الأولى
نزاعات المتنفذين تُغرق الاستثمارات
الأربعاء 03 أغسطس 2022
5
السياسة
* لجنة حماية الأموال بمجلس الأمة حققت في مخالفات الهيئة وتقريرها لم يُعرض* مصادر: هل الكويت مقبلة على فضيحة مشابهة لاستثمارات إسبانيا أثناء الغزو العراقي؟* مصير مجهول لبعض البلاغات والإحالات إلى النيابة منها مجموعة استثمارية وشركة!* قطب برلماني سابق قد يكون له دور في مسار الاستثمارات السيادية وتغطية تشوهاتها* وزير المالية تجاهل التحقيق المسبق قبل إقالة رئيس مكتب الاستثمار ومعرفة الملابسات* تشوهات الصندوق السيادي تهدد بفقدان الحصانة الديبلوماسية لاستثمارات الكويت في لندن* 177 مليون يورو تكبدها المال العام لانضمام العضو المنتدب الأسبق إلى مجلس "ديملر بنز""السياسة" ـ خاص:فتحت إقالة رئيس مكتب الاستثمارات السيادية في لندن صالح العتيقي الباب على مصراعيه لكثير من التكهنات حول خفايا وتشوهات هذا الملف لا سيما نزاعات المتنفذين التي تعصف بنحو 40 في المئة من الاستثمارات السيادية الكويتية وتعرضها لاجراءات بريطانية تضر بمصلحة الصندوق السيادي من بينها رفع الحصانة عن المكتب وتراجع موجوداته.وبالتزامن مع بدء حكومة سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف عملها، تفتح "السياسة" الملف لتكشف عن القوى المتنفذة التي تقف وراءه وجبهة صراع المصالح والرغبات وطبيعة الدور الذي يؤديه كل مسؤول في دوامة التراجع التي تحدق باستثمارات الكويت في بريطانيا وتضعه تحت مجهر النواف ليتخذ ما يراه مناسبا قبل فوات الأوان.وفي هذا الإطار، أكدت مصادر مطلعة لـ "السياسة" أن فصول النزاع بلغت مداها، عندما أقدم وزير المالية عبدالوهاب الرشيد المقرب جداً من قطب برلماني سابق واحد أدواته المالية في الحكومة السابقة، على إنهاء عقد عمل رئيس مكتب الاستثمار الكويتي في لندن صالح العتيقي على خلفية استقالات موظفين ودعاوى قضائية ضد المكتب من دون إجراء تحقيق.وأضافت أن إقالة العتيقي فتحت الباب لانقسامات حادة بين أذرع العمل في الصندوق والمسؤولين في الهيئة ووزارة المالية ويضر بموجودات الصندوق وعوائده، موضحة أن ملابسات انهاء عقده، تأتي على خلفية احتقان العلاقة بين رئيس مكتب لندن والهيئة العامة للاستثمار بسبب قيادي أجنبي من أصل يوناني عمل في مكتب لندن ويعمل في الوقت نفسه مع شركة بريطانية- اسرائيلية ذات نشاط استثماري في إسرائيل، بحسب افادة رسمية من رئيس مكتب الاستثمار الكويتي في لندن صالح العتيقي، وهو أمر مخالف لعقود العمل إضافة الى ازدواجية وتعارض المصالح عبر العمل في جهتين مختلفتين في العاصمة البريطانية في آن واحد!وأشارت المصادر الى أن العتيقي تواصل مع العضو المنتدب في الهيئة العامة للاستثمار غانم الغنيمان يطلب إنهاء عقد عمل القيادي اليوناني بعد أن تبين تواصل الأخير مع قيادات استثمارية كويتية في الكويت ومنها القيادية "ع.ت" ورئيس مكتب الاستثمار السابق الشاب أسامة الأيوب عبر مرسلات بالايميل استهدفت العتيقي ونشاط المكتب كافة!