الجمعة 04 أكتوبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

نفط الكويت ومشروع المليون شجرة!

Time
السبت 24 يونيو 2023
View
9
السياسة
حسن علي كرم

الزراعة في الكويت اشبه باللقيط الذي كل واحد يرميه على الاخر، منذ ستين عاماً فأكثر مرت على تأسيس هيئة الزراعة، ومن التأسيس وحتى الغزو الغاشم كان الفلسطينيون يتسيدونها، مثلما كانوا سادة في الكثير من المرافق الحكومية الحساسة، ثم بعد الغزو غادر الفلسطينيون البلد وجيء بالمصريين، هل كان شهاب الدين افضل من اخيه؟
كانوا يزرعون بضع شجيرات في الشوارع بقصد التبريد والزينة، ما ان تقف تلك الاشجار حتى يتم في ليل مظلم ازالتها بقلب لا يرحم وعين لا تدمع، مرة بعذر تسبب الاشجار الحساسة، ومرة ندرة المياه، وثالثة اكتشاف اشجار تناسب طقس الكويت.
كل ذلك ما كان الا تدجيل وصب الاموال في جيوب المنتفعين، سواء اكانوا اصحاب شركات مقاولات او اناس عاديين، فالمهم النهب "كان على ودنه" وفق المثل المصري.
قبل بضع سنوات حدث انقلاب في المناصب العليا في الهيئة، بذريعة استغلال المنصب وتوزيع حيازات على الاهل والمقربين، والى هذا اليوم لم يتغير اي شيء، فلا هؤلاء الذين استفادوا من الحيازات عبر اقربائهم او معارفهم تم سحبها منهم ولا المسؤولون الذين اتهموا بالتنفيع تمت محاكمتهم او اقله سحب الحيازات منهم، نحن وحكومتنا شعب مريض بداء "التحلطم وحجي ديوانيات"، وعلى ووفق ابو نواس "كلام الليل يمحوه النهار"!
كانت البلاد ولا تزال تعاني من موجات الغبار التي تأتينا من خارج حدودنا، وفي الكثير من الاحيايين كنا نقرأ عبر الصحافة ونقلا عن مسؤولين حكوميين عن مشروع لزراعة المناطق الحدودية لمنع او لتخفيف موجات الغبار، التي تسبب الكثير من الاضرار لعل اخطرها المشكلات الصحية، الا ان تلك التصريحات ما كانت الا لجس النبض عمن يكسب شوالات الذهب عبر مناقصات جاهزة، شركات او أسماء، ولا تزال المناطق الحدودية غير مزروعة، ولا موجات الغبار انقشعت ولايزال خبراء الطقس يحذروننا من موجات الغبار التي ستجتاح البلاد!
نحن واعني المواطنين او سكان الكويت، بكل تلاوينهم واشكالهم، مساكين وطيبين، سرعان ما نصدق تصريحات "حلمنتيشية" لمسؤولين يصرحون تصريحات وهم يعلمون جيداً انها غير قابلة للتنفيذ، وانها ابرة مخدرة او جرعة شراب لصرف الانظار.
من ذلك تصريح زبدته ان شركة نفط الكويت ستزرع المناطق الحدودية بنحو مليون شجرة، للتخفيف من الطقس الجهنمي، وقد سررنا بهذا التصريح، وقلنا لعله خير هذه المرة، ولا يكون كسابقاته من تصريحات ليالي الديوانيات!
ماذا لو جمعنا او احصينا تصريحات ومخططات عن المشاريع كل الحكومات منذ ستينات القرن الماضي الى يومنا هذا المبارك، والى حكومتنا الجديدة المباركة؟
يقال ان بعض البلدان الشقيقة استفادت من مشاريعنا التي كانت مجرد وعود فوضعت على الرفوف العالية حتى اصفر لونها وكانت طعاماً للعناكب والجرذان، بعض البطرانين والمغفلين ومن في آذانهم صمم يصدقون ان الحكومة عازمة على تنفيذ المشاريع التطويرية، وان الكويت سوف تنافس سنغافورا ودبي وقطر ومشاريع السعودية الرائعة. اقول صدقوا عرقوب، واقول لو كانت الحكومة صادقة لكانت هناك فرص رائعة لنقل الكويت من مرحلة الغبار الى جنة على الارض، لضرب بنا مثل في التقدم، لا المثل في الخيبات.
اين واين واين، ماذا اقول والدمع ينهمر من مأقي ابناء الكويت المخلصين عندما يرون وطنهم يتقهقر الى الوراء، وقفزت عليها دول اخرى؟
اين مشروع طريق الحرير وتطوير الجزر والمنطقة الشمالية والقطار وغيرها؟
اذا كانت الحكومة باشغالها وبلديتها ومجلس تخطيطها عاجزة عن اصلاح نفق "دروازة العبدرزاق"، فهل نأمل منها تحقيق احلام الكويتيين بنقل بلدهم الى جنة الله في الارض؟
عندما تولى المرحوم الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان حكم امارة ابوظبي، دعا مجموعة من الخبراء الاجانب للبحث عن امكانية زرع الدولة الفتية، ويقال راح هؤلاء الخبراء الاجانب لمدة شهر يجوبون مناطق البلاد "ماكلين شاربين نايمين"، ثم عادوا الى مقابلة الشيخ زايد، وقالوا له ان بلادكم لا تصلح للزراعة، فغادروا، لكن الشيخ زايد لم يقتنع بترهات الخبراء، وهو المحب للزراعة، وكان في حينه حاكم منطقة العين الجميلة والخضراء، فاعتمد على المجهودات الذاتية، وبعد بضع سنوات تحولت ابوظبي من قفار الى خضار، كان يرحمه الله يوزع حيازات زراعية على المواطنين، وكان يشترط عليهم زراعة خمسمئة نخلة، حتى صارت دولة الامارات دولة منافسة لدول المنتجة للنخيل، وتصدر التمور الى الخارج.
علينا الا نخدع انفسنا، فالزراعة في الكويت رغم صعوبتها لكنها ليست مستحيلة، بالمقارنة مع دول يعادل طقسها طقس الكويت، لذا اقول اذا صدقت شركة نفط الكويت عزمها تزريع المناطق الحدودية بمليون شجرة، فذلك من فضل الله اولاً، ومن عزم المخلصين، الا ان المحبطين سيضعون المنشار في العقدة كالعادة.
نحن دائماً اذا تحدثنا نختم حديثنا بالقول ان الكويت تستحق كذا وكذا، لكن هذا الاستحقاق مجرد ريح تهب فتختفي، واقول لك الله يا كويت، فالمحبطون والفاشلون والسلبيون ما اكثرهم، ولا يريدون كويت بديلة، انهم يريدونها بطينها وغبارها...ولله من قبل ومن بعد.

صحافي كويتي

[email protected]
آخر الأخبار