منوعات
وداد خليفة: ألبستُ التاريخ الإماراتي جلباب الرواية لجذب القارئ
الأربعاء 26 مايو 2021
5
السياسة
المشهد الثقافي الإماراتي نتاج تجربة بعيدة لشعراء ومثقفينقدمت المجتمع البدوي في الصحراء بإبراز عاداته وتقاليده"خبايا اللال" تناولت التنقيب عن النفط والتحولات العربية"زمن السيداف" متغلغلة في المجتمع الإماراتي منذ الثلاثينياتتناولت قضية العبودية بشكليها الجلي والخفي وموقف الإسلام منهاسابقاً كان إنتاج الكاتبات والشاعرات والمبدعات الإماراتيات غزيراًالقاهرة - آية ياسر:عاشقة حتى النخاع للتراث المحلي الإماراتي، ومولعة بقضايا وطنها وتاريخه وعاداته وتقاليده، تدمج الخيال الشعري والنصوص الغنائية الشعبية في السرد الحكائي، أفادها كثيراً عملها كمعلمة لمادة "التاريخ"، في كتابة رواياتها التي تجمع فيها بين مصادر التاريخ وخيال الأدباء، مبرزة تحولات المجتمع الإماراتي وأبرز محطاته التاريخية، من دون أن تخلو من رومانسية.إنها الروائية الإماراتية "وداد خليفة" التي سردت في حديث لـ"السياسة" مشوارها الفني، وكيف استطاعت أن تحمّل سطور رواياتها عبق التراث الاماراتي وتاريخه فضلا عن عادات وتقاليد المجتمع لا سيما في روايتيها "زمن السيداف"، الصادرة العام 2015، ثم رواية "خبايا اللال"، لافتة إلى أنها البست التاريخ ثوب الرواية لتشويق القارئ ولم تغفل قضايا الهوية والمقاومة العربية والعدوان الثلاثي على مصر، وفيما يلي التفاصيل:كيف وظفتِ التراث المحلي في لغة روايتك "خبايا اللال"؟برز التراث المحلي الإماراتي في هذه الرواية "من خلال تقديم المجتمع البدوي في الصحراء بإبراز بعض من عاداته وتقاليده وعلاقته بأرضه وحلاله من جمال وأغنام، كذلك قمت بإبراز مدى اعتزاز المجتمع البدوي في الإمارات بذاك التراث المحلي ومدى تمسكه به حتى الآن، للحد الذي يشعر فيه بأنه يفوق الكل وأن الآخر ليس بأفضل منه.ما أبرز محطات تاريخ الإمارات التي استعرضتها في الرواية؟تناولت في "خبايا اللال" محطات عدة من تاريخ الإمارات بدءاً من خمسينيات القرن الماضي، وتحديدا من عملية التنقيب عن النفط، ثـــــم المحاولات الفاشلة لظهور النفط، مروراً بأزمة نزاع البريمي وما عقبها من المشاركــة في حرب الجبل الأخضر، ثم اكتشاف النفط.كيف أبرزتِ فيها تحولات المجتمع الإماراتي منذ اكتشاف النفط؟يمكننا القول إن "خبايا اللال" رواية تدور أحداثها حول التنقيب عن النفط في الإمارات وفي نهايتها تم اكتشافه ولكنها لم تتطرق لتلك التحولات.يتجلى المكان "البادية" بقوة في روايتك، هل يمكن اعتبارها رواية مكان؟أعتقد أن أحداث الرواية هي التي فرضت المكان بقوة؛ حيث إن مواقع التنقيب عن النفط كانت في البادية.ما أهم تحولات السياسة في العالم العربي التي تطرقتِ إليها؟كان هناك تطرق هامشي لسرد الأحداث في الرواية إلى التحولات السياسة في العالم العربي، ومن أبرزها: العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م، وأيضاً حركات المقاومة العربية ضد المستعمر، وكذلك حرب الجبل الأخضر في سلطنة عمان.كيف تناولتِ قضية "الهوية" في هذه الرواية؟أعتقد أن مسألة الهوية كانت متمثلة في روح القبيلة، كما أنها برزت في تمسك الأهالي بمفرداتها واعتزازهم بها وعدم تفريطهم بها أمام الأجنبي وما كان يحمله من تطور تكنولوجي آنذاك.