الأحد 13 يوليو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

نهلة كرم: تجاوزت مرحلة الخوف

Time
الاثنين 18 مارس 2019
View
5
السياسة
القاهرة – أحمد أمين:

بدأت رحلة الكتابة مبكرا، استطاعت في سنوات قليلة أن تلفت الانتباه لها. هاجمها الكثيرون عندما طرحت روايتها "على فراش فرويد"، لخوضها في قضايا لم يعتدها القراء من كاتبة، كما صدرت لها منذ شهور رواية "المقاعد الخلفية" التي اختارت لها زمن حكم الإخوان لمصر إطارا لأحداثها.
حول روايتها الأخيرة وعالمها الأدبي وتعاملها مع الانتقادات التي توجه لكتبها، التقت "السياسة" الكاتبة الشابة نهلة كرم في هذا الحوار:


لا أتعمد كسر التابو ولا يعنيني أن أكتب جنساً بقدر تقديمي لعمل جيد

كيف جاءتك فكرة روايتك "المقاعد الخلفية"؟
هذه الرواية كتبتها في 2010 كسيناريو، وكنت وقتها طالبة بالجامعة، وذهبت به إلى المخرج خالد يوسف وعرضته عليه فأعجبه جدا،لكن انشغاله بالعمل السياسي لم يتح لهذا السيناريو أن يخرج إلى النور. وبعد سنوات عملت عليه مرة أخرى ولكن في شكل رواية.
إذن كانت بدايتك مع الكتابة من خلال السيناريو؟
لا، كنت أكتب قبله القصة القصيرة وحصلت على المركز الثاني في إحدى المسابقات الأدبية، ولي مجموعة قصصية تحمل عنوان "الموت يريد أن أقبل اعتذاره".
حمل الإهداء فيها شكرا للكاتب الراحل مكاوي سعيد، لماذا؟
لأنه من جعلني أركز في الكتابة الأدبية وشجعني عليها بديلا عن السيناريو، كما كان له الفضل في صقل موهبتي وفهم الواقع الذي يحيطني، والبساطة والعمق في التناول،ساعدني أيضا في الدخول إلى عالم القصص القصيرة وأشياء أخرى تجعلني مدينة له بها.
ماذا تعلمت منه؟
إن الكتابة أهم شيء في الحياة لمن لديه الموهبة، مردودها لا يأتي سريعا، لأنها تعتمد على التراكم، وأن الجوائز رزق ولو كان استحسانا لعملك من قارئ لا تعرفه.

غلاف رواية المقاعد الخلفية


متعة الممنوع
تتناول الرواية فوبيا الارتباط،وهي فكرة تتوافق مع أي وقت، لماذا جعلت أحداثها تدور في فترة حكم الإخوان المسلمين لمصر؟
البطلة كانت تشعر بالمتعة مع الأشياء الممنوعة، فكان هناك الحظر الذي فرض على الناس في ذلك التوقيت، والذي كان يمثل متعة لها ويشبع الشغف الذي بداخلها، لذلك رأيت هذه الفترة الأنسب لشخصيتها.
هل تضعين لكل أعمالك إطارا زمنيا؟
لا، لأن اللجوء إليه عادة يكون في الأحداث المرتبطة بالسياسة، وهو ما لا ألجأ إليه كثيرا، فأغلب موضوعات أعمالي اجتماعية وليست سياسية.
لماذا كنت حيادية في تناولك لهذه الفترة،فلم يظهر انتماؤك لاتجاه دون غيره؟
لأني أفضل أن تكون روايتي كاشفة لهذه الفترة لمن لم يعاصروها ويتعرفوا على ما كان يجري فيها من دون الخوض في اتجاهات سياسية قد تصيب القارئ بالملل، فقط أعمل على كشف الطابع العام لهذه الفترة.
هل يعني ذلك أنك لست مع إملاء الكاتب ميوله السياسية من خلال أعماله؟
يمكنه فعل ذلك من خلال إحدى الشخصيات داخل الرواية، من دون أن يبدو جليا بأنه صوت الكاتب، حتى لا يفضح نفسه، فالعمل الأدبي يجب الا تكون فيه شخصية واحدة تظل واضحة الصوت طوال الوقت.
قد يرى البعض أن روايتك سيرة ذاتية عنك؟
من حق القارئ أن يرى ما يريد ويتخيل ما يشاء، خصوصا أن هذا الكلام قاله البعض عن روايتي "على فراش فرويد" رغم أن الشخصيتين مختلفتان تماما بل متناقضتان، فهل يمكن أن أكون بشخصيتين؟
عالم الفيس بوك يلعب دورا في الرواية ونجحت في توظيف أيقوناته، فهل تعمدت ذلك حتى تبدو الرواية مواكبة للعصر؟
لم يكن توظيفا بقدر ما هو تسليط الضوء على ما يحدث حولنا، فهناك الكثيرون الذين أقاموا علاقات عاطفية من خلال "الفيس بوك" ويمكن أن تستمر هذه العلاقات لسنوات طويلة، ربما لأن ذلك يقلل من فكرة المواجهة، كما أن بطلة الرواية كانت تعيش على خيالها، وخيال "السوشيال ميديا" يعطي مساحة لتضخيم الشخصيات.

