وترجَّل الفارس

زين وشين

كلما غاب نجم من النجوم المضيئة في سماء الجهرة القديمة، ومن اهلها الطيبين، زاد شعور اهالي المنطقة بالحزن والاسى على رحيل كل طيب.
يرحل عنا ونحن بامس الحاجة الى وجوده بيننا، يشد ازرنا، ويحافظ على قوتنا، وتماسكنا، ومحبتنا التي توارثناها من الاباء والاجداد، والتي اصبحنا نفتقدها بشدة، ونشعر بالخوف عليها، فلم نعد كما كنا من قبل، وكما كان آباؤنا واجدادنا، فقد كان المثل يضرب بوحدة وتماسك اهالي الجهرة القديمة، وحبهم لبعضهم بعضا، وفزعتهم على قلب رجل واحد.
وكان كبارنا يحرصون ويدعمون هذا التوجه، بل ويوصوننا به، ونحن نتبع طريقهم "فنخوة السكارا"، تعني لنا الشيء الكثير، وكأنما نحن ابناء رجل واحد في السراء والضراء!
بالامس القريب ترجل الفارس احد اعمدة الجهرة القديمة، ورجالها الطيبين، رحل عنا صديق الجميع فارس السعود المطيران، رحمه الله، صاحب القلب الكبير الطيب، الذي احتوى كل ابناء واحفاد "السكارا"، وصاحب الكلمة الطيبة التي تجمع الشمل.
فقد كان، رحمه الله، حريصا جدا على التواصل، وبقاء الالفة والمحبة بين عوائل الجهرة القديمة، حاضرا في الافراح والاتراح، مواسيا هذا ومباركا لذاك.
يحضنا على جمع الشمل، ونبذ الخلافات، والتعاون والتعاضد، فما ان يسمع عن خلاف حصل الا ويسعى الى الصلح، بإنسانية عظيمة قل مثيلها، ولم يتوقف عن فعل الخير، حتى في ازمة مرضه.
ترجل فارسنا، ونحن بامس الحاجة الى وجوده بيننا، فقد كان يحذرنا من الفرقة، ويحضنا على التمسك بعادات وتراث اجدادنا الطيبين، الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ قرية الجهرة القديمة، واهلها الطيبين، ومزارعها، ومياه آبارها، واشجارها، والتفاف اهلها على بعضهم بعضا، ومحبتهم واخلاصهم لوطنهم.
رحل فارس السعود، صاحب الاسهامات الكبيرة، والبصمة الواضحة في تاريخ قريتنا الصغيرة، فقد كان من الطليعيين الذين نهضوا بالمجتمع الجهراوي، وله اسهامات واضحة في النشاط المجتمعي.
رحمك الله يابو محمد رحمة واسعة، وجعل كل ما عملته وحرصت عليه في ميزان حسناتك، والهمنا الصبر والسلوان على فقدك، واحسن الله عزاء عائلتك الكريمة، وعائلتك الكبيرة كل ديوانيات الجهراء القديمة، التي تحرص على تفقدها، وتفقد أهلها، و(إنا لله وإنا إليه راجعون).

طلال السعيد