الاقتصادية
هل أصبح انهيار أسواق الأسهم العالمية وشيكاً بعد ارتفاعاتها القياسية؟
السبت 04 يناير 2020
5
السياسة
أخيرًا تبدو أسواق الأسهم الرئيسية في طريقها لاستعادة العلاقة التاريخية القوية بينها وبين الاقتصاد الحقيقي-لكنها لن تكون جيدة بالنسبة للمستثمرين هذه المرة- بعد فترة طويلة من النشوة التي أنكرت هذه حتى قبل الانزعاج المترتب على تكهنات استمرار الحرب التجارية، كانت هناك علامات على قرب اضطراب الأسواق، فبعد موجة استثنائية من عمليات إعادة شراء الأسهم، بدأت بعض الشركات الكبرى في أنحاء العالم استخدام أسهمها المبالغ في تقييمها كعملة لشراء الشركات الأخرى ذات الأصول والأرباح الحقيقية، ما يعد نذير شؤم.إعادة شراء الأسهم أمر منطقي بالنسبة للشركات التي تجد أسعار الفائدة منخفضة بشكل قياسي في أسواقها، فهذا يجعل جمع رأس المال المدعوم بالديون رخيصًا، ويؤدي إلى ارتفاع أرباح المساهمين المتبقين.لكن موجة الاندماجات والاستحواذ الكبيرة الأخيرة، بما في ذلك شراء "إل في إم إتش" لـ"تيفاني" وتوسعات الشركة المالكة لنادي مانشستر سيتي لكرة القدم، والتي يتم تمويل بعضها عبر الأسهم، ينظر إليها محللون باعتبارها إشارة على نهاية السوق الصاعد.إشارة الركود عندما تبدأ الشركات في شراء المنافسين بدلًا من الاستثمار في نشاط جديد ومجالات وليدة، وعندما تستخدم أسهمها لشراء أصول النمو، فإن هذا يشير إلى تناقص الثقة في الأسواق، كما قد يكون أيضًا علامة على ركود اقتصادي وشيك.صحيح أن الاقتصاد يعمل بشكل دوري، تندثر دورة وتولد أخرى جديدة، لكن عندما تنذر الإشارات بعاصفة جامحة في طور الإعداد، يجب القلق، فبخلاف سوق الأسهم الصاعد لا يوجد شيء واحد جيد على الجبهة الاقتصادية العالمية؛ الاستثمار آخذ في التراجع، وكذلك معدلات النمو وثقة الشركات.الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين سيكشف فقط عن الحجم الحقيقي للمشكلة ولن يعالجها، ولن تعود التجارة بين البلدين إلى سابق عهدها، فالسوق تضرر هيكليًا جراء الحرب التجارية، وتكشف تهديدات "ترامب" للبرازيل والأرجنتين وفرنسا عن نهج طائش يتبعه الرئيس الأميركي.يرى محللون أن منطق السوق في الاعتماد على عمليات الاستحواذ المدعومة بالظروف المالية الحالية سيتسبب في انهيار عاجلًا وليس آجلًا، فلو أن هناك سببًا واحدًا لإثارة أزمة ثقة، فسيكون هو موجات الغضب والتقلب التي يحدثها الرئيس "ترامب". التاريخ شاهد على الخطر السوق الصاعد في الولايات المتحدة الآن هو الأطول على الإطلاق، لكن التاريخ يخبر بأنه في آخر مرة استمر صعود الأسهم طيلة عقد من الزمان تقريبًا، كانت النهاية مأساوية وشهدت البلاد (ومعها العالم) أزمة اقتصادية طاحنة.استمر الاتجاه الصعودي للأسهم طيلة ثماني سنوات قبل بدء الكساد العظيم في عام 1929، ومع انتهاء الطفرة في سوق الأسهم الأميركي، شهد اقتصاد الولايات المتحدة أسوأ أزمة في تاريخه، والتي امتدت آثارها للاقتصاد العالمي. إذا دخلت أسواق الأسهم في مرحلة تصحيح، قد يخلق ذلك عاصفة جامحة في مواجهة الاقتصاد العالمي، خاصة أن الكثير من تأثير الثروة وقيم الأصول المتضخمة يرجع في الأساس إلى سوق الأسهم الصاعد. نظرة فنية - خلال الفترة بين منتصف أغسطس وأواخر نوفمبر، ارتفع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 10.5%، وتحديدًا على مدار 74 يومًا، حيث بدا أنه محصن ضد الأخبار السيئة، ووفقًا لـ"نيد ديفيس" للأبحاث فإن المؤشر سجل تاريخيًا ارتفاعًا نسبته 13.4% في سلسلة مكاسب امتدت 61 يومًا في المتوسط، قبل الانهيار. خلال الفترة بين الخامس عشر من أكتوبر عام 1999 والرابع عشر من يناير عام 2000، شهدت الأسهم موجة صعودية مماثلة قبل انفجار فقاعة "دوت كوم مباشرة"، حيث ارتفع مؤشر "داو جونز" بنسبة 17% خلال ذلك الوقت ، كما ان تكرر هذا المشهد قبيل الأزمة المالية العالمية أيضًا، وتحديدًا خلال الفترة من السادس عشر من أغسطس عام 2007 إلى التاسع من أكتوبر لنفس العام، حيث قفز المؤشر بنسبة 10.3% (لكنه فعلها هذه المرة خلال 38 جلسة فقط). العوامل الأساسية مهمة، لكن كل سوق يعمل وفقًا لمعنويات المستثمرين وطبيعة الدورة الاقتصادية، وبعد ارتفاع كبير وممتد يميل السوق إلى التصحيح بعد المبالغة في التقييمات، وهو ما يخشى محللون أنها مرحلة قد باتت وشيكة.