كسر التابو
تطرقت إلى الجنس في هذا العمل، فهل تسعين لكسر التابو؟
لا أتعمد كسر التابو او عدم كسره، أكتب فقط ما أشعر به وأرى أنه في سياق العمل، فمثلا ما كان يحدث بين المدرس وبطلة العمل، وهي لا تزال تلميذة في الباص من أمور جنسية، كشف فكرة الشغف التي تسيطر عليها في الأماكن العامة وعشقها فعل ذلك في هذه الأماكن، ورغم أنني تناولت ذلك بجرأة لكني لم أتعمد كسر أي تابو.
هل يعني ذلك أنك ضد كسر التابوهات؟
ليس لدي مشكلة في كسرها، لأني لا أومن بفكرة التابو في الأدب والإبداع عموما، فهو إما إبداع أو ابتذال، ولدي الرؤية التي تجعلني أفصل بين هذا وذاك، أما فكرة التابوهات فنحن من نصنعها لكي نتمرد عليها، كما أنها إذا دخلت الأدب أفسدته.
ما سبب الإصابة بفوبيا الخوف من الارتباط، من وجهة نظرك؟
أشياء كثيرة، منها فشل تجارب من حولنا الذي يصنع هذا الخوف من الارتباط، خشية ملاقاة نفس المصير، خصوصا أننا في مصر لدينا أعلى نسبة طلاق. أيضا تجاربنا التي تجعلنا ندخل في علاقات مع أشخاص غير طبيعيين أو مع أشخاص عاديين لكنها تنتهي بتحطيم القلب، تخيفنا من الدخول في علاقات أخرى والإحساس الدائم بأنها علاقات غير مكتملة. أو نتيجة الخلافات بين الأب والأم، كذلك الذين يعملون في مجالات إبداعية مثل الكتابة والتمثيل وغيره، فقد تخشى الفتاة من الارتباط خوفا من أن يأتي رجل يحرمها من ممارستها.

