منوعات
"وحش طوروس"... عرض أنيق برؤية إخراجية مميزة
السبت 29 ديسمبر 2018
5
السياسة
كتب ـ مفرح حجاب:أسدل الستار على عروض المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي، بعرض "وحش طوروس"، لفرقة "المسرح الشعبي"، تأليف التركي عزيز نيسين، وإعداد وإخراج يوسف الحشاش، وبطولة محمد صفر، فاطمة الطباخ، عثمان الشطي، وسارة رشاد، وسط حضور جماهيري كبير.تدور أحداث المسرحية حول "نوري"، الإنسان الرجعي المضطهد، الذي يشعر بالخوف ولا يستطيع مواجهة المجتمع، وهو مهدد باخراجه من منزله المؤجر، لكن زوجته تبث فيه الشجاعة، وتحاول أن تجعله يقف في وجه صاحب المنزل، إلى أن يذهب للسلطات للحصول على حقه، وينتصر على صاحب البيت، لكن تتطور الأمور ويظهر قرينه أو الذي يشبهه "وحش طوروس" ويرتكب الكثير من الجرائم لتنقلب الأمور، ويصبح هذا الرجل الخائف في مواجهة وحش. النص المستهلك في السينما والتلفزيون والمسرح، استطاع يوسف الحشاش أن يجعله عملا براقا برؤية إخراجية مختلفة أدهشت الجمهور، بعدما استعان بسينوغرافيا تناغمت مع فكرته ليعيد تشريح النص، ويُمتعنا بعرض غير تقليدي، وكان ذكيا في ادارته للممثلين واشتغل عليهم بحرفية.الحشاش لم يبالغ في أدواته المسرحية، لكنه وضع كل شيء في مكانه الصحيح فقدم السهل الممتنع، بل وتبارى مع زملائه في الأداء التمثيلي الرائع معتمدا على خبرته وذكائه، مما جعل الفعل الدرامي على الخشبة بسيطا ومركزا ومنضبطا، وقد ساعده في ذلك الفنان محمد صفر، الذي برع في تجسيد شخصية "نوري"، وكأنه يحفظ خطواته على الخشبة، بينما كانت فاطمة الطباخ أنيقة في أدائها كمن اكتشفت نفسها من جديد، حيث توهجت على الخشبة وقدمت مع صفر دويتو جميلا.الأمر المهم في هذا العرض المسرحي ان الاعداد الذي قدمه الحشاش لم يخرج عن الفكرة الأساسية للنص الأصلي، لكنه اختار تقديم تفاصيل وعناوين ساهمت في وجود حركة درامية على المسرح من ابتكاره، حيث أن شخصية "نوري" تؤكد مدى ظلم المجتمع له، إلى أن أصبح ضحية بهذا الشكل، فالمخرج يدرك أن النقاد والجمهور سيضعوه في مقارنة مع من سبقوه في تناول هذا النص، لذا كان ذكيا في تحديد رؤيته الإخراجية لتتناسب مع الإيقاع الجديد للنص، وصمم بنفسه الإضاءة، ما يؤكد انه تعايش مع الفكرة والنص، فلم يكن مستغربا أن يقدم عرضا بهذه الصورة، حيث ينتظر أن ينافس بقوة على جوائز المهرجان.كما أن وجود العرض في المسابقة الرسمية ليس غريبا على فرقة "المسرح الشعبي"، التي عودتنا أن تقدم في كل مناسبة عرضا يليق بتاريخها وتاريخ روادها، وأعمالها دائما تتحدث عنها.يبقى في النهاية ان الحشاش من المخرجين الشباب الذين يضعون بصماتهم في كل عمل يقدم على الخشبة، بل ويقدمون حلولا درامية مختلفة وهذا سر جمال أعمالهم، فمسرحية "حرب طوروس" بدأت وانتهت وتركت تفاصيل إبداعية في وجدان كل من شاهدها بسبب حالة التطوير، التي ألبسها لها الحشاش، لا سيما انها معروفة، واستخدم الكثيرون فكرتها في السينما والتلفزيون.