الاثنين 16 يونيو 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

هل الفلوس تغير النفوس فعلاً؟

Time
الأحد 14 أكتوبر 2018
View
30
السياسة
المال هو عصب الحياة، كما يقال، واقتناؤه أمر محبب لدى غالبية الناس، وقد يوفق البعض في ذلك وقد لا يحالف الحظ البعض الآخر، وقد أثنى القرآن الكريم على المال {الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَخَيْر أَمَلا}(الأيه 46 الكهف).
لكن هذا الثناء ليس شاملاً لكل مال ففي السنة الشريفة قال رسول الله( صلى الله عليه وسلم):"ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس"، (متفق عليه)، اضافة إلى أن المال قد يكون نعمة او نقمة، ولكي لا يتحول نقمة فإن المال المعتبر في الإسلام، هو الذي تتوفر فيه الضوابط التالية: أن يتم كسبه بطرق مشروعه، وأن يخرج منه صاحبه حق الله فيه وهو الزكاة، وأن يتسم صاحب المال بعدم الجشع والبخل بأن ينفق منه على نفسه وعلى عائلته، وعلى أقاربه الفقراء بالمعروف، وأن يكون فيه نصيب للصدقة التطوعية على المحتاجين والجمعيات الخيرية، ومساعدة الأصدقاء ولو عن طريق الإقراض، وألا يعيق صاحبه عن طاعة الله عز وجل، بأن يقدم صاحب المال شؤون ماله وغيره من شؤون الدنيا على طاعة الله والآخرة، وأن يرتب صاحب المال ما سوف يتركه لورثته بعد وفاته حتى لا يقع بينهم نزاع.
والمال لو كان فيه خيراً مطلقاً لما زهد فيه سيدنا محمد(صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام، وجميعنا يدرك كيف كان يعيش عليه الصلاة والسلام إلى درجة أنه توفي ودرعه مرهونة لدى يهودي.
وكما أن للمال ايجابيات متعددة فإن له مساوئ كذلك ومنها: أن عائلات كثيرة كانت مضرب المثل في الوئام والمحبة تحولت بسبب النزاع على التركة ما يشبه الوحوش الكاسرة، ولو كان مورثهم يعلم بذلك لما أفنى سنين عمره في جمع المال، وقيام بعض الأزواج بالاستحواذ على المال الخاص بزوجاتهم، سواء كان راتباً أو غيره، متناسين ان ذلك يخدش من كرامتهم وينقص من دينهم، باعتبار أن المرأة في الشريعة الإسلامية لها ذمة مالية مستقلة، فالأموال التي تملكها هي خاصة بها، كما أن أصدقاء كثر كانوا كالأخوة إلى اللحظة التي إعتذر فيها الموسرون منهم عن مد يد العون، ولو بالإقراض لأصدقائهم المحتاجين الذين عاشوا معهم سنوات طويلة، مما أثر سلباً على تلك الصداقة.
أيضاً فإن كثيرا من الناس اليوم لا يعرفون بعضهم بعضا الا من خلال نوع سياراتهم ومواقع بيوتهم وأجهزة اتصالاتهم وأرصدتهم المصرفية، وأثاث منازلهم وأماكن اقامة مناسباتهم، وأماكن سفرهم، حيث يضطر هؤلاء لوضع الاقنعة المتعددة للظهور على النحو الذي يليق بانعكاس الثروة على مظهرهم، وطريقة كلامهم ولباسهم واهتماماتهم، بالإضافة إلى أن أكثر ما يؤدي إلى فساد طبيعة الناس الاجتماعية التركيز على اختلاف مقاماتهم، وفق ما يملكون من مال في حالة اجتماعهم في مكان واحد، وأن ذلك هو الذي أدى بالكثير إلى هوس جمع الثروة، ومن ثم شيوع الأقنعة، أو ما يعرف بأدوات التنكر الاجتماعي.

كاتب سعودي
آخر الأخبار