كتب - فالح العنزي ومفرح حجاب:فقدت الأغنية الخليجية عموماً والكويتية خصوصاً، أحد ألمع وأهم الملحنين الفنان الموسيقار سليمان الملا، تاركا خلفه عشرات الأغنيات الخالدة والمحفورة في ذاكرة الجمهور الخليجي، سطر الملا "أبو معاذ" عشرات الألحان التي ساهمت إلى حد كبير في تحقيق قفزات كبيرة في الأغنية الكويتية بعدما شكل لنفسه هوية خاصة كملحن أولا ومطرب ثانيا من خلال انتقاء الكلمة الصادقة العذبة، فخرجت من تحت أوتار عوده "ثيمات" أصبحت مناهج تدرس في المعهد العالي للفنون الموسيقية والأكاديميات المعنية بالنغم.مسيرة الموسيقار الراحل سليمان الملا، تجبر قطار الأغنية الكويتية على التوقف قسرا عند عشرات الأغنيات، التي شكلت مسارات مهمة أبرزها "كشفوا سر الهوا" بصوت المطرب فهد الماص في السبعينيات، وعبدالمحسن المهنا "فدوة لج" التي حققت له نجاحا باهرا، قبل أن تغني له الراحلة رباب "يا من كنت حبي" من كلمات الشاعر الغنائي عبداللطيف البناي، ظلت نجاحات الملا مستمرة وذاع صيته بشكل أوسع بعد تلحينه رائعة "وطن النهار" التي كتب كلماتها الشاعر بدر بورسلي وغناها الفنان عبدالكريم عبدالقادر.عشق المغفور له بإذن الله الملحن سليمان الملا، الفن منذ طفولته وتعلم أصوله، وبعد التخرج زاد اهتمامه بدراسة الموسيقى، بتشجيع من الفنان يوسف البكر، حيث تخصص في العزف على آلتي العود والكمان إلى جانب الغناء والتلحين، كان رحمه الله وفيا مخلصا لمن تتلمذ على يديه ودوما يذكر بأنه من مدرسة معلمه الموسيقي أحمد علي، الخبير في الموسيقى والتراث الغنائي الكويتي.بزغت نجومية الملا في العام 1985 عندما ارتبط اسمه بمطربي ذلك الجيل من المطربين أمثال عبدالكريم عبدالقادر، عبدالله الرويشد، نبيل شعيل، فكان يظهر بشكل بسيط يغني ألحانه عازفا على العود فلقي تشجيعا من المستمعين ومن الفنانين الذين يتعامل معهم في مجال التلحين. في البداية تردد في خوض مجال الغناء، لأنه مغامرة صعبة ويجب التفكير والترتيب المسبق له، لكن انضمامه كعضو فعال في جمعية الفنانين الكويتيين ساعده على لقاء مؤلفين ومطربين كان لهم الفضل في شهرته كملحن فشجعوه على الغناء. عرف الجمهور الفنان سليمان الملا، كمطرب من خلال أغنيتين وطنيّتين هما "يا نبع الوفا الصافي" و"وين أرضك وين سماك" من كلمات الشاعر الغنائي ماجد سلطان، وعندما قرر طرح أول ألبوماته الغنائية تضمن مجموعة من ألحانه مثل "شتبي أكثر" كلمات الشاعر الغنائي عبداللطيف البناي، "جان زين" تأليف الشاعر الغنائي مبارك الحديبي، "من وقت لوقت" تأليف الشاعر الغنائي سامي العلي، "لا تجاملني" كلمات ساهر، ومن ألحان الراحل راشد الخضر "أعز الناس"، كما تعاون مع الشهيد فايق عبدالجليل في أغنية "أنا ناديت" كلمات الشاعر الغنائي بدر بورسلي. كذلك غنى المطرب غريد الشاطئ، أحد نجوم الأغنية الكويتية في الستينيات والسبعينيات، من ألحان سليمان الملا "بانتظارك" من كلمات الشاعر جميل ربيع، ومن الأعمال التي ربما يجهلها البعض "مقبول عذرك" التي لحنها الملا للفنان عبدالكريم عبدالقادر من كلمات الشاعر الغنائي ناشي الحربي. في منتصف الثمانينيات غنت الفنانة رباب "هنيالك" من ألحان الفنان سليمان الملا وكلمات الشاعر الغنائي عبداللطيف البناي، وقد جاءت نتيجة تعاون متميز بينهما. كذلك غنى له الفنان عبدالله الرويشد "البارحة في خاطري"، والفنان نبيل شعيل "يبقى السماح أيا سمرة"، والفنان مصطفى أحمد "يا قوى صبري" والفنان محمد البلوشي أغنية "مريت"، ليكمل الملا مسيرته المتألقة بأعذب الألحان والأغنيات في مشوار طويل مميز.صديق العمر كان د.معاذ سليمان الملا، أعلن عصر أمس وفاة والده، مغرداً "أبوي في ذمة الله"، وغرد قبلها قائلا "مرارة الجلوس ساعات وأيام… ذاب فيها الصباح بالمساء.. ولا حيلة لنا سوى الصدقة والدعاء.. حافظك الرحمن يا يبا وبإذنه الشفاء العاجل".وتلقى نجل الفنان الراحل سيلاً من تعازي زملائه في الجامعة والفنانين والجمهور.من جهته نعى الفنان عبدالله الرويشد، صديق عمره الراحل سليمان الملا، وشارك صورتهما معاً في بدايتهما، مرفقة بتغريدة قال فيها: "اللهم ان رحمتك وسعت كل شي فارحمه رحمة تطمئن بها نفسه وتقر بها عينه.. الله يرحمك ويغفر لك يا صديق العمر ورفيق الدرب سليمان الملا... إنّا لله وانّا اليه راجعون.. أرجوكم لا تنسوا أخي بومعاذ في دعائكم".كما شاركت الفنانة نوال الكويتية، صورة الفنان الراحل عبر "تويتر" مