حدثٌ فاق التوقعات لجهة عدد الحاضرين، حيث امتلأت مقاعد مسرح الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في الرياض، وعددها يزيد عن 2800 مقعد، بمحبي فن الأوبرا ومتذوقي الفنون الجميلة والباحثين عن الأصالة في الأداء والموسيقى والصوت الجميل. الآذان صاغية والحضور متأهب للاستمتاع بأوّل حفل أوبرالي في المملكة العربية السعودية تنظمه الهيئة العامة للثقافة، ومتوجا بأداء رائدة الأوبرا العربية الفنانة اللبنانية هبة القواس. أعضاء أوركسترا كييف فيرتنوزي السيمفونية، بقيادة النمسوي كارل سولاك، أخذوا أماكنهم على المسرح ممسكين بآلات موسيقية نحاسية ووترية وإلكترونية، في مزجٍ جميل بين موسيقى الشرق والغرب. حضر الحفل المختلط أعضاء من مجلس الشورى ومثقفون وأكاديميون وكتّاب رأي وأطباء وسفراء كما حضر رئيس الهيئة العامة للثقافة أحمد المزيد في مشهدٌ جميل ضمّ الجنسين، النساء والرجال، في أمسية واحدة. انطلق الإحتفال في التاسعة تماما مع دخول أعضاء الأوركسترا وجرى عزف مقطوعة من تأليف هبة القواس بعنوان: Moments in Krakow ، تأثر بها الحاضرون واستحقت تصفيقا كثيفا ردّ عليه المايسترو باللغة العربية بلكنة نمسوية: "شكرا"، تبعها بالإنكليزية: "هبة القواس ليست مؤلفة فقط ولا مغنية فقط بل هي إمرأة قادرة على ترجمة الخيال على الورق. هي امرأة رائعة حقا. ولحظة إعتلاء القواس خشبة المسرح بثوبٍ أسود جميل مزدان بشريط أخضر في الوسط، وبوقارِها المميّز، ارتفعت الأنامل محيية مقرونة بحبٍ لفنانة تعرف أصول الموسيقى والحياة".14 معزوفة وأغنية تتالت، إحدى عشرة منها من تأليف القواس وثلاثة منها من شعر ندى الحاج وإثنتان من تأليف هدى نعماني وواحدة كتبها الدكتور عبدالعزيز خوجة وواحدة من مؤلفات كمال جنبلاط. ومن المقطوعات التي غنتها القواس: "لأني أحيا"، "وتحبني"، "حبيبي"، "أشممت عطري"، "يدك"، "نجوم الدني"، "أسرى بقلبي"، "انت أنا" والموشح الأندلسي "لما بدا يتثنى" كما قدمت "إمتى حتعرف"، استمتع معها الجمهور باللحن والكلمة والأداء حتى الارتواء.القواس خاطبت الجمهور بلغة القلب قائلة: "وقوفي هنا يعني لي الكثير. إنفتاح المملكة بالنسبة لي نور من هذه الأرض المباركة لكلِ العالم. أشكر ثقة أهل هذه الأرض. أشكر الهيئة العامة للثقافة لثقتِها بي. وأشكر هذا الوطن العظيم وملكه وولي عهده وشعبه. وأنا على يقين أن هذا الإنفتاح الذي شهدناه اليوم سينعكس انفتاحا على كلِ العالم العربي. وتأكدوا أن النهضة الإبداعية لا ولن تقوم إلا من خلال دولٍ عظمى". الحدثُ الذي تُوّج في الرياض كان من إنتاج مؤسسة "هبة القواس الدولية" وخير تعبيرٍ على أن الآتي سيكون حتما أجمل بكثير في مملكة عربية سعودية قررت بحزم وحسم نشر الثقافة الموسيقية إيمانا منها أن الموسيقى الراقية تعطي روحا لكلِ الكون.

هبة القواس