الأولى
/
المحلية
هل تُشجع أحكام البراءة في قضايا المخدرات على الاتجار بالسموم؟
الأحد 30 مايو 2021
5
السياسة
كتب - ناجح بلال:هل نشر أحكام الحصول على البراءة في قضايا المخدرات عبر وسائل الإعلام بمختلف أنواعها يمكن أن يزيد من معدلات الاتجار في تلك السموم في الكويت؟ ولماذا يتباهى بعض المحامين بنشر أحكام البراءة؟ وما هي بعض الثغرات التي تساعد في حصول المتهم على البراءة؟.هذه الأسئلة وغيرها طرحتها "السياسة" على عدد من الأمنيين ورجال قانون وعلماء نفس وناشطين، وقد طالبوا جميعهم على ضرورة عدم التوسع في نشر أحكام الحصول على البراءة في قضايا المخدرات من أجل تحصين المجتمع من تلك الآفة. وإليكم التفاصيل:بداية، يقول مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالإدارة العامة للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية السابق لواء الشرطة المتقاعد حمد السريع أن هناك عدداً من المحامين يتفاخرون دائما بنشر صورهم مع خبر حصول موكلهم على حكم البراءة في الصحف اليومية ومواقع الصحف الإلكترونية، لافتا إلى أن هذا أمر مقبول حين يروج المحامي عن نفسه والجهود التي بذلها لاستنطاق حكم البراءة من محكمة الجنايات أو محكمة الاستئناف أو حتى محكمة التمييز، لكنه يرى من خلال نظرته الأمنية أن ذلك يزعجه ليس لبراءة المظلوم من المحالين للمحكمة وهذه حالات قليلة جدا ولكن لبراءة شخص متهم بارتكاب جريمة الاتجار وتعاطي المخدرات.وبين السريع أن حصول المحامي على البراءة لموكله يأتي اغلبها إما نتيجة خطأ في إجراءات الضبط والتفتيش من قبل ضباط الشرطة والمباحث او خطأ في كتابة محاضر التحريات والضبط لكن حين يكون الحكم عدم النطق بالعقاب أو الامتناع عن العقوبة فإن ذلك إدانة للمتهم مع منحه الفرصة للعودة إلى الحياة الطبيعية بعيدا عن السلوك الإجرامي. وذكر أنه عندما كان مديرا لمكافحة المخدرات كان يتابع الأحكام وما أن يصدر حكم ببراءة متهم في قضية مخدرات إلا وسعى للحصول على حيثيات الحكم ليعرف مسببات البراءة للمتهم حتى يتجنبها لاحقا.وأشار السريع إلى أنه في احدى القضايا التي مرت عليه قام احد المتهمين بتسليم قطعة من الحشيش الى مصدره السري وبعد تيقنه من المادة دون محضر تحريات وطلب من المصدر شراء قطعة من الحشيش وزوده بمبلغ 10 دنانير وتم الاتفاق على التسلم والتسليم وتمت عملية الضبط، وبتفتيش المتهم عثر على كمية من الحشيش بحوزته وبعدها دون محضر ضبط وتفتيش في الواقعة، موضحا أن الإجراءات التي تمت بينت بما فيها تسلم قطعة من الحشيش كعينة حيث حرزت مع المضبوطات وحققت النيابة في القضية وتم حبس المتهم لكن بعد ذلك صدر حكم محكمة الجنايات وتأييد من محكمة الاستئناف وكانت البراءة للمتهم، ذاكرا أنه بعد ان اطلع على حيثيات الحكم تبين أن ما قام به من اجراء هو خطأ قانوني حيث لم يسجل قطعة الحشيش التي تسلمها من المتهم كعينة في محضر التحريات الموقع من النيابة قبل عملية الضبط.وتمنى من الوكيل المساعد لشؤون الأمن الجنائي إنشاء قسم يتبعه مباشرة يكون من مهامه متابعة الأحكام الصادرة من المحاكم وخصوصا أحكام البراءة للاطلاع على حيثيات الحكم ومعرفة أي أخطاء إجرائية ارتكبها ضباط المباحث أو ضباط الشرطة لتصحيح تلك الإجراءات لاحقا. وشدد على ضرورة تدريب ضباط المباحث نظريا وعمليا على إجراءات الضبط والتفتيش بشكل مستمر ودائم حتى يتلافوا الأخطاء الإجرائية في عمليات الضبط مع ضرورة تدريب ضباط المباحث على صياغة محاضر التحريات ومحاضر الضبط والتفتيش دون أخطاء لغوية أو قانونية.