكسيكية، الإيطالية، التايوانية، الهندية، الأميركية، الإثيوبية وغيرها، بجانب لقاءات قام بها مع أشهر الطهاة الذين ابتكروا وجبات للنباتيين، وقد لعب البرنامج الذي قدمه وحمل اسم الكتاب ذاته دورا في خروجه إلى النور، حيث استغل جولاته التي قام بها أثناء تصوير البرنامج لمختلف الدول وحولها إلى مادة مكتوبة ومصورة شكلت ملامح الكتاب.

الزعيم وملك الكوميديا
رغم شهرته العالمية، ظل مينا، حريصا على تواصله المستمر مع جذوره المصرية والبلد التي ولد فيها، ليس فقط من خلال الزيارات العائلية، ولكن أيضا بالمشاركة في فعاليات فنية سواء في مهرجانات، مثلما حدث عندما تمت دعوته لحضور مهرجان الجونة السينمائي، أو للعمل في الأفلام المصرية لينضم إلى ذاكرة السينما ويجاور اسمه كبار نجومها الذين أحبهم، معلنا فخره بهم ومدى تأثيرهم عليه في أدواره التي قدمها في هوليوود، ففي لقاء له مع قناة "بي بي سي" قبل سنوات عدة، كشف بأنه تعلم الكثير من مشاهدة الأفلام الكوميدية المصرية وتحديدا من نجميها إسماعيل يس وعادل إمام، خصوصا في طريقة استخدامهما لغة الجسد وتعبيرات الوجه دون الاعتماد فقط على الكلمات التي ينطقون بها، وهو ما لا يجده في السينما العالمية، لذلك تأثر بهما كثيرا في أدواره الكوميدية التي لعبها ونالت إعجاب الجميع، لأنه قدمها بطريقة جذابة ومختلفة عما اعتاد عليه الجمهور الأميركي.
شارك مينا، في السينما المصرية، من خلال فيلم "في عز الظهر" الذي يعد أول أعماله الفنية فيها، ويدور في إطار الأكشن والتشويق، حيث يجسد فيه دور زعيم عصابة دولية ويشاركه البطولة عدد من النجوم المصرين الشباب منهم إيمان العاصي، جميلة عوض، إخراج مرقس عادل. كما لم يخف رغبته في تجسيد شخصية العندليب عبدالحليم حافظ في فيلم سينمائي كبير وأرجع ذلك إلى حبه الشديد له علاوة على أن قصة حياته مليئة بالصراعات والكفاح والغموض.
اختارت مصر ممثلة في وزارة الخارجية في العام 2019، مينا مسعود، ليكون سفيرها في مبادرة "تحدث المصرية" التي تهدف إلى الحفاظ على هوية المغتربين المصريين، خصوصا الأطفال، كما أنه ينتهز كل فرصة تتاح له في الترويج لبلده مصر معلنا حبه الكبير لها، وليس أدل على ذلك من قيامه بنشر صورة له عبر حساباته بمنصات التواصل الاجتماعي ظهر فيها أمام الأهرامات، وكان ذلك على هامش حضوره حفل دار الأزياء الفرنسية "ديور"، ولم يكتف بهذه الصورة، بل نشر أيضا فيديو له وهو يقوم بمغامرة داخل الهرم الأكبر، فشاهده الملايين من متابعيه وهو يتجول في الممرات الداخلية للهرم وحجرة دفن الملك خوفو، ويتحدث إليهم مؤكدا فخره بانتمائه لمصر وحضارتها العريقة، واختتم هذا الفيديو بعبارة باتت من أقواله المأثورة وهي "إن استطعت أن تبني هرما فأنت تستطيع أن تفعل أي شيء".

الضربة القاضية
رغم الشهرة العالمية التي حظى بها مينا مسعود، لكن خطواته تتسم بالهدوء، لأنه لا يريد أن يستهلك نفسه في أعمال لا قيمة لها، فهو لا يزال حريصا على القمة ويأبى أن يتنازل عنها، ويعتبر الفن مثل حلبة المصارعة، البقاء فيها للأقوى، وربما لذلك اختار أن يكون فيلمه الذي يجهز له حاليا ويحمل اسم "العملاق Giant" عن أحد أبطال الملاكمة هو "نسيم حميد"، نجم الملاكمة البريطاني ذو الأصول اليمنية، والمفارقة أن هذا الملاكم الشهير كان يمتاز بطريقته الخاصة في الدخول إلى حلبة الملاكمة ومنها دخوله على سجادة طائرة مثل البساط السحرى، الذي ارتبط بشخصية "علاء الدين"، علاوة على كونه أصبح مثلا أعلى للملايين من عشاقه بقدرته وكفاحه في مواجهة العنصرية الغربية، التي تواجه ذوى الأصول العربية والإسلامية خلافا لكل ما يشاع عن هذه المجتمعات، وتمكن من هزيمتها بالقاضية واستطاع أن يعتلى القمة، وهو نفس ما يسعى إليه مينا مسعود، في رحلته مع الفن والحياة والتي لا يزال يواصلها بإصرار شديد على حلمه في أن يصبح الأول في هوليوود.
آخر الأخبار