هدى حسين... رأس حربة الدراما الكويتية

فالح العنزي

ليست في حاجة للمديح أو تذكيرها بأنها ممثلة محترفة من الطراز الأول، هي لا تنكر بأن كل تجربة درامية تقدمها تخرج منها بمجموعة كبيرة من الغنائم، التي تدفعها للأمام في مجال عملها كممثلة محترفة، الفنانة هدى حسين، التي ما تزال نجمة تتلألأ في سماء الدراما الخليجية والمحلية باتت في كل مرة تظهر بها في مسلسل تلفزيوني تستحوذ على علامة كاملة، كونها تهتم أولا باختيار النص المناسب والمختلف في فكرته الجديدة، وثانيا اشتغالها الجيد على "كراكتر" الشخصية التي تظهر بها، وثالثا وأخيرا حرصها على اختيار فريق العمل، خصوصا من يشكلون "العصابة" التي تحيط بها ضمن الأحداث وتلازمها في غالبية المشاهد، فهؤلاء على اختلاف أنماطهم بمثابة أيادي الأخطبوط الذي يساعدونها على تحقيق اهدافها، فهم يتحركون من منطلق احترافي بحت ولولا أنهم ممثلون من الدرجة الفاخرة لما كانت هدى ستحقق الهالة والنجاح بعد كل تجربة تلفزيونية، ولعل ذلك من أهم أسباب نجاحها وتميزها وهو اختيار "الكاست الصح".
في المواسم الأخيرة قدمت هدى، مسلسلات منها "كف ودفوف"، "من شارع الهرم إلى"، "ست الحسن"، "عودة خالتي" وقبلهن "الناجية الوحيدة" و"شغف"، أما في آخر أعمالها "ملح وسمرة" للمؤلف حمد الرومي وإخراج علي العلي، فجددت حسين، ثقة المشاهد الخليجي بها وأثبتت فعليا بأن غيابها عن السباق الرمضاني الماضي كان مبررا حتى لا يظهر العمل بصورة باهتة وأدركنا حقيقة الكثير من التفاصيل المتعلقة بالعمل والتي اشتغل عليها المخرج في تقديم رؤى اخراجية ومشاهد يافعة وأخرى تحبس الأنفاس، فالبحريني علي العلي عندما يعجب بسيناريو جميل يبدع في رسم ملامح المشهد التمثيلي ويجعل ممثليه "أيقونات" في كل مشهد، لذا كانت حالة التريث والغياب مبررة حتى يحظى المشاهد بعمل مستحق.
من أسباب نجاح مسلسل "ملح وسمرة" في المقام الأول هو حسن اختيار ممثلين شباب يتميزون بطاقات جبارة وقدرات تحتاج أن توضع في المكان السليم "الممثل المناسب للشخصية المناسبة" مثلما هو الحال مع الممثل الشاب عبدالله الطراروة، الذي بدا واضحا عليه بأنه أصبح على صعيد التمثيل أكثر نضوجا يعرف ما يختار ويتناسب مع امكانياته، ففي آخر ثلاث سنوات سيكتشف المتابع للطراروة تركيزه على الشخصية و"الكراكتر" والدليل مسلسل "يجيب الله مطر" وظهوره بشخصية "أيمن" الشاب المستهتر الفارغ صاحب القلب الطيب وخفيف الدم، وحرص من خلال هذا العمل الظهور بصورة تتناسب وطبيعة الشخصية، وفي رمضان الفائت كان الطراروة، الحصان الأسود بتألقه الكبير في مسلسل "مجاريح" للفنانة سعاد عبدالله، ثم جاء مسلسل "ملح وسمرة"، ليؤكد من خلال شخصية "أحمد" بأن "الثالثة ثابتة" وأن على الممثلين الشباب أن يضعوا في حساباتهم وجود عبدالله الطراروة منافسا شديد المسؤولية ونجم لا يمكن تجاوزه بسهولة في القادم من الأيام، كذلك من الممثلين الذين تألقوا في هذا العمل الفنان الشاب مشاري المجيبل والثنائي سحر حسين وفاطمة الصفي، في حين كان الفنان جمال الردهان "أنور"، بمثابة ميزان العدالة لاعب الارتكاز من الحلقة الأولى حتى الأخيرة، أداء عفوي مقنع من دون مبالغة أو تصنع أو فذلكة ممثلين.
تدور قصة المسلسل بعدما تتولى "هند" هدى حسين، مهمة إسعاف مريضة تعرضت لنوبة صرع، بينما يدخل ابنها "أحمد" في خلاف مع أعضاء الفرقة المسرحية عند حضوره أحد عروضها، ويحاول "أنور" جمال الردهان إقناع "أحمد" بعدم رفع قضية ضد الفريق المسرحي، بدورها تعرض المحامية "إخلاص" فاطمة الصفي، مساعدتها لحل مشكلة "أحمد" مع الفرقة المسرحية، وتستمر الاحداث وصولا الى "هند" التي تحتفل بعيد ميلاد حفيدها "عبدالرحمن"، بينما تحاول "إخلاص" تبرير موقفها من دعم قضية "أحمد"، فتضطر "هند" لمواجهة أحد مخاوفها عند ذهابها إلى العمل تزامنا مع وجود نقص في الكادر الطبي، وبينما يسابق الفريق الطبي الزمن لإنقاذ شخص تعرض لإصابة بليغة في الرأس، يتهم شقيق الأخير "هند" وفريقها بالتقصير في أداء عملهم، وتتشابك المواقف وتتسارع الاحداث وفي كل مشهد تثبت هدى حسين، أنها رقم صعب في الأداء التمثيلي المتناغم والمتناسق مع طبيعة "الكراكتر" والشكل والاحساس، والجميل في هدى، تكويناتها المستمرة في كل مشهد، حيث تجعلنا نشعر بأن من يتشارك معها المشهد هو الممثل الافضل، ذكية الى أبعد الحدود وتدرك أنه لا يمكن أن يصبح "رأس الحربة" هدافا لولا وجود لاعبي الوسط الذين يغذونه بالكرات وفرص الأهداف، هدى حسين ممثلة استثنائية وهي مستقبل الدراما الكويتية بعد عمر طويل للفنانات المتواجدات حاليا.