هايف: لن تحميكم حريمكم... ومغردون: فكّنا من شرّك

* مدّونات أرفقن صوراً لهن بالزيّ العسكري خلال الغزو: فخورات بالمقاومة مع الرجال في خندق الخفجي
* توظيف ديني مختلّ للمتشددين بسماحهم بـ"جهاد" النساء مع "داعش" ومنع الكويتيات من القتال لأجل الوطن

جدل عاصف على "تويتر"، أثاره قرار السماح للنساء الكويتيات الالتحاق بجيش البلاد، بعدما اقتصر عملهن فيه لسنوات على تخصصات مدنية.
ولطالما عاشت المرأة الكويتية أزمنة من الجدل حول أهليتها، بداية من محيطها الشخصي والأسرة، وصولاً إلى حقها في التعليم أو الحقول المهنية التي يحق لها العمل فيها، وبالتالي ظلت جميع القضايا المرتبطة بها تقسم المجتمع بين ذوي الحجج الدينية المتزمتة، وأصحاب المواقف الاجتماعية المتسربلة بالتقاليد، ومع هذا نجحت، بشق الأنفس، في التسرب إلى مختلف القطاعات، حتى وصلت إلى السلك العسكري الذي كثيراً ما تم العامل معه على أنه "وظيفة ذكورية".
وذكر الجيش في تغريدة على حسابه:
KuwaitArmyGHQ@
إن وزير الدفاع الشيخ حمد الجابر "أصدر قرارا بشأن فتح باب التسجيل للمواطنات الكويتيات للالتحاق بشرف الخدمة العسكرية كضباط اختصاص وضباط صف وأفراد، وذلك في مجال الخدمات الطبية والخدمات العسكرية المساندة".
وكانت الكويت أقرّت عام 2015 قانونا للتجنيد الإلزامي الذي توقّف العمل به مدّة 16 سنة، وفي يناير 2018 دفع وزير الدفاع الراحل الشيخ ناصر الصباح بفكرة إلحاق النساء بالجيش، معلنا آنذاك أنّ المقترح مطروح على بساط الدرس.
ومنذ ذلك التاريخ، لم ينفك "السلف" و"الإخوان" ومناصروهم، يجتاحون منصات التواصل بخطابي "التغريب" و"الحلوى المغلفة"، في كل مجال يتعلق بـ"تمكين المرأة"، ووجدوا ضالتهم في صدور القرار الأخير. وفي هذا السياق، أقام النائب السابق محمد هايف ندوة طالب فيها بـ"إقالة وزير الدفاع" من منصبه "أو استجوابه"، إذا لم يسحب قراره تجنيد النساء، وألحق ذلك بتغريدات هاجم فيها الخطوة وعدّها "تغريباً لا داعي له":
mhamdhaif@
"الزج بالمرأة في معترك الجيش تغريب للمجتمع، وأحمل أعضاء مجلس الأمة السكوت عن هذا العبث".
وأضاف في الندوة التي أقامها: "لن تحميكم حريمكم.. أكبر عيب انكم تحتمون بحريمكم!". وسرعان ما انهالت الردود على تصريحات هايف وتغريداته، من مختلف المغردين، بينهم الأكاديمية ابتهال الخطيب:
Ebtehal_A@
"لنضع كل الخلافات الأيديولوجية جانبا، أستشعر فعلا تألم السيد هايف. الدنيا تجري سريعا والتغييرات شاسعة وعسرة الملاحقة. لابد أنه يعاني حقيقة ويتصارع مع زمن يجد نفسه غريبا فيه".
وأعربت المغردة أسرار، عن فخرها بكفاح والدتها خلال الغزو الغاشم، وأرفقت صورة لها:
al_asrar@
"فخورة أن أمي هي أول كويتية تلبس الزي الرسمي لجيش الكويت كونها من أبطال المقاومة".
والأمر ذاته، أتى من الطبيبة فريدة الحبيب، التي أرفقت مع تغريدة لها صورتها بالزي العسكري عندما كانت في صفوف المقاومة:
FaridaAlHabib1@
"قبل لا تسمعون كلام أخوي محمد هايف المطيري والذي يدّعي مع الأسف أن التحاق المرأة بالجيش هو تغريب للمجتمع، أبيكم تشوفون صورتي في الغزو وفي خندق الخفجي".ودخل على الخط، الوزير السابق الشيخ علي جابر العلي الصباح، وقال مذكرا هايف بـ"قتال النساء مع داعش":
busalem2011@
"ما هذا الازدواج الفكري؟ تسمحون للنساء الانضمام إلى داعش والجهاد من أجله، وتمنعون نساء الكويت من الجهاد من أجل الكويت!".