ماذا عن تجليات الرومانسية والحب في روايتك؟برزت تلك التجليات في "خبايا اللال"، عن طريق علاقة الحب بين شخصيتي"هزاع" و"الحرة"، حيث كانت العلاقة بينهما مبنية على إخفاء كل منهما لمشاعره عن الآخر والعيش على مرارة معاناة الحرمان، وهناك أيضاً علاقة الحب بين "بن ديانة" و"الحرة" ورغم أنها كانت علاقة حب من طرف واحد؛ حيث كان "بن ديانه" مبهوراً بعوالم البادية وكانت "الحرة"، ذاك الخيط الفضي الذي أدهشه وأحب نقاءه وكان "بن ديانة" بالنسبة لها الكوة التي تطل منها على العوالم التي تجهلها وتريد ولوجها والتعرف على تفاصيلها، وقد تمثلت معزوفات " الهارمونيكا" في تلك التجليات بينهما.خبايا السرابما سبب اختيارك لتسمية "خبايا اللال"؟كلمة "اللال" تعني السراب، وهو الرمز الذي يتأبط دلالات كثيرة، فالمتعارف عليه أن السراب هو الوهم الذي تراه العين ولا حقيقة لوجوده على أرض الواقع، كما أن "اللال" يمثل الخداع الذي يمني النفس فتنساق وراءه، ويحمل غير ذلك من الدلالات، لذلك كان اختياري للسراب ليرمز إلى الصحراء وكذلك يرمز للنفط كما يراه أهل المنطقة آنذاك، على عكس المنقب الإنجليزي الذي يراه حقيقة تستحق العناء، وبما أن النفط هو محور أساسي دارت حوله أحداث الرواية، فقد كان يكمن خلف ذاك السراب خبايا كثيرة منها ما تم الكشف عنه ومنها مازالت مستترة. إلى أي مدى اختلفت هذه الرواية كتجربة أدبية عن روايتك السابقة "زمن السيداف"؟أرى أن هناك اختلافا كبيرا بين الروايتين، فقد تناولت في رواية "زمن السيداف" التاريخ الاجتماعي بكل جوانبه وتفاصيله، أما "خبايا اللال" فقد تناولت تاريخ التنقيب عن النفط وما صاحب ذلك من أحداث لها ارتباط بالنفط، فقد كان لكل منهما تجربة خصوصية فرضها الموضوع بحد ذاته. وعلى قدر ما كانت رواية "زمن السيداف" متغلغلة في المجتمع الإماراتي وتفاصيله، بقدر ما كانت روايتي "خبايا اللال" تحاول إنصاف أولئك العمال الذين غابوا وسط بهرجة الرفاهية التي خلفها تدفق النفط، ولم يعد أحد يذكرهم رغم معاناتهم وكل ما قدموه من تضحيات، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد أكدت تلك الرواية أن لعبة المصالح واحدة رغم تغير أقنعتها ومبرراتها.رمز المعاناةكيف غُصتِ في أعماق المجتمع الإماراتي ووثقتِ لفترة زمنية مهمة في تاريخ الإمارات بروايتك "زمن السيداف"؟تناولت في هذه الرواية المجتمع الإماراتي منذ الثلاثينيات من القرن الماضي حتى نهاية الخمسينيات منه، وقد استعنت بالغوص لأعماق ذاك المجتمع وتوثيقه بالكثير من المصادر والمراجع التاريخية، فكانت عملية شاقة احتاجت مني الكثير من الصبر والجلد، خاصة أن أغلب من عاشوا تلك الفترة قد رحلوا عن عالمنا وفارقوا الحياة، وقد اعتمدت على اللقاءات الشفهية وكذلك بالكتب والمجلات المتوفرة والتي تتعلق بتلك الحقبة من تاريخ الإمارات، وقد مكنني ذلك من التعرف على المجتمع في تلك الحقبة والغوص في تفاصيله قرابة الثلاث سنوات، كل ذلك لأجعل من "زمن السيداف" رواية مرجعية توثق لتلك الحقبة وتحافظ عليها من الغياب والتلاشي.ما هو "السيداف" الذي عنونتي به الرواية؟