ونبه السريع إلى أن براءة متهم ارتكب عدة سرقات أو ارتكب عملية تزوير بسبب خطأ في الإجراء أو في كتابة محضر الضبط والتفتيش هي ضياع لحقوق أناس تنتظر صدور حكم من المحكمة ضد هذا المتهم للحصول على حقوقهم في التعويض المادي حيث من الضروري إنصاف المظلوم وحتى يشعر ضباط المباحث بالسعادة حين يرون أن جهودهم التي بذلوها جاءت بالنتائج الإيجابية وأودعت احد المجرمين السجن وأبعدته عن أذى الناس.عقوبة الإعدامويحدد المحامي بالمحكمة الدستورية والتمييز حسين الشرهان العقوبات الواردة فيمن يثبت عليه الاتجار في المخدرات قائلا: إن عقوباتها تصل إلى الحبس المؤبد وغرامة لاتقل عن عشرة آلاف دينار ولاتتعدى عشرين ألف دينار في حالة إذا تمت حيازة أو إحراز أو شراء أو بيع مواد مخدرة أو نبات من النباتات المخدرة أو تقديم المواد المخدرة بمقابل مادي من أجل التعاطي وعلى كل من رخص له القانون حيازة المواد المخدرة في أغراض معينة ثم قام بالتصرف فيها بمقابل في غير هذه الأغراض المرخصة له وعلى كل من أعد أو قام بإدارة مكان بمقابل ليتم فيه تعاطي المواد المخدرة. وبين الشرهان أن عقوبة الإعدام في الاتجار بالمخدرات مغلظة تأتي حسب نص المادة 31 من القانون رقم 13 لسنة 1995م حيث توقع على كل من استورد أو جلب بالذات أو بالواسطة أو صدر مواد أو مستحضرات مخدرة أو ساعد في شيء من ذلك كفاعل أصلي أو شريك وكان ذلك بقصد الاتجار قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة (3) من هذا القانون. ويحق الإعدام كذلك على كل من أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع مواد مستحضرات مخدرة وكان ذلك بقصد الاتجار في النباتات المخدرة التي بينها القانون وعلى كل من زرع نباتاً من هذه النباتات في أي طور من أطوار نموها هي وبذورها صدر أو جلب أو استورد نباتا وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأي صورة وذلك في غير الأحوال المرخص بها في القانون.ولفت الشرهان إلى أن هناك ظروفا تؤدي أيضا للإعدام منها العودة للاتجار في المخدرات أو إذا كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين العموميين المنوط بهم مكافحة مواد ومستحضرات المخدرات أو الرقابة على تداولها أو حيازتها وكذلك إذا استخدم في تنفيذ الجريمة حدثاً لا تزيد سنه على ثماني عشرة سنة و إذا كانت المواد أو المستحضرات المخدرة من تلك المنصوص عليها في القانون.ورأى الشرهان أن من بعض اسباب حصول المتهم بقضايا المخدرات على البراءة بطلان إجراءات القبض والتفتيش وعدم جدية التحريات أو تضاربها وإبعاد المتهم الأجنبي عن البلاد، لافتا إلى أنه يمكن سد هذه الجزئيات من خلال استصدار اذن نيابة قبل عملية القبض والتفتيش وليس بعدها كما نرى ببعض القضايا كما يجب محاكمة تجار المخدرات الأجانب بدلاً من ابعادهم وذلك لتحقيق الردع العام.وأضاف أن غالبية الدول تتفق على مجموعة من الأسباب التي تزيد من معدلات المخدرات والإدمان في المجتمعات ومنها تعرض بعض الأطفال لظروف قاسية تجعلهم يلجؤون إلى الانحراف في سني المراهقة. كما أن القلق والتدهور الاجتماعي وعدم الاستقرار في عمل معين يؤدي للجوء البعض إلى الإدمان أو الاتجار فيها كما تغلب المشاكل الأسرية والحيلة الزوجية غير السعيدة والفشل الدراسي والتأخر فيه والعلاقات الجنسية المحرمة ومشاهدة الأفلام والمسلسلا ت غير الهادفة والكليبات والأغاني الهابطة تخلق دورا كبيرا في تزايد معدلات الإدمان أو الاتجار في الممنوعات ويسبق كل هذا ضعف الوازع الديني.تحفيز نفسيورأى أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. خضر البارون أن نشر أحكام الحصول على البراءة في قضايا المخدرات يسهم ويشجع من ناحية نفسية على تحفيز البعض في الاتجار بالمخدرات، مبينا أنه يفضل عدم نشر تلك الأخبار في الصحف أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل حماية المجتمع من تلك السموم التي تفتك بالشباب والفتيات والكل. وأشار د. البارون إلى أن هناك بعض المحامين يتباهون بحصولهم على البراءة بشكل غير طبيعي رغم أن كل ما قامت به هذه النوعية القليلة من المحامين أنها أبطلت بعض الإجراءات، لافتا إلى أن الخطأ في الإجراءات يحدث حتى في الدول الكبرى، وأنه تقابل مع ضابط أميركي ذكر له أنه قبض على شخص يروج للمخدرات أمام عينيه ولكن الضابط هو الذي أدين لأنه قبض عليه دون إذن مسبق، فضلا عن أن هناك من يتم إيداعهم للمصحات النفسية بعد أن يثبت المحامي أن المتهم يعاني من خلل نفسي. وأوضح أن من يقعون في براثن الإدمان ضحايا.المحاماة مهنة إنسانيةتقول الناشطة في مجال الشفافية ومكافحة الفساد منال الكندري ان نشر قضايا براءة تجار المخدرات من قبل بعض المحامين عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الصحف اليومية أصبحت شبه ظاهرة، لافتة إلى أن هذا الوضع يمكن أن يشجع البعض على الاتجار في المخدرات، طالما هناك فئة من المحامين تتباهى بتمكنها من براءة موكليها ممن أدينوا بقضايا الاتجار في المخدرات. ولفتت الكندري إلى أن هناك بعضا من المحامين يدركون تماما بأن موكليهم بالفعل قاموا بالاتجار بالمخدرات وبدلا من رفضهم تلك القضايا المشبوهة يقومون بالتحايل على القوانين واستغلال أي ثغرات بسيطة ينفذون من خلالها من أجل الحصول على البراءة لموكليهم، منبهة أن المحامي الذي يترافع في قضية مخدرات ويدرك تماما أن موكله مدان فالذي ربحه من تلك القضية يعد حراما.وأضافت الكندري أن مهنة المحاماة يفترض أنها مهنة راقية وإنسانية بالدرجة الأولى ومن حق المحامي أن يقف مع المظلوم ولكن من ناحية أخلاقية ليس من حقه أن يتباهى بحكم البراءة لموكله وهو على يقين من إدانته. 22840 متهماً خلال 10 سنواتكشفت دراسة تحليلية أعدتها وزارة العدل عن جرائم المخدرات أن إجمالي عدد المتهمين بقضايا المخدرات في عشر سنوات من المدة 2008 وحتى 2018 كان 22840 متهما خلال 10 سنوات بينهم 10898 كويتيا و10951 غير كويتي وبلغ عدد المتهمين الذكور 21118 وبنسبة 92.5%، بينما بلغ عدد المتهمات من الإناث 731 وبنسبة 3.2% من إجمالي المتهمين بقضايا مخدرات.ولفتت الدراسة الى انه تم القبض على 20655 متهما وتقديمهم للمحاكمة خلال فترة الدراسة بينهم 10607 كويتيين صدرت ضدهم أحكام بقضايا مخدرات خلال فترة الدراسة بنسبة 51.4%.وبحسب الدراسة فإنه تمت براءة 6084 وإخلاء سبيل 1156 وانقضاء الدعوىلوفاة 60 متهما.