مساندة "الربع"
وساند عدد من نواب "الإخوان" و"السلف" هايف، معربين عن رفضهم القرار، من بينهم النائب السابق وليد الطبطبائي، والنواب الحاليين أسامة الشاهين ومحمد المطير وأحمد مطيع وفايز الجمهور.
ورد عليهم مغردون رفضوا فكرة "الوصاية" التي يحاول أن يفرضها هؤلاء على المجتمع، وطالبوهم بالاهتمام بقضايا أخرى أكثر أهمية، وقال أحدهم:
bigman4you4you@
"تركتم مشاكل المواطن المسكين وهمومه الكثيرة ورحتو تركضون خلف المرأة".
فيما رأى مغردون أن الأمر لا يعدو كونه "تكسباً" و"متاجرة بالدين":
ASBENESSA@
"المتاجرة بالدين كشف العورات".
وقال آخر:
alsbe3e911@
"كافي تكسب ياهايف، يكفي ان الوزير يشتغل صح وانسان صادق بعمله".
وقال مغرد:
trky792@
"اذا عندك اعتراض تكلم عن المخدرات اللي وصلت مرحلة خطرة".
وطفح الكيل بمغردة، فقالت:
Alghazlin@
"فكّنا من شرّك. لا تتكلم نيابة عنا".
قفزة للأمام
ولاقى قرار فتح الباب أمام تطوع الكويتيات في الجيش، ردود فعل ايجابية واسعة، بينها ما غردت به السفيرة الأميركية في البلاد:
USAmbKuwait@
"قفزة أخرى إلى الأمام من أجل المساواة بين الجنسين في الكويت. التحاق المرأة بالجيش لأول مرة في تاريخ البلاد يعكس رؤية القيادة السياسية لتعزيز المساواة. ستتولى المرأة أدوارا رئيسية في مجال الخدمات الطبية والخدمات العسكرية المساندة".
ولم يخلو الأمر من "مؤيدين" لاعتراضات "هايف وربعه"، بينهم
الداعية مشاري الخراز:
mesharialkharaz@
"بالله عليكم لوقامت حرب وأسروا ابنتنا؟ أيعبث العدو بأعراضنا؟".
ورد عليه الشيخ علي جابر العلي الصباح:
busalem2011@
"الظاهر إن الشيخ مشاري الخراز لم يقرأ التاريخ. في جميع الحروب هناك احتمال كبير أن يتعرض المدنيون من رجال ونساء للاغتصاب". ولسنوات طويلة ظلت التقاليد المحافظة والقيود الصارمة التي تفرضها بعض الحلقات المتشددة من رجال الدين وتياري "السلف" و"الإخوان"، تكبّل طموحات النساء الكويتيات، وتفرض عليهن العمل في مجالات معينة ومحدودة.
وكانت المرأة الكويتية دخلت سلك وزارة الداخلية في 2009، فيما أستوعبت لاحقا لحراسة مجلس الأمة في 2016، ولاقى القرار استحسانا واسعا وقتها، وتداول مغردون كويتيون وخليجيون صورا ومقطع فيديو يُظهر الشرطيات مع رئيس المجلس.
وفي فبراير 2016، شغلت الضابطة الكويتية برتبة ملازم أول في الجيش الأميري العنود العبدلي، رواد منصات التواصل حين ظهرت على ساحة مناورات "رعد الشمال"، التي شاركت فيها جيوش 40 بلدا في حفر الباطن شمال شرق السعودية، وقالت العنود آنذاك: "رغم دلال بنات الكويت، إلا أنني قررت وصديقتي لجين الرشيد، وهي ضابط برتبة رائد في الشرطة الكويتية، قررنا خوض هذا المجال".
يُذكر أن الكويت ليست الدولة الخليجية الأولى التي تسمح بانضمام النساء إلى جيوشها، حيث فتحت السعودية باب التجنيد أمام النساء في فبراير الماضي، فيما سمحت الإمارات في عام 2014 بانخراط النساء في العمل العسكري.