بيروت ـ "السياسة": رسمت الإدارة الأميركية خارطة طريق حازمة تجاه إيران و"حزب الله"، عبر عنها وزير خارجيتها مايك بومبيو من بيروت، من خلال مواقفه النارية وغير المسبوقة ضد الحزب، في رسالة شديدة اللهجة للحكومة اللبنانية بضرورة تغيير سلوكها في التعامل مع "حزب الله"، وهو ما رأت فيه أوساط ديبلوماسية عربية في بيروت، كما أبلغت "السياسة"، "مزيداً من الضغوطات وبكل أنواع الأسلحة التي تستخدمها واشنطن لتضييق الخناق على إيران وجماعاتها في لبنان والمنطقة"، مشيرة إلى أن "الخيارات أصبحت ضيقة أمام لبنان الذي عليه أن يقرأ جيداً في طيات الرسائل الواضحة كل الوضوح التي أطلقها رئيس الديبلوماسية الأميركية من بيروت"، ومعربة عن اعتقادها أن "هناك مرحلة أميركية جديدة في التعامل مع حزب الله، ستترك تداعياتها على المنطقة برمتها" . وفيما لم يرد "حزب الله" بشكل مباشر على مضبطة الاتهام التي وجهها وزير الخارجية الأميركية ضده، رأت أوساط نيابية بارزة محسوبة على أصدقاء الولايات المتحدة في لبنان لـ "السياسة"، أن "الكلام الأميركي التصعيدي ضد حزب الله يأتي انسجاماً مع المواقف التي تطلقها الإدارة الأميركية تجاه إيران وأذرعها في المنطقة، وهي مواقف مرشحة لأن تشهد ارتفاعاً في وتيرتها في المرحلة المقبلة، في ضوء التوجه الأميركي والدولي لمحاصرة إيران ومن يدور في فلكها، وهو ما يستوجب من الحكومة أن تحسن التصرف مع هذا التوجه الأميركي الجديد الذي يضع لبنان تحت المجهر الدولي" . وكان الوزير بومبيو الذي واصل زيارته لبنان، أمس لليوم الثاني، حيث التقى كبار المسؤولين، حمل من وزارة الخارجية اللبنانية على "حزب الله" بعنف، لافتاً إلى أن الأخير يقف عائقا أمام آمال الشعب اللبناني، ومن خلال الترهيب المباشر للناخبين، هو ممثل بالبرلمان ويتظاهر بدعم الدولة"، وقال: "إن حملات حزب الله منافية لمصالح الشعب اللبناني".وأكد بومبيو أن "إيران لا تريد لهذا الوضع أن يتغير، وهي ترى الاستقرار في لبنان على أنه تهديد لطموحات إيران في الهيمنة"، مشيرا الى ان "شركات إيران ومحاولاتها تبييض الأموال، تضع لبنان تحت مجهر القانون الدولي، وحزب الله" يسرق موارد الدولة ويجب ألا يجبر الشعب على أن يعاني بسبب طموحات الحزب".وأعلن "أنّنا نؤيد عودة النازحين السوريين في أسرع وقت وسنستمرّ بدعم المؤسسات الشرعية اللبنانية"، سائلًا: "ماذا قدّم "حزب الله" وإيران للدولة سوى التوابيت والأسلحة؟"، مشيراً إلى أنّ "قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يستمرّ في تقويض المؤسسات الشرعية والشعب اللبناني".ولفت الى "أننا سنستمر في الضغط على إيران لوقف سلوكها الإرهابي، فدعم إيران لـ "حزب الله" يشكل خطرا على الدولة اللبنانية ويقوض فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، مشيرا الى أن "الضغط الذي نمارسه يهدف لقطع التمويل عن إيران".وأضاف: "أعربت عن أملي في أن تتمكن الحكومة من تلبية احتياجات الشعب اللبناني... شعب لبنان يواجه خيارا، إما المضي قدما أو أن يسمح لطموحات إيران و"حزب الله" بأن تهيمن، لبنان دفع ثمنا باهظا لتحقيق استقلاله".واكد أن "الولايات المتحدة مستمرة بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني لتحقيق مستقبل أفضل". من جانبه، طلب رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يبدأ غداً الإثنين زيارة لروسيا، من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "بمساعدة بلاده لإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سورية"، مشيرا الى انّ "عمليات تنظيم العودة التي يتولاها الأمن العام سوف تستمر".
ورحب عون "بمساعدة الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية والبرية"، مشددا على "التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 للمحافظة على الاستقرار بالرغم من الانتهاكات الإسرائيلية".وقال الرئيس عون للوزير بومبيو: "الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي هو أولوية لنا"، مشيرا الى ان "حزب الله" حزب لبناني منبثق من قاعدة شعبية تمثّل واحدة من الطوائف الرئيسية في البلاد".كما التقى المسؤول الأميركي في سفارة بلاده رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ومطران بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة، كذلك لبى دعوة رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض على عشاء، غابت عنه "القوات اللبنانية"، وزار مدينة جبيل سائحاً ترافقه زوجته. الى ذلك، أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية مي شدياق، أن "أحداً لا يريد إبقاء النازحين السوريين في لبنان، خصوصاً وقد أصبحوا يشكلون عبئاً على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وغيرها"، سائلة: "لماذا لا يتولى السفير السوري لدى لبنان اعادتهم؟".واضافت، "الى أي مدى ستؤدي زيارة رئيس الجمهورية الى روسيا الى نتائج في هذا الملف والرئيس السوري لا يقدم التسهيلات اللازمة لإعادتهم، لأن معظمهم من الطائفة السنية الكريمة، وهو يقوم بجرف المناطق تحت قانون 43"، مشيرة الى أن "الروس يريدون العودة لكن تجاوب النظام السوري مفقود، ما يعني انه لا عودة". وكشفت شدياق، أن "وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو غير راض على لقائه بوزير الخارجية جبران باسيل".وفي السياق غرد النائب السابق فارس سعيد على حسابه عبر "تويتر"، قائلاً: "صمت الجميع وحتى اركان الدولة امام خطاب عون - باسيل عملٌ جبان"، مضيفاً: "مصالحنا وقطاعنا المصرفي وجيشنا واستقرار عائلاتنا ليست ملك أحد".وقال: "أعلن دونالد ترامب اليوم نهاية داعش اذا انتهى "الارهاب السنيّ"، سائلاً: "هل يتساهل احد مع "الارهاب الشيعي"، معتبراً "مجنون من يتولّى الدفاع عن حزب الله، سيدفع ويدفعنا الثمن غالياً".ورفع منسق "التجمع من أجل السيادة" نوفل ضو، نص المذكرة السياسية التي أعدها "التجمع" الى وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو لمناسبة زيارته الحالية الى لبنان وهي تتضمن قراءة لطبيعة المشاكل التي يعاني منها لبنان، وتصوّر التجمع لخريطة الطريق التي تؤدي الى استعادة لبنان سيادته واستقلاله وحرية قراره. في المقابل، قال رئيس كتلة "حزب الله" النيابية: "هناك ناس خائفة ومرعوبة من الأميركان وعلى قاعدة "سمعا وطاعة"، سائلاً: "إلى أين سيصل بهم الأمر؟، بالطبع إلى حائط مسدود، فكل الذين تعاملوا مع الأميركان وصلوا إلى حائط مسدود، مثال على ذلك فيتنام والعراق وسورية".وأكد أنه "أينما يحل الأميركي وتمتد اليد له سيعاود قطعها، لأن الأميركي ليس له حليف إنما له أتباع ومستخدمون ويقوم باستخدامك في وقت الحاجة لك".