الاقتصادية
هل يحكم خبراء الاقتصاد العالم ؟
الخميس 05 سبتمبر 2019
5
السياسة
عمل عدد قليل من الاقتصاديين لدى الاحتياطي الفيدرالي أوائل خمسينات القرن الماضي، وتم ترحيل البعض منهم إلى مكان آمن يتم فيه اتخاذ القرارات الحقيقية، وكان من بينهم "ويليام مارتن" الذي أصبح رئيسا للبنك المركزي من عام 1951 حتى عام 1970، وفقا لـ"الإيكونوميست".امتلك خبراء الاقتصاد في الماضي حساً قوياً بالثقة في تحليلاتهم، وهي ثقة ثبت أنها مبررة رغم أن الساسة لم يقدروهم حق التقدير ورأوهم مجرد أشخاص مهووسين بالإحصاءات ووجهات النظر الغريبة، لكن بعد الحرب العالمية الثانية، برز دور هذه التحليلات والآراء حتى أصبحت ذات تأثير غير عادي في السياسات ، و صعد خبراء الاقتصاد أمثال "ميلتون فريدمان" و"جون كاينز" إلى منصات صياغة السياسات واتخاذ القرار عن طريق إطلاق أفكار مؤثرة بالفعل انتشلت دولهم واقتصاداتهم من براثن الأزمات.وعلى مدار نصف قرن التقط خبراء وأصحاب النظريات الاقتصادية أُذن الساسة حول العالم، وظهر تأثيرهم بل وانتصارهم في خضم الأزمة المالية العالمية وأيضاً أثناء الصراعات الاقتصادات.وأصدر كُتاب مثل "بنيامين أبلبيوم" دراسات عن كيفية صعود خبراء الاقتصاد على مدى عقود حتى أعادوا صياغة السياسات في أميركا وأوروبا والأسواق الناشئة ليس فقط الأفكار الاقتصادية بل السياسية.ومن بين هؤلاء "ميلتون" فريدمان" الذي أقنع الرئيس الأميركي الأسبق "ريتشارد نيكسون" بالتخلي عن التجنيد العسكري والاعتماد على المتطوعين وخفض التكاليف، وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكان يتحكم في السياسة شخصيات ذات نفوذ كبير، بينما تحول الأمر إلى الاقتصاديين في فترة الخمسينات.وأسهم الاقتصاديون في موجة من خفض القيود التنظيمية في الفترة من السبعينات حتى التسعينات وأيضا في صياغة سياسات خفض ضريبي في الفترة من الستينات إلى الثمانينات، وهو ما كان له ثمار عديدة كخفض تكاليف الطيران، ولكن بوجه عام، اتسعت هوة عدم المساواة في أمريكا ، و يرى "أبلبيوم" أن انتصارات خبراء الاقتصاد بأفكارهم وسياساتهم تحتاج لإعادة النظر، فهم بالطبع فخورون بدورهم في هزيمة التضخم المفرط في أمريكا أوائل الثمانينات، ولكن كان هناك تداعيات سلبية لاحقة من وقوع الاقتصاد تحت الركود مما أدى إلى ارتفاع البطالة وتضرر المدن الصناعية.و بدا من كل ما سبق مدى التأثير المتصاعد لخبراء الاقتصاد في السياسة العالمية وأيضاً عبثهم في بعض الأحيان بالقرارات، وهذا ما يثير جدلا وتساؤلات عن دورهم في الأزمات والقرارات السلبية أو الفساد خلف الكواليس حيث تلقى اقتصاديو الأسواق الحرة دعماً مالياً من قادة الأعمال الذين أرادوا خفض الضرائب عن كاهل الشركات وتخفيف القيود التنظيمية مستفيدين من تأثيرهم المتنامي.- من بين قادة الأعمال الذين لجأوا إلى هذه الحيلة "جوزيف كورز" الذي كان ينشر رسائل ود للتقرب من الاقتصاديين وحثهم على المطالبة بخفض الضرائب الأمر الذي ينعكس على الشركات ونفوذ شخصيات بعينها.ولا يزال هذا الدور مؤثراً بقوة في السياسات في بعض الدول، فهناك الكثير من الاقتصاديين الذين ينشرون أبحاثاً ونظريات وتحليلات قيمة، لكن الإعلام يتجاهل النقاد حتى داخل مجتمع الاقتصاديين أنفسهم الذين حذروا من بعض الأفكار السلبية و كان البعض منهم أذكياء بما يكفي لمعرفة التداعيات غير المقصودة لسياساتهم وأفكارهم، بينما كان البعض الآخر مغروراً من أجل الصعود والظهور دون أن يأبه لتأثير ما يقول.