التحليل النفسي
التحليل النفسي لشخصيات روايتك يبدو واضحا، فهل تميلين إلى القراءة كثيرا في علم النفس؟
بالفعل، أقرأ كثيرا فيه، وهذا ما فعلته عندما كنت أكتب رواية "على فراش فرويد"، حتى يمكنني أن أعيش بداخل الشخصيات وليس خارجها، فهذا يشعرني أكثر بالمتعة، لذلك أسعى لأن يكون هذا طريقي في الكتابة.
لماذا ختمت روايتك بنهاية مفتوحة؟
بالفعل، تركت للبطلة حرية الاختيار بين الرجوع إلى حبيبها أو تركه، هل يظلان على هذا الوضع؟ هل إذا عادت له ستكون سعيدة بالحياة الروتينية التي لا تحبها؟ وغيرها من الأسئلة التي سيطرت على ذهنها قبل اتخاذها القرار.
إلى أي مدى تختلف هذه الرواية عن أعمالك السابقة؟
أعتقد أن هناك تطورا أكبر في التكنيك واللغة، فمثلا عندما أعاود القراءة في رواية "على فراش فرويد" أجد فيها بعض الركاكة، لصغر سني وقتها، لكن مع القراءة تلاشى ذلك.
كيف ترين تجربتك مع رواية "على فراش فرويد"؟
العمل يدور حول فتاة تعاني من الكبت الذي أصابها بمشكلات نفسية، فكانت تعالج نفسها بأن تتخيل فرويد وقد جاء إلى فراشها فتقص عليه بطريقة الاستدعاء الحر حكايتها بكل تفاصيلها.
قد يرى البعض أن الاسم يوحي بأنها رواية جنسية.
الكثيرون اعتقدوا ذلك، وهم أحرار فيما يعتقدون، وهاجمني البعض بسببها وتساءلوا:كيف لفتاة تكتب مثل هذا العمل؟ وأزالوني من على صفحاتهم على "الفيس بوك" ورغم ذلك أدين لهذه الرواية بأنها جلبت لي عددا كبيرا من القراء وحققت لي انتشارا واسعا في الوطن العربي.
هل جعلك هذا الهجوم ترتجفين فيما بعد وأنت تكتبين خوفا من انتقادات الناس؟
لقد تجاوزت مرحلة الخوف هذه ولم يعد هناك شيء يعيقني عن كتابة ما أريد، لأني أكتب ما يخدم فكرة العمل الذي أقدمه، بدليل أن عملى المقبل ليس به أي شيء يتعلق بالجنس، فلا يعنيني أن اكتب جنسا أو لا، بقدر ما يعنيني أن أقدم عملا جيدا في فكرته ولغته وتكنيكه.
ما طبيعة عملك؟
تخرجت في إعلام القاهرة ثم حصلت على دبلومة ترجمة في الجامعة الأميركية، حاليا أعمل بالترجمة في المجال الاقتصادي، ورغم عشقي للكتابة لكني لا أستطيع الاستغناء عن عملى لأنه مصدر رزقي، وحتى لا أكتب من أجل المال فأقدم ما يريده السوق وليس ما أريده أنا.
كيف توفقين بين عملك والكتابة؟
عملي يستهلك ثلاثة أرباع طاقتي، ويتبقى ربع أخصصه للقراءة والكتابة.
هل تتبعين خطة معينة لكل مشروع أدبي؟
ليس في كل الأوقات، فمثلا "المقاعد الخلفية" لم تصاحبها خطة، كنت أمارس وظيفتي وفي نفس الوقت أعمل عليها، لذلك أخذت وقتا طويلا مني. أتمنى أن تكون لدي خطة تساعدني أخصص من خلالها وقتا ثابتا للقراءة والكتابة بشكل يومي.
ما طقوسك في الكتابة؟
لكل مشروع أدبي طقوسه، فقد تركت وظيفتي لمدة 3 اشهر وذهبت إلى بيت جدتي حتى أتفرغ لكتابة "على فراش فرويد" في حين استغرقت رواية "المقاعد الخلفية" عامين لأنني لم أكن متفرغة لها بسبب عملي.
هل يمكنك الحذف أو الإضافة بعد الانتهاء من الكتابة؟
تعلمت إن أراجع أعمالي لمرات عدة، وذلك لعدم مراجعتي لأول عمل طرحته، فعندما عدت إليه بعد طباعته شعرت بأن هناك أشياء كان من الأفضل حذفها، وقتها كنت صغيرة، لكن عندما التحقت بإحدى ورش الكتابة تعلمت أهمية هذا المراجعة وضرورة حذف ما يمكن حذفه طالما لا يخل بالعمل.
هل يمكنك الاستغناء عن الكتابة؟
ما يحفظ توازني هو القراءة والكتابة وبدونهما أشعر بأني شخصية أخرى غير متزنة، وقد مررت بظروف سيئة في حياتي كانت القراءة هي المنقذ لي، فمثلا لا يمكن أن أنسى كيف انقذتني رواية " قصة موت معلن " لماركيز في وقت كانت أعاني فيه من الإرهاق النفسي بشكل كبير.
هل هناك قضايا معينة تركزين عليها في كتاباتك؟
ما يهمني أن تكون كتاباتي انقاذا للنفوس، وأن يدرك كل من يقرأها أنه ليس وحده بل هناك الكثير الذي يشاركونه المعاناة.
آخر الأخبار