هادي مطر... اللغم الأميركي النائم!

فؤاد الهاشم

قبل نحو 20 سنة زارني في البيت بمنطقة سلوى نائب السفير الاميركي في الكويت (هكذا قدم لي نفسه)، ومعه موظف بالسفارة لبناني الجنسية كمترجم، ان لزم الامر (توفي لاحقا).
وجلسا عندي نحو اربع ساعات دارت فيها اسئلة ونقاشات في الشؤون المحلية، والخليجية، والعربية، والدولية (ظهرت تلك الجلسة بعدها بكل تفاصيلها في وثائق "ويكيليكس").
سألته وقتها سؤالا محددا:"كيف استطعتم، او تستطيعون، اذابة كل القوميات والملل والنحل والديانات والمعتقدات لدى ملايين المهاجرين الذين يصلون الى بلادكم لهاثا خلف الحلم الاميركي، ويصبحون مواطنين اميركيين حتى النخاع"؟
ابتسم ثم اطلق ضحكة خفيفة، والتفت الى المترجم قائلا:" ألم اقل لك انه سيطرح علينا أسئلة كما نطرحها نحن عليه"؟
ثم التفت ناحيتي واجاب: نحن لانراهن على "اميركية المهاجر الذي يصلنا" فهو يأتينا ملوثا بعادات ومعتقدات اجيال من شعبه، فننتظر حتى يكبر، ويشيخ، ويموت فننظر الى اولاده الذين جاؤوا معه وهم صغار، ولم يولدوا في الولايات المتحدة فندخلهم مدارسنا ونسقيهم تراثنا وقيمنا، لكن حين يكبرون يكونون نصف اميركان، اذ ما زالت عادات وقيم بلدانهم بداخلهم، ثم يكبرون ويشيخون ويموتون فننظر الى ابنائهم الذين ولدوا على الارض الاميركية، وهم من نعتبرهم العناصر الاميركية النقية، ونراهم مواطنين اميركيين خالصين من أي شوائب بلدهم الام، انها التي نسميها البوتقة الصاهرة لكل معادن المهاجرين وتحويلهم الى ذهب اميركي خالص"! انتهى حديث الديبلوماسي الاميركي وصاحبه وغادرا المنزل في سلوى بكل ترحاب وبمثل ما استقبلوا به!
بعد 20 عاما على هذا اللقاء تبين فشل نظرية البوتقة تلك فها هو هادي مطر لبناني ولد على الارض الاميركية، ودرس في مدارسها منذ الحضانة، وشرب ثقافتها مع الـ"ميلك شيك" والـ"ماك بيرغر"، ومع انه لم يزر ضيعته الصغيرة المسماة يارون في جنوب لبنان، ذات الاغلبية الشيعية، ولم يلطم، او يطبِّر، او يشتم عمر، الا ان البوتقة الاميركية فشلت في صهره لان "الآش مع الخبز والكباب الايراني" الذي ترسب في عقله كان اقوى من آلة التذويب الاميركية تلك!
الاخطر من ذلك ان هادي مطر - لو لم يقدم على فعلته تلك- وظل لغما ساكنا مدفونا في الارض الاميركية فإنه قد يكبر، ويلتحق بالحزب الجمهوري او الديمقراطي، ويرشحه حزبه لمنصب رئيس الولايات المتحدة، ما دام قد ولد على ارضها! وقتها لن استغرب اذا ما اختار نعيم قاسم ليكون نائبا له، وفائزة رفسنجاني مستشارة لشؤون...الاجهاض! هادي مطر هو "ايلي كوهين الاميركي الجديد، وتوأم جوناثان جاي بولاريد"! الاول خدم وطنه اليهودي، والثاني باع وطنه الاميركي!