عبدالعزيز محمد العنجريرغم عزوف كثير من أهل الرأي عن الصدع بالحق، ربما بسبب الإحباط، أو خوفا من أن يساء فهمهم، ألا ان ذلك لا يعني قبول الصمت أمام ما تشهده الكويت من أحداث، فالمصداقية والتجرد في التعامل مع الشأن المحلي مطلب مستمر خصوصا، أننا في الكويت نفتخر بأن مجتمعنا لا يعرف حدودا جافة بين المواطن والقيادة.لذا نتساءل: ماهو سبب المشكلة الكبرى في الكويت؟يبدو لي من نقاشات ولقاءات مع عديد من أصحاب الرأي المخضرمين والمشهود لهم بالعقلانية، أن مكمن العلة هو في منصب رئيس مجلس الوزراء وليس في شخصه، فهذا الرئيس مُكلف بمنصبين لا واحد: الأول منصب علني وهو رئاسة مجلس الوزراء.والثاني هو منصب عرفي-أشبه برئيس- نقابة أبناء اسرة الحكم.هناك تنافر وتضاد كبيرين من واقع العمل والمسؤوليات، تجعل حامل هذين المنصبين في تضارب مصالح مستمر، بين السعي نحو حقوق عامة واجبة للشعب، وبين ضمان ديمومته وود أسرته الخاص له.
استمرار هذا العبء على رئيس مجلس الوزراء وعلى المواطنين يؤدي الى جعل السلطات الدستورية في حالة استرخاء يشبه الغفوة، وعليه، فإن الكويت ستستمر"نائمة على عجلة قيادة التنمية والإصلاح" مهما صرّح المسؤولون ليلا ونهارا، ومع كل شهيق وزفير بأنهم سيصلحون وسينجزون.وطالما يستمر برئاسة مجلس الوزراء من لديه -نظريا- احتمال الوصول للحُكم، فإن التضارب بين القرارات العامة والخاصة سيؤدي لمزيد من عرقلة للادارة التنفيذية والتنمية المطلوبة.ومن قراءة التاريخ الحديث في كثير من الدول العربية والغربية، نجد أن هناك أمثلة عديدة، تُؤكد، للأسف، ان غالبية الدول لا يمكنها عكس حالة الجمود والعرف والثوابت، أو حتى تغييرها، إلا إذا وقعت عندها مصيبة كبرى تجبرها على ذلك! ولا أحد يريد ذلك للكويت، لاسمح الله.لذلك، لا يزال لدينا بعض من الوقت لترميم واصلاح ما يمكن اصلاحه، حتى لا تتعقد الأمور أكثر، أو تعجز الحكومة تماما عن حلها، أو ان يكون حلها مستقبلا مكلفا ومرهقا جدا للجميع. هذه القناعة زادت لدى كثير من المواطنين، لذلك هم ليسوا متشائمين عندما يشعرون بأن السلطات الدستورية عاجزة عجزا تاما، وليسوا متشائمين اذا قالوا إنهم لا يستبشرون خيرا بالكويت، لكنهم سيكونون متشائمين -فقط- اذا قالوا إن السلطات غير راغبة بالتغيير، وهذا ما لا نرغب به، وهو جل ما نخشاه. لذلك كلنا متفائلون بأن البلد عاجز عن الاصلاح، وليس معاندا له، ولعل التغيير يأتي بأن يرأس مجلس الوزراء من لا يمكنه بتاتا الحُكم، فيكون بذلك في حل من قيود المنصب الثاني.حفظ الله الكويت، وأعانها على التركة الثقيلة، والله الحافظ والمستعان.