وأشارت إلى أن الموضوع ظل معلقا لشهور مع رفض العضو المنتدب في الهيئة الغنيمان إنهاء عقد عمل اليوناني، الذي ما زال يتقاضى رواتبه بالرغم من توقفه عن العمل لمدة تقريبا ثلاثة أشهر لأسباب مبهمة وقد تكون لها علاقة بمخالفات استثمارية وقرارات إدارية وانحرافات في مكتب الاستثمار في لندن، لافتة إلى أن الموظف اليوناني اعترف في أحد حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بأنه "رئيس تنفيذي ولديه ملكية بإحدى الشركات المملوكة لمواطنين اسرائيليين ولديها عقود مع وزارة الدفاع الإسرائيلية".وأوضحت المصادر أن العتيقي أخطأ بتقديم بلاغ إلى النيابة العامة بحسب مصادر مقربة منه عارضاً ملفا إداريا بحتا بحجة تعاون وعمل القيادي اليوناني مع شركة إسرائيلية، دون إدراك أنه ليس هناك قانون في الكويت يجرم مثل هذه النشاط خصوصاً لمن يعمل في بريطانيا وليس في الكويت، مبينة أن الجهة المختصة بالتحقيق في مثل هذه القضايا هي الهيئة العامة للاستثمار وتحديدا مجلس الإدارة ورئيسه وزير المالية، الذي اتخذ قرار الاقالة دون أن يمنح العتيقي فترة الاخطار التي تبلغ ثلاثة أشهر.ولم تستبعد المصادر نفسها أن يكون لنافذين في مجلس الأمة دور مؤثر في مسار الاستثمارات السيادية وعلمهم بتلك التشوهات والانحرافات الاستثمارية والإدارية والتعيينات في الهيئة ومكتبها في لندن، لافتة الى التعامل مع تقارير لجنة حماية الأموال العامة بالنسبة للهيئة العامة للاستثمار بانتقائية شديدة.وتابعت: أحدث برهان على دور النافذين في المجلس عدم عرض تقرير لجنة حماية الأموال العامة على مجلس الأمة في دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الأخير، بسبب طبيعة التوصيات الحساسة التي كشفت عن عورة الهيئة الاستثمارية ومنها عدم وجود نص قانوني يحظر نشر بيانات الصندوق السيادي الكويتي على الانترنت وعرضها على مجلس الأمة دون طلب جلسة سرية وتوصيات أخرى تتعلق بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وعدم انجاز ما يعرف بمشروع مستشفى المتقاعدين الذي استنزف أموالاً هائلة منذ ما يزيد على عشرة سنوات ولم تتم مباشرة الإنجاز الإنشائي لأسباب غير مهنية وحجج واهية في حين استمر نزيف الدراسات الاستشارية للمشروع.وانتقدت المصادر عدم الشفافية في عرض بيانات الصندوق السيادي في لندن، مؤكدة أن المعهد الدولي للصناديق السيادية العالمية قدر قيمة موجودات الصندوق الكويتي حاليا بنحو حاليا 702 مليار دولار، في حين بيانات أكبر صندوق سيادي وهو النرويجي متوافرة على الانترنت وبشفافية مطلقة!على خط مواز، أكدت المصادر أن الهيئة العامة للاستثمار لا تزال تعاني من تركة ثقيلة تركها العضو المنتدب الأسبق ووزير المالية الأسبق أيضاً، حيث حفلت تلك المرحلة بالمخالفات المالية والإدارية والتي كانت محور تحقيق برلماني من قبل لجنة حماية الأموال العامة في مجلس الأمة للأعوام 2013 و2016، فضلا عن عدم معرفة تفاصيل مصير بعض البلاغات والإحالات إلى النيابة العامة ومنها على سبيل الحصر ما يتعلق بمجموعة استثمارية عقارية وشركة في البحرين والكويت.