الثلاثاء 24 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
هذا البلد موبوءُ بالحسد!
play icon
كل الآراء

هذا البلد موبوءُ بالحسد!

Time
الاثنين 25 ديسمبر 2023
View
380
sulieman

قلتُ لحفيدتي العزيزة التي عادت الى الوطن حاملة الشهادة الجامعية العالية من إحدى البلدان الاوروبية المعروفة بجامعاتها المرموقة والتعليم الجاد، قلت لها: خذي حذرك، ولا تتمادي في الحديث عن نفسك، فإن العيون تصيب والنفوس تحسد، فالحسد لا ريب مرض نفسي، وعلة لا شفاء لها الا بالموت أو ان يعالج المرء نفسه، ويكثر من ذكر الله.
ولذلك فقد قال رب العزة والجلال عن الحسد في محكم قرآنه "من شر حاسد اذا حسد"، و ليت الحسد يصيب في المال أو في أشياء مادية، إلا أن الأنكى اذا أصاب الحسد الانسان نفسه، كأن يتمتع المحسود بقدر من العلم والمعرفة، أو من الجمال او الاناقة او البلاغة والذرابة في منطقه ولغته، أو اي خصلة شخصية يتميز بها عن غيره من اصدقائه، وجلاسه، هذا الانسان معرض للاصابة بالعين، وقد لا يسقط الحسد الا بموت الحاسد او المحسود.
وفي الاثر "إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب"، و قول الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام): ثلاثة موبقات، الكبر فإنه حط ابليس من مرتبته، والحرص فإنه اخرج آدم من الجنة، والحسد دعا ابن آدم الى قتل اخيه".
تجربة الحسد انا شخصياً عانيت من عيون الاصدقاء الحاسدين، ربما يصيبك من اقرب الناس اليك من الاهل مثلاً، والتجارب كثيرة الا ان لا مكان للحديث في المواقف الشخصية، لكنني اقول ان الحسد يتفشى في المجتمعات المتخلفة، والاوساط الفقيرة والجاهلة أو الامية، او تلك المجتمعات محدثة النعمة التي نزل عليها الثراء فجأة.
كان لسمو الامير الشيخ صباح الاحمد، غفر الله له وأسكنه فسيح جنانه، مقولة عن الحسد كادت تجري مجرى الامثال بين الناس، قال : "ان الحسد الذي عندنا لو نصدره الى الخارج لغطى الصين والهند وبلدانا اخرى"!
لم يقل المغفور له هذه المقولة الا عن تجربة شخصية رآها بعينه، فهو شيخ ابن شيخ، والحساد لا يكثرون كالذباب الا في قصور الامراء، حيث يكثر المنافقون والطبالون.
انا، واعوذ بالله من قول انا، سافرت الى بلدان في الشرق والغرب وبلدان عربية، لم اشعر في الكثير من تلك الديار، لا سيما الغربية، ان يشغل المرء نفسه وعيونه لمراقبة الاخرين، فكل يلهى بنفسه، انت تذهب الى اي دولة من تلك الدول وبخاصة الاوروبية، ترى صاحب محل صغير الذي رأيته قبل ثلاثين او اربعين سنة هو ذاته يجلس في دكانه، غير آبه بالرايح والجاي، ولا تسمعه تحدث عن جاره "صاحب الحفيز" الكبير الذي يملؤه الرواد الا في البلدان العربية، والكويت تحديداً، هنا انت تجد صاحب متجر، مثلاً، ان كان حفيزاً او بسطة خضرة يشتركان في الحسد والحقد على المحل الذي الى جانبه، والى اخر محل في السوق، اشلون الله بيوقفنا اذا مثل هذه النفسيات المريضة تراها امامك؟
ان الحسد لا دواء له الا ان يكثر المرء من ذكر الله، فمن شر حاسد اذا حسد.

صحافي كويتي

[email protected]

حسن علي كرم

آخر الأخبار