الاثنين 30 سبتمبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

هذا ما تمخض عنه جبلُ الانتخابات

Time
الأربعاء 07 يونيو 2023
View
12
السياسة
أثبت المجتمعُ الكويتيُّ أنه قادرٌ على تغيير المُعادلات، وأنه يعيش الأحداث وتفاعل معها، وينتقد هذا ويؤيد ذاك، بكلِّ أريحيَّة، فما لم تقلْهُ الصناديق قالته وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي يعرف الجميع عن ماذا تمخض جبل الانتخابات، وكيف أن الوجوه تبدَّلت لكنَّ الخطاب بقي على حاله، بل في بعض الأحيان كان الكثير من العنف في لغة المرشحين، من فاز، ومن لم يُحالفه الحظ.
هناك وجوه تكررت، وأخرى تمصلحت وأتت لتكمل التمصلح، وهناك من رفع شعار الإصلاح، لكنه أتى كالمعتاد بفعل الدوافع القبلية أو الطائفية، أو الرشوة، وكل هذا لم تفد فيه القوانين؛ لأنَّ الأصل في ذلك هو الأثر الذي يتركه المرشح، لهذا كان في البرامج الكثير من اللغو، والثرثرة، ولم يصدقها حتى الحلفاء والمؤيدون، قبل المعارضين؛ لأنَّه في ظل غياب حكومة قوية وقادرة، وعدم وجود إرادة حازمة، لن تكون الحال أفضل مما هي عليه.
لذا ليس متوقعاً تغيير الوضع السائد منذ سنوات، خصوصاً الأخيرة منها، التي انكشف فيها ضعف السلطة التنفيذية وعدم مقاربتها للمتغيرات الشعبية أولاً، والسياسية ثانياً، ولهذا ليس مستبعداً أن نشهد تأزيماً في المرحلة المقبلة، وعلاقة متوترة بين مجلس الأمة المنتخب والحكومة العتيدة، إلا في حال واحدة، إذا كانت هناك رؤية جادة لما تحتاجه البلاد، ويعمل الجميع على التعاون، بعيداً عن التمترس خلف تعارض المصالح، شخصية كانت أو موحى بها من متنفذين، وألا يكون كل تصريح وكل كلمة مصدر أزمة.
لكن، بناء على حصيلة التجربة الماضية، وخصوصاً في السنوات العشر الأخيرة التي أبطل المجلس فيها وحُل مرات، وجرت انتخابات عدة، فإن التوتر وعدم التعاون بين السلطة التنفيذية والنواب سيكون حاضراً، إما عبر الاستجوابات المعتادة، وإما السعي إلى تجميد المجلس؛ لأنه ليس على "مزاج" البعض.
فمنذ الآن بدأت تظهر علامات الصراع على رئاسة مجلس الأمة، بين شخصيتين، إحدهما يراه مؤيدوه أنه عامل استقرار، ولديه القدرة على عقد الصفقات التي تبعد التوتر عن قاعة عبدالله السالم، وآخر أحلامه كبيرة، ويرى أن من حقه ذلك المنصب لاعتبارات كثيرة، ففي اعتقاده انه يعبر عن الجيل الحالي، لذلك ففي هذا الامتحان ستغيب الكويت عن بال الكثيرين، من النواب أو من الوزراء الذين هم أعضاء بالمجلس بحكم مناصبهم، وستحضر الصفقات، ويزداد شد الحبل الملتف أكثر على عنق الكويت.
في كل هذا، ومنذ 30 عاماً، الدولة ومشاريعها إما مُجمَّدة، وإما أن التنمية هي مصدر الربح لمن يسعى إلى توظيف كل شيء لمصلحته، وليس لفائدة البلاد والشعب، وللتغطية على ذلك سنبقى نعيش يومياً الصراع بين وجهات النظر، سواء بشأن "البدون" أو المزدوجين، وكأننا نعيش في جنوب أفريقيا أيام الفصل العنصري، أو تخبُّط المؤسسات الدستورية حول مسألة القروض، بينما يبقى الإسكان هو الضحية، وإنهاض البلاد وفتحها أمام الجميع الطامة الكبرى؛ لأن هناك دولة عميقة تتحكم بكل هذه الملفات.
في المقابل يستمرُّ نهب البلد والشعب، عبر صفقات مشبوهة في مشاريع نفذت في دول أخرى بأقل التكاليف، وكانت جودتها أعلى بكثير مما هي عليه في الكويت، وكل هذا بثمن سياسي يدفع، إما بالضغط النيابي على الحكومة الضعيفة أصلاً، وإما من خلال فرضها على الوزراء عبر متنفذين، وللأسف ليس هناك من يدرس أين الصح أو الخطأ، وفي ظل غياب قرار وإرادة حازمة، تعاقب من يستحق كي يكون عبرة لغيره.
لهذا فإنَّ ما تمخض عنه جبل الانتخابات، يعني أننا سنواجه في المستقبل الأزمات نفسها، وهذا ما يثير الأسى في النفس، جرّاء غياب مشروع دولة تستحقه الكويت، التي كانت يوماً ما أيقونة التنمية والتقدم في الإقليم، وأصبحت اليوم في الدرك الأسفل.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار