هذه هي الريادة

طلال السعيد

الريادة التي تبحث عنها بعض النسوة بالكويت، أو حتى في بعض دول الخليج،ان تكون أول سيدة، أو سيدات لافرق، يعبرن حدود الكويت الى الخفجي وهن يقدن سياراتهن، وأخريات يعبرن جسرالملك فهد من البحرين الى الدمام، فهل بالفعل هذه هي الريادة التي تبحث عنها نساء الخليج حين تصر إحداهن على تسجيل اسمها في منفذ الخروج، لكي تكون أول واحدة تعبرالمنفذ وهي تقود سيارتها وكأنها عملت عملا عظيما يدخلها التاريخ من أوسع ابوابه مثلها مثل النساء العظيمات اللائي قرأنا سيرتهن عبر التاريخ ؟ وماذا سيكتب المؤرخ عن عابرات الحدود بسياراتهن، وماذا سيقول في السيرة الذاتية، أم أن إحداهن اصبحت تنافس متسلقات جبال الهملايا بعبورها للخفجي؟ ولكننا لانستغرب ذلك في زمن الفاشينيستات والتفاهات التي اصبحت تقود الرأي العام تحت مسمى مشاهير الميديا، فهذا زمانهن اذا كان لكل شيء زمان، فنحن لانستغرب اختفاء الإبداع والريادة والاعمال الوطنية والاجتماعية المتميزة لتي تخلد أصحابها وتمنحهم السبق والريادة الحقيقية، طالما الناس تصفق وتهلل لعابرات الحدود بسياراتهن على انهن رائدات فماذا ننتظر بعد ذلك؟!
بعد استقلال الكويت تجمعت بعض النسوة الكويتيات في مكان عام وحرقن عباءاتهن امام عدسات المصورين في ذلك الوقت كدعوة للتحرر ومحاربة الرجعية والتخلف، المتمثل برأيهن بارتداء العباءة ليحققن الريادة كطليعيات وداعيات تحرر!! وهذا الزمن يكرر نفسه لتصبح عابرة الحدود وهي تقود سيارتها رائدة، اما تلك الشهيدة التي ضحت بحياتها دفاعا عن الوطن، وتلك الام التي تربي ابناءها وتعلمهم حب الوطن وتغرس فيهم الولاء والانتماء وتؤهلهم للمستقبل، وتلك المدرسة التي تربي الأجيال بتفان واخلاص وغيرهن من اللائي يستحققن الريادة الحقيقية فلا ذكر لهن.
المشكلة الحقيقية ليست في عابرات الحدود، المشكلة في مجتمعنا الذي جرفه التيار ولَم يعد يميز بين الغث والسمين،والحق والباطل، فتغيرت المفاهيم وأصبحت التفاهات هي السائدة والنَّاس تتابعها، والأموال تتدفق على نشطاء التواصل والميديا بسبب أعداد المتابعين التي اصبحت أرقامهم فلكية، فهرول خلفهم المُعلن وأصبحوا وجها للمجتمع بغض النظر عن كونه وجها مشرقا او غير مشرق، فغاب العقل ولَم يعد احد يفكر، وسادت ثقافة (الفاست فود) التي قد تسد الجوع وتملأ البطن ولكنها لا تفيد الجسم بل ضررها اكثر من نفعها،والله المستعان..زين