الأربعاء 16 يوليو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"هاملت كويتي" في "نكون أو لا نكون" بالدسمة

Time
الاثنين 16 ديسمبر 2019
View
5
السياسة
كتب - فالح العنزي:

عندما يلتقي مؤلف مسرحي بمخرج يجيد قراءة نصه، وعندما يعثر مخرج على ممثلين يجيدون تجسيد الشخصيات المكتوبة لهم على الورق، هنا ومن دون أدنى تفكير ستكون النتيجة ايجابية وتصب في مصلحة الجميع، وهذا ما أجمع عليه حضور العرض المسرحي "نكون أو لا نكون" لفرقة مسرح الخليج، التي يقف وراء تأليفها بدر محارب وأخرجها مشاري المجيبل، وشارك في بطولتها مجموعة من الممثلين منهم حسن ابراهيم، مشاري المجيبل، علي العلي، حسين المهنا، شاهين الشاهين، عثمان الصفي، كفاح الرجيب وهيا السعيد.
اعتمد المؤلف محارب على خبرته في المسرح العالمي والعربي المحلي، فقدم نصا مزج فيه بين "هاملت" لشكسبير وبين قصة اجتماعية نسج خيوطها بقلمه، التقيتا القصتين في الكثير من المواقف والأحداث لا سيما مقتل هاملت على يد صديقه ومقتل أبو فهد على يد شقيقه شاهين، ولأنه يبحث عن تقديم عرض مسرحي مستحق يعكس خبرته تمكن محارب بكل احترافية من احكام قبضته على الحبكة الدرامية ولم يفلت منه لا النص ولا الحوارات، خصوصا انه سلم نصه بيد مخرج شاب فاهم اللعبة المسرحية، واع لما يقدمه فوق الخشبة، كما في رصيده الكثير من الجوائز كممثل وموسيقي ومخرج، القصة التي قدمها محارب اعادت لنا الحنين الى الماضي الجميل بروحه وعبق تراثه وحزاويه وحكاياه وان بنيت على جريمة قتل، يكفينا بأننا عشنا اكثر من ساعة بين "حجي أول" و"نهمات قبل" و"حنين الأمهات".
في "نكون أو لا نكون" أراد المخرج وبطل المسرحية الرئيس مشاري المجيبل أن يقدم المتعة والفرجة البصرية وهو ما ذكره في كلمته على بروشور الخاص بالمسرحية: "بعيدا عن النقد وبعيدا عن التساؤلات دعونا نستمتع"، وفعلا استمتعنا بعرض توافرت فيه كافة عناصر النجاح وفي مقدمتها الاخراج، لم يشأ المجيبل فرد عضلاته فقط بل عززها بقوة في كل مشهد ومع كل جملة وفي كل فضاء المسرح، اعطى المجيبل وبكل ذكاء مساحة للإضاءة للمهندس د.فهد المذن لتكون هي لغة ثانية بعد الفصحى وبعد اللهجة المحلية، كانت الاضاءة في حد ذاتها حكاية، الالوان، الحركة، التفاعل، كانت كل شي وقالت كل شئ وشعرت بكل شيء، ناهيك عن السينوغرافيا المعتمدة في العرض المسرحي ببساطتها، لم تكن هناك ديكورات ولم تكن هناك كتل خشبية بل شاشة عملاقة كانت تروي المشهد في صورة بصرية، الأمر الذي اتاح امام المخرج خشبة بمساحة كبيرة ساهمت في راحة الممثلين وتحركهم من دون اي عائق وهذا دليل على ان المخرج يريد تقديم عمل محترف وليس عملا للفرجة فقط .
في "نكون اولا نكون" تحمل الممثلون عبئا كبيرا في العرض، حيث كان الاعتماد المباشر على الاداء التمثيلي والقدرة على الولوج باللهجة المحلية والخروج منها باللغة العربية، جمل قصيرة متبادلة يتحكم بها الشعور والحالة والمشاعر والاحساس، قدرة هائلة على الانتقال بيسر وسلاسة ومن دون ان نشعر بوجود خلل او ارتباك او تأخير، لذا عشنا مسرح هاملت الشكسبيري واستمتعنا بقصة فهد وليلى والبحث عن القاتل، نتوقف عند أداء فهد "مشاري المجيبل" وشاهين "حسن ابراهيم"، حيث كان صراعهما محتدما فوق الخشبة، شاب يراوده كابوس بأن عمه هو من قتل والده وتزوج من والدته، وعم شرير متسلط متحكم بمجرد أن ادرك بأن امره قد بات مفضوحا لم يتوان عن قتل الابن "فهد" وألحقه بأبيه، حسن ابراهيم قدم اداء رائعا وعودة موفقة له في المهرجانات المسرحية وقدرة المجيبل كممثل كانت طاغية رغم تركيزه في جانب الاخراج، كما يحسب للمخرج علي العلي ظهوره المميز في دور الراوي صاحب الحزاوي "ابو عواد"، الذي كان يحمل التاريخ والتراث في دفتره، يذكر فيه الاجيال حتى لا يندثر لكن يبدو ان المعاصرة لن تسمح له، فقضى نحبه على يد المجرم شاهين، حسين المهنا او "ابو سعود" كان حلقة الوصل والرابط المشترك بين الشخصيات، ممثل شاب محترف يضاهيه في الاداء شاهين الشاهين، اما الممثلتين كفاح الرجيب "ليلى" وهيا السعيد "ام فهد"، فكانتا نموذجين للأم والحبيبة، قدمتا المطلوب منهما واكثر وان عابهما في بعض الحوارات اختفاء الصوت وبالكاد ان يسمع، ويحسب للمخرج الى جانب الاشتغال على الاداء اختيار الموسيقى والمؤثرات الصوتية بحسب الفعل فوق الخشبة فعندما يكون الحوار محليا نسمع النهمات والصوت الخليجي واغنيتنا القديمة وعندما يتحول الحوار الى شكسبيري تكون الاوركسترا والسيمفونية حاضرة بقوة.
ختاما "نكون او لا نكون" عمل مسرحي مستحق يعكس التاريخ والارث الكبير، الذي عرفت به فرقة مسرح الخليج، التي يقودها حاليا شباب مفعم بالحماسة والروح وشغف المسرح بقيادة رئيس مجلس الادارة الممثل الشاب ميثم بدر.

مشهد من مسرحية "نكون أو لا نكون" (تصوير - بسام أبو شنب)


مشاري المجيبل وكفاح الرجيب
آخر الأخبار