ولفتت الى أن من بين احدث مخالفات ديوان المحاسبة على الهيئة العامة للاستثمار تكبد المال العام لضرائب هائلة تقدر بـنحو 177 مليون يورو نتيجة انضمام العضو المنتدب الأسبق للمجلس الاستشاري في شركة "ديملر بنز" اثناء عضوية مجلس إدارة الهيئة قبل انتقال وكالة مرسيدس في الكويت من شركة البشر والكاظمي إلى شركة الملا موتورز، وهي التي حدثت للمرة الأولى في التاريخ منذ بدء استثمارات الدولة في "ديملر بنز" في المانيا حيث جرت العادة عدم انضمام أي موظف في هيئة الاستثمار أو ممثل رسمي عن الكويت في المجلس الاستشاري في شركة ديملر بنز الألمانية وغيرها من الشركات العملاقة كشركة بي بي البريطانية تفادياً للضرائب والمسؤولية التنفيذية حتى لو كانت استشارية ضمن مجالس الشركات العالمية الخاضعة لقوانين مختلفة وضرائب ضخمة.وأشارت المصادر كذلك الى فشل مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار السابق في اختيار رئيس مكتب الاستثمار في لندن من ذوي الخبرات العميقة والكفاءات المخضرمة، معتبرة أن تمكين الشباب في قيادة المكتب قامت على أسس غير صحيحة وغير مهنية وليست في صالح استقرار وتنمية السياسات الاستثمارية والإدارية.وأكدت أن مكتب الاستثمار في لندن ليس نادياً رياضياً بحاجة للاعبين شباب مفعمين بالنشاط ورشاقة بدنية للعب كرة القدم في لندن، وانما بحاجة ماسة لرشاقة ذهنية وخبرة قيادي مخضرم ومتمرس في الأسواق العالمية وفي الميدان الاستثماري والاقتصادي.وذكرت المصادر أن هناك تناقضا صارخا في مزاعم الإدارة التنفيذية السابقة ومجلس الإدارة السابق لهيئة الاستثمار بشأن الأرباح المحققة في الفترة 1 ابريل 2020 إلى 31 مارس 2021 إذا أكدت أنها حققت 33٪ وأن الهيئة حققت أفضل أداء استثماري خلال تلك الفترة وهذا كله عار عن الصحة، فقد حقق الصندوق النرويجي أكثر من 36٪ والسوق الأميركي نحو 40-43٪ خلال السنة المالية نفسها وليس الميلادية، وهو ما يؤكد التناقض في مزاعم هيئة الاستثمار حيث إن الهيئة وزعت استثماراتها بنسبة 50٪ في السوق الأميركي والباقي موزعة على الأسواق العالمية، بينما الأرباح يمكن أن تكون أكبر من القيمة المزعومة عند المقارنة بين أرباح السوق الأميركي وما حققته هيئة الاستثمار خلال الفترة نفسها.وكشفت عن أن التشوهات والخلافات الأخيرة في مكتب الاستثمار الكويتي في لندن أصبحت في مرمى الصحافة البريطانية، حيث نشرت "الفيننشال تيمز" تفاصيل إقالة رئيس المكتب وطبيعة النزاعات القانونية في العاصمة البريطانية.وتساءلت، هل الكويت مقبلة على فضيحة مشابهة لفضيحة استثمارات اسبانيا التي حصلت أثناء الغزو العراقي الغاشم من نواح إدارية واستثمارية؟! فالمعطيات تبين أنه منذ إطفاء حرائق الاستمارات السيادية في اسبانيا من قبل العضو المنتدب الأسبق علي الرشيد البدر عادت الانحرافات والمخالفات بكثرة منذ قيادة بدر السعد للهيئة ووزير المالية السابق انس الصالح.يذكر أن مكتب الاستثمار في لندن يدير تقريبا 40٪ من الاستثمارات السيادية وهو معفى من الضرائب وله امتيازات كالحصانة الديبلوماسية، إلا أن كثرة العثرات والقضايا والنزاعات القانونية قد تعرض المكتب لإجراءات بريطانية منها خفض عدد الديبلوماسيين الكويتيين من عشرين إلى النصف أو أقل لفتح باب عمل موظفين دون منحهم الحصانة الديبلوماسية في المكتب أو فقدان الحصانة الديبلوماسية للمكتب كله إضافة الى تحصيل ضرائب على رواتب الموظفين الكويتيين ومداخيلهم كالبونص السنوي كباقي المؤسسات المصرفية والاستثمارية الكويتية- البريطانية.