الخميس 26 يونيو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

نادين لبكي: "كفرناحوم" عن فوضى وخراب عالمنا

Time
الثلاثاء 26 مارس 2019
View
5
السياسة
نالت المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي عشرات الجوائز العالمية والعربية عن أحدث أفلامها "كفرناحوم"، الذي أحدثت به صدمة إيجابية لدى جميع من شاهده وتعرف عن قرب على واقع أطفال الشواع واللاجئين وسكان العشوائيات وهي قضايا يعاني منها العالم أجمع.
ومع ان كل ما في الفيلم حقيقي وواقعي، إلا أن فئة قليلة هاجمت لبكي واتهمتها بتشويه لبنان والمتاجرة بآلام الأطفال دون إيجاد حل لمشكلاتهم.
لبكي بعد انتهاء موسم الجوائز العالمية ووصولها إلى القائمة القصيرة لجائزة "أوسكار أفضل فيلم أجنبي"، نظمت عرضا خاصا للفيلم وندوة نقاشية في القاهرة، دشنت بهما العرض الجماهيري للعمل الناجح في مجموعة كبيرة من دور السينما المصرية.
تقول لبكي عن اختيارها قضية أطفال الشوارع واللاجئين: رؤيتي طوال الوقت آلاف الأطفال المهدورة حقوقهم في بلادنا، يعملون فى إشارات المرور وغيرها من المهن المهمشة، دفعني كسينمائية لعرض مشكلاتهم وتوصيل صورتهم ومعاناتهم للمجتمع، وكان أمامي خيار من الاثنين إما المساعدة بطريقتي وإما ان أغض بصري، فاخترت أن أكون إنسانة وأقوم بواجبي نحوهم.
توضح نادين: أردت إحداث ما يشبه الصدمة النفسية للجمهور، وتحفيزه على أن يتحرك للمساعدة في قضية هؤلاء الأطفال، فالأمر ليس مقتصرا على لبنان أو الوطن العربي، بل هناك ملايين الأطفال في العالم يعانون من عدم توفر حياة كريمة، ما يهدد بحدوث كارثة مستقبلية، فهؤلاء الصغار يحملون غضبا تجاه المجتمع، نتيجة تعرضهم للإهمال، فكيف سيكونون في المستقبل.
عن اتهام البعض لها بالمبالغة والمتاجرة بقضايا الأطفال ولاجئي سورية لكسب تعاطف الغرب، ردت لبكي: الجمهور أعجب بعملي كثيرا، لكن فئة من الناس لم يعترفوا بوجود هذه المشكلات، وفضلوا "غض البصر" والاقتناع بأن الحياة جميلة وأننا نبالغ في الأمور.. وكنت أتوقع ردود فعل سلبية لأن الناس دائما يرفضون الاعتراف بوجود كل هذه المشاكل.
أما مشكلة الأطفال المشردين فموجودة بكل العالم، والحقيقة حاولت تخفيف الواقع لأنه أشد قسوة مما اظهرته بالفيلم. وفيما يخص اللاجئين فلدينا في لبنان أكثر من مليون ونص مليون لاجئ سوري، وهذه المشكلة تنعكس اقتصاديا على البلد، والاقتصاد اللبناني يعاني من أزمات عدة، وهذا ينعكس بشكل أو بآخر على الأطفال والمهمشين في المجتمع، وبالتالي قضية اللاجئين السوريين لا يمكن التغاضي عنها.
توضح نادين فكرة اختيار ممثلين غير محترفين، خصوصا الأطفال منهم، لصحيفة "روز اليوسف" المصرية: تعمدت أن كل من يشارك بالفيلم من غير المحترفين والأطفال تم اختيارهم من مناطق فقيرة وبيئة قريبة من الفيلم، وعملنا على "الكاستنغ" في عدد كبير من الأحياء الفقيرة والسجون والشوارع وغيرها من المناطق، التي كنا نبحث فيها عن "كاريزما" ولد مثل "زين" بطل العمل، حتى تعرفنا عليه في الشارع وهو يعيش في بيئة مشابهة لأحداث الفيلم، ولكن يختلف عن العمل بأن والديه في الحقيقة يراعيانه، وهو من اللاجئين السوريين حضر إلى لبنان مع أهله منذ 8 سنوات.
