الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

هل البلدية أو "الأوقاف" ستشرف على مالنا السيادي؟

Time
الثلاثاء 11 يوليو 2023
View
12
السياسة
في أقل من ثلاثة أشهر شهدت الحكومة انتكاسة تمثلت باستقالة وزير المالية على خلفية إسناد هيئة الاستثمار إلى وزير النفط، وهذا يدل على أن المعالجات الخطأ تؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار، لا سيما أن مجلس الأمة في أولى جلساته أصيب أيضاً بما يمكن تسميته عطباً ،لا شك سيؤدي لاحقاً إلى إثارة النزاعات بين النواب والوزراء، وكأنه مكتوب على الكويت ألا تشهد أي استقرار.
من المهم التأكيد على أن الصندوق السيادي هو الذراع الاستثمارية الخارجية بعد النفط ، وله أهمية كبرى في الدول التي تدرك مهمته في المحافظة على ثروتها وتعزيزها، كما هي الحال في صندوق التقاعد النرويجي، الذي أصبح في غضون 27 عاماً الأول عالمياً، ويستثمر موجوداته في تسعة آلاف شركة في 75 دولة، فيما الكويت الأولى التي أنشأت صندوقاً سيادياً في العام 1961، كان من المفترض أن تكون موجوداته أكبر من نظيره النرويجي، لكن كما يبدو من خلال الذهنية الكويتية ومقولة "الله لا يغير علينا"، والتدخلات الحاصلة فيه دفعت إلى مشكلات يعانيها.
من المعروف تاريخياً أن هذا الصندوق يتبع وزارة المالية، ورغم أن هذا خطأ لأن المال السيادي للدولة يجب أن يكون بإمرة إما رئيس الدولة مباشرة، أو رئيس مجلس الوزراء، فإن إيكال الأمر إلى وزير النفط، يحمل دلالة على أن الممارسة ليست سليمة، فإذا كان وزير النفط أفضل من الوزير المستقيل لماذا لم يعين من الأصل في "المالية"، أما جعل أهم مؤسسات الدولة مجالاً للاختبار، فهذه كارثة، لأنها ليست حقل تجارب، ولا تعمل بمنطق "إن حبتك عيني ما ضامك الدهر".
للأسف إن هذه الممارسات جعلت النواب، منذ العام 1992 إلى اليوم، أي طوال 14 مجلساً، يفرضون سطوتهم على السلطة التنفيذية التي لم تدرك أن مهمتها الأساس حسن الإدارة، وتعزيز قوة المؤسسات عبر اختيار الأكفاء وأصحاب الخبرات، لا أن تتحول مزارع لبعض الشخصيات، ففي السنوات العشرين الماضية اُكتشفت في البلاد فضائح عدة، مرة الصندوق الماليزي، وأخرى صفقة "يوروفايتر "، وكذلك اختلاسات في مؤسسات ومشاريع كبرى عدة، في المكاتب الصحية ومكتب هيئة الاستثمار في لندن، وغيرها، وهذا لا شك لا يؤثر على سمعة الكويت في الخارج فقط، بل يجعل المواطن يخاف على مصيره ومصير أولاده.
كثير من الصناديق السيادية في العالم تدار من رئيس الدولة مباشرة، وتضم خيرة العقول والخبراء المتمرسين، ويجري العمل بها بشفافية كبيرة، وهذا لا بد من النظر فيه بعين الأهمية، وأن يعمل مجلس الأمة على تعديل قانون الصندوق السيادي، كي يصبح تحت إشراف رئيس الدولة، أو رئيس الوزراء، مع الكف عن التدخلات فيه، حتى لا نستيقظ يوماً على وضع هذا المال السيادي تحت إشراف وزارة البلدية أو "الأوقاف"، وأن تصبح حاله كما المؤسسات التي تعاني من الفساد المستشري، فعندها لن ينفع البكاء على اللبن المسكوب.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار