الاقتصادية
هل قرار الفيدرالي بخفض الفائدة حماية للنمو الاقتصادي أم حالة هلع ؟
الأربعاء 04 مارس 2020
5
السياسة
أعلن الاحتياطي الفيدرالي بشكل مفاجئ خفض الفائدة بنصف نقطة (خمسين نقطة أساس) إلى النطاق بين 1.25% و1.00%، وبرر القرار بأنه سيحافظ على النمو الاقتصادي الأميركي في ظل التحديات التي يشكّلها انتشار فيروس "كورونا".وصرّح رئيس الفيدرالي "جيروم باول" بأن خفض الفائدة يعد بمثابة خطوة استباقية للحفاظ على النمو، مشيراً إلى استمرار قوة البيانات الاقتصادية الصادرة.لكن الأسواق بدأت في تقييم هذه الخطوة المفاجئة والنادرة التي اتخذها الفيدرالي دون الانتظار لاجتماع الشهر الجاري كي يفصح عنها، فماذا وراءها؟ويرى محللون أن الركود الاقتصادي في أميركا لا يمكن استبعاده في ضوء تأثر الاقتصاد الأكبر في العالم بالتباطؤ الذي يعتري اقتصاد الصين واقتصادات شرق آسيوية، ما يؤثر سلبياً على المصنّعين وتجار التجزئة في الولايات المتحدة.بمعنى آخر، سوف يضر الفيروس بسلاسل الإمداد والتوريد وتجار التجزئة دون الإضرار بالطلب، لكن هذا الافتراض كان منطقياً حتى الأسبوع الماضي قبل أن يتخذ الفيدرالي قراره بخفض الفائدة.لسوء الحظ، لن يكون في جعبة الفيدرالي الكثير من الأدوات لاستعادة سلاسل الإمداد العالمية، كما أن قدرته ستكون محدودة حال تفشي الفيروس بشكل وبائي في الولايات المتحدة، فلو حدث ذلك، سيعزل المواطنون أنفسهم في المنازل ومن ثم تأثر الطلب.ورغم التفاؤل بشأن احتواء "كورونا"، إلا أنه من السهل تفشّيه كما حدث في الصين وانتقاله سريعاً إلى عشرات الدول الأخرى حول العالم، ما دفع بنوكاً ومؤسسات بارزة كمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لخفض التوقعات إزاء النمو الاقتصادي العالمي في 2020. في هذه الأثناء، سيكون اللاعب الرئيسي هو المواطنون، وبالتالي، "فتش عن إنفاق المستهلكين - العمود الرئيسي للاقتصاد الأميركي - ففي أسوأ السيناريوهات، سيسفر تفشي الفيروس بشكل وبائي عن ضعف إنفاق المستهلكين بشكل حاد.من صور إنفاق المستهلكين السفر وارتياد المطاعم والمناطق الترفيهية والرياضة والتعليم وحتى الأحداث السياسية، بعد تأثر الإنفاق، سيفقد الملايين وظائفهم وسوف تهدد آلاف الشركات بالإغلاق - أي ركود اقتصادي بمعنى أصح.ضمن هذا السيناريو القاتم، سيكون على الولايات المتحدة التفكير خارج الصندوق من خلال استخدام أدوات كالمزج بين السياستين النقدية والمالية والعمل على احتواء انتشار الفيروس بشتى السبل.يعكس قرار الفيدرالي بخفض الفائدة مدى المخاوف من تفشٍ وبائي لفيروس "كورونا"، الأمر الذي ينعكس سلبياً على الاقتصاد الأميركي، حيث إن البنك المركزي عادة ما يدخر هذه الخطوات في أوقات التكهنات الاقتصادية القاتمة التي تنذر بالركود.بعد قرار خفض الفائدة، اتجهت الأسهم الأميركية نحو الهبوط لتعكس هي الأخرى قلقاً بالغاً لدى المستثمرين بشأن قدرة البنك المركزي على وقف أضرار "كورونا" على ثقة وإنفاق المستهلكين.اعترف رئيس الفيدرالي بأن خفض الفائدة لن يقلل تفشي "كورونا" ولن يدعم سلاسل الإمداد، لكنه سيدعم الاقتصاد الأميركي بشكل جوهري، كما أنه سيبعث برسالة للأسواق بأن البنك المركزي جاهز للرد ومواجهة أي مخاطر كما حدث عام 2019 عندما خفّض الفائدة ثلاث مرات رداً على مخاطر الحرب التجارية.قال المحلل لدى "سي إن بي سي" جيم كريمر الذي اشتهر بالدفاع عن الفائدة المنخفضة، تعقيباً على القرا: إن خفض الفيدرالي للفائدة خطأ ولن يمنع سوق الأسهم الأميركية من الهبوط. رغم أن "باول" ألمح إلى أن خفض الفائدة يعد بمثابة وقاية استباقية من أضرار محتملة سيسببها "كورونا" للاقتصاد الأميركي، إلا أنه - دون قصد بعث برسالة للمستثمرين مفادها أن البنك المركزي يتوقع أضراراً بالغة على النشاط الاقتصادي.