"زين" لم يكن يمثل شخصية في فيلم، فهو من كثرة الظروف الصعبة التي عاشها في حياته الواقعية والعنف الاجتماعي الذي صادفه، أصبحت شخصيته كالرجل الناضج، فهو مثلًا لم يذهب الى المدرسة نظرا لظروف أهله المادية الصعبة، وخلال التصوير كان زين يتعامل مع الشخصية ليس كممثل، بل يتعامل من تلقاء نفسه كرد فعله الشخصي عندما يتم وضعه في هذه الحالة، وكذلك الأمر بالنسبة لباقي العاملين بالفيلم فكان هناك إطار اجتماعي نضعهم فيه وهم يتعايشون ويرتجلون بشخصياتهم الحقيقية.
تجيب لبكي عن عدم تقديمها حلولا حتى لأصحاب الفيلم، "فأطفال الفيلم لم تتغير حياتهم" بقولها: ليس مهمتي ايجاد الحل، أقوم بعرض القضية، أما عن الأطفال الذين شاركوني الفيلم، فلو تحدثنا عن زين فهو حاليا التحق بمدرسة ويدرس مثل باقي أبناء سنه وهو كان محروما من التعليم، ولكن ما زالت مشاكل بقية الأطفال بالمجتمع قائمة.
وتشير نادين إلى سبب اختيار اسم "كفرناحوم": هذه المدينة ألقى عليها المسيح لعنة، فأصبحت تعبر عن الخراب والدمار، ونحن نستخدم المصطلح للتعبير عن مدى الخراب والفوضى التي وصل إليها حالنا، وكنت استخدم التعبير كثيرًا أثناء دراستي سواء بالمقالات العربية أو الفرنسية لاستعرض مهاراتي في الكناية اللغوية أمام مدرسيني.. ووجدت ان هذا المسمى هو الأصلح لحالة الخراب التي وصلتها هذه الفئة.
وتوضح تحضيرات نقل الواقع بهذه الدقة قائلة: تمت كتابة الفيلم في 3 سنوات عايشت خلالها هذه المناطق وحفظت مشاكلها، فأنا بعيدة كل البعد عنهم ولا يمكن نقل صورة خاطئة أو سطحية، لذا عايشتهم بشكل يومي. وساعدني هذا على تصوير المشاهد المركزة على حقيقتها.. فاخترت أماكن طبيعية في السجون والمحاكم والبيوت والحارات الحقيقية، فلم أكن أريد إضافة أشياء لا تمت للحقيقة بصلة كي لا نظهر بأننا مبالغون أو العكس، حتى إننا قمنا بالتصوير في الأماكن الطبيعية كلها، وكان الناس في الأسواق يتعاملون مع ممثلين الفيلم على انهم بائعون حقيقيون من كثرة ما رفضنا ان نقيم حواجز حول التصوير أو أى مظاهر تعرقل مسيرة الحياة الطبيعية التي ننقلها للشاشة.
تتابع: أردت تقديم رسالة اجتماعية مختلفة، وبدلا من أن نعطي بعض النقود لهؤلاء الأطفال ونقنع أنفسنا بأننا قمنا بالواجب، يجب أن نمد لهم يد العون في الحقيقة وكل منا يقوم بدوره.
ردا على سؤال هل الحل في تحديد النسل مثلما دعا زين أهله لعدم الإنجاب مرة ثانية، قالت: من الظلم ان نلخص حل كل المشاكل التي طرحها الفيلم في هذا، لا ننكر ان زيادة المواليد بشكل كبير يشكل عبئا اقتصاديا على المجتمع والاسرة، ولكن لا يمكننا العتاب على الاهل وهم أيضا ضحايا لقسوة الحياة والحالة الاقتصادية المزرية.. فمثلا فكرة عدم تسجيل الولد كشخص بالدولة ترجع لضرورة دفع مبلغ مالي كبير من قبل الاهالى لتسجيل المولود الجديد، مما يجعل أغلب أبناء هذه الطبقة غير معترف بهم بينما هم يتواجدون حولنا بكثرة.
وأخيرا تقول لبكي عن طفرة للسينما اللبنانية خلال السنوات الأخيرة: أعتقد ان السينما العربية بشكل عام أصبحت أكثر اهتماما بالأحداث والواقع الاجتماعي والمشاكل التي تعاني منها الشعوب.. فليست السينما اللبنانية فقط التي تهتم بالآخر وبالقضايا التي طرأت على مجتمعاتنا الشرقية، بل رسالتنا كلنا كفنانين أن نطرح هذه القضايا، لأن السينما تعكس الواقع.
آخر الأخبار