تقع أحداث الرواية في منطقة وسطي بين رخاء اللؤلؤ ورخاء اكتشاف النفط في الإمارات، وقد تميزت تلك المنطقة الوسطى بالشح والجوع والمعاناة نتيجة أحداث الحرب العالمية الثانية وانهيار سوق اللؤلؤ، وقد لجأ أهل المنطقة آنذاك إلى تناول "السيداف" وهو نبات طبيعي صحراوي؛ حيث قاموا بخلطه بما توفر لديهم من طعام لسد جوعهم، فكان السيداف رمزاً لتلك المعاناة.جذور العبوديةلماذا تطرقتِ لتاريخ العبودية في الخليج؟لأن العبودية من بيع وشراء للعبيد، كانت منتشرة آنذاك في منطقة الخليج العربي والتطرق اليها كان من صلب موضوع الرواية، حيث إن شخصية "موزانة" وهي الشخصية الرئيسة في الرواية التي تدور أحداثها حولها، قد تعرضت بنفسها للخطف والعبودية، فكان لابد من التعرض لجذور العبودية وتاريخها، من قوانين خاصة بها وطرق التوزيع والبيع وتطور العبودية سواء من خارج المنطقة أو داخلها وإبراز موقف بريطانيا ومحاربتها لعمليات البيع، رغم أن أوروبا بما فيها بريطانيا قد سبقت المنطقة في ذلك بقرون وحينما اكتفت من العبيد رفعت شعار محاربة العبودية، كما تطرقت الرواية لموقف الإسلام من العبودية.من يقرأ الرواية سيدرك جيدا أني تناولت فيها قضية العبودية بشكليها الجلي والخفي والذي مازال موجوداً حتى وقتنا الحالي بأشكال وأقنعة كثيرة.لماذا عمدتِ إلى دمج الخيال الشعري والنصوص الغنائية الشعبية في السرد الحكائي؟لأن الشعر والنصوص الغنائية الشعبية لا تنفصل عن المجتمع، فهي تمثل صورة أخرى تنقل عاطفته ومشاعره ومعتقداته وعاداته وتقاليده وأحداثه وردود فعله إزاء تلك الأحداث اللهجة المحليةما الذي دفعك لاستخدام اللهجة المحلية والحديث الدارج في لغة تلك الرواية؟في الحقيقة الأمر الذي دفعني لإدراج اللهجة المحلية في لغة رواية "زمن السيداف"، هو خشيتي أن تنسى تلك اللهجة الشعبية الدارجة وتضيع مفرداتها، خاصة أن هذا الجيل الجديد يجهل الكثير من مفرداتها ولا يفهم معانيها، فكانت غايتي حفظ تلك اللهجة وتوثيقها من خلال حوارات الرواية.عملك كمعلمة لمادة التاريخ، إلى أي مدى أثّر على إبداعاتك الروائية؟من خلال عملي كمعلمة تاريخ، وكتابتي لكتاب " تاريخ الخليج العربي" وهو كتاب بحثي مشترك بيني وبين الدكتور راشد أبو زيد، كل ذلك جعلني أصل لحقيقة أن كتب التاريخ لا يقرأها سوى المختصين والمهتمين بها، وهؤلاء القراء المتخصصين عددهم بسيط قياساً بأعداد بقية المجتمع، فكان لابد من الاتجاه لأسلوب يشد القارئ ويجذبه لقراءة التاريخ دون الإحساس بثقل المادة وجمودها، ولم أجد أمامي أفضل من إلباس التاريخ جلباب الرواية، وذلك بأسلوب شيق يعمل على جذب القارئ إليها.الحركة الثقافيةكيف ترين المشهد الثقافي الراهن في الإمارات؟أثق في أن المشهد الثقافي في الإمارات هو نتاج تجربة بعيدة لكتاب وشعراء ومثقفي الإمارات، شأنهم بذلك شأن الحركة الثقافية في بقية البلدان العربية، التي تُأثّر وتتأثر. صفِ لنا واقع الكاتبات الإماراتيات؟في الحقيقة كل كاتب يكتب حسب مقدرته، فهناك إنتاج كبير وغزير، من كاتبات وشاعرات إماراتيات، فقد كانت الكتابة في بدايتها تتميز بعمقها، أما في الوقت الراهن فالبيئة والمعطيات اختلفت وبالتالي اختلفت المواضيع التي يتم تناولها.أخيراً.. هل من عمل جديد لكِ تعكفين على كتابته أو تستعدين لنشره؟لا أخفيك سراً إذا قلت لك أن فكرة العمل الأدبي الجديد مختمرة برأسي، وقد بدأت منذ وقت قصير بالعمل عليها، وهي أيضاً ضمن حدود دولة الإمارات.