الاقتصادية
هل تستمر سيطرة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على مصير الاقتصاد العالمي؟
الثلاثاء 04 أكتوبر 2022
5
السياسة
إن التضخم مشكلة عالمية، في نهاية أغسطس الماضي، بلغ التضخم 8.3% في الولايات المتحدة و9.1% في منطقة اليورو، ووصل إلى 20.3% في نيجيريا، و25% في ملاوي، وأكثر من 30% في إثيوبيا وغانا.وللتضخم تأثير مدمر على أفريقيا، تقدر وكالة الطاقة الدولية أن 30 مليون أفريقي إضافي لن يتمكنوا من تحمل تكاليف الوقود للطهي بحلول نهاية العام، ويقدر البنك الدولي أن عدد الأفارقة الذين يعيشون في فقر مدقع سيرتفع من 424 مليون شخص في 2019 إلى 463 مليون شخص هذا العام.ولا يوجد اتفاق حول سبب حدوث ذلك، يجادل البعض بأنها مشكلة عرض في المقام الأول، أدت الاضطرابات في سلاسل التوريد الناجمة عن آثار جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا إلى انخفاض المعروض من السلع مثل الوقود والأسمدة والمواد الغذائية، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها.ويرى آخرون أن هذا نتيجة للسياسات النقدية الفضفاضة للبنوك المركزية الرائدة مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لعدد من السنوات، أبقت هذه البنوك على أسعار الفائدة منخفضة وشاركوا في التيسير الكمي.وتختلف هاتان المجموعتان أيضاً حول كيفية إدارة المشكلة، تجادل المجموعة الأولى بأن التضخم سيتقلص مع حل مشكلة العرض، فهم يؤكدون أن الأسعار المرتفعة الحالية ستحفز الشركات على زيادة الإنتاج، وسيؤدي توافر المزيد من السلع مثل الغذاء والوقود والأسمدة في النهاية إلى انخفاض أسعارها، وتراجع معدل التضخم تباعاً.وترى المجموعة الأخرى أن البنوك المركزية يجب أن ترفع أسعار الفائدة وتزيل التيسير الكمي، وهم يجادلون بأن هذه الإجراءات ستجعل اقتراض الشركات والأسر والحكومات أكثر تكلفة، سيؤدي هذا بدوره إلى إبطاء الاقتصاد وتقليل الطلب (وربما العمالة)، ويصرون على أن هذا سيؤدي إلى انخفاض الأسعار وإنهاء التضخم.لسوء الحظ، فإن واقع الإدارة المالية العالمية يعني أن أفريقيا لا تمتلك أي سلطة تجاه اتخاذ أي قرار بشأن النهج الذي يجب اعتماده. ويجب على البنوك المركزية الأفريقية أن تحذو حذو الاحتياطي الفيدرالي لثلاثة أسباب على الأقل. أولاً، الدولار الأميركي هو العملة الأكثر أهمية في العالم. في عام 2021، استحوذ الدولار على 59% من الاحتياطيات الأجنبية العالمية، وأكثر من 70% من جميع الفواتير التجارية، تعني هيمنة الدولار أن الرفاهية الاقتصادية لجميع البلدان مرتبطة بقدرتها على الحصول على الدولار، وسعره بعملتها المحلية. ويُعد سوق سندات الخزانة الأمريكية البالغة قيمته 27 تريليون دولار، الأكبر والأكثر أماناً في العالم.عندما تكون هناك مشكلة ما أو حالة عدم يقين في العالم، يندفع المستثمرون لشراء الدولارات والاستثمار في الأسواق الأميركية.ويتعين على البنوك المركزية الأفريقية الراغبة في إدارة هذه التحركات رفع أسعار الفائدة، وإذا لم تفعل هذا، فإنها تواجه احتمال انخفاض قيمة عملاتها المحلية؛ حيث يبيع المستثمرون الأصول المقومة بالعملات المحلية لشراء الدولار.وسيؤدي انخفاض قيمة العملة المحلية إلى زيادة تكلفة شراء الدولارات التي تحتاجها هذه الدول لسداد ديونها المقومة بالدولار ودفع قيمة الواردات، وهذا بدوره يهدد بالتسبب في ارتفاع التضخم المحلي، في الواقع يعتبر الاحتياطي الفيدرالي أهم جهة فاعلة في إدارة النظام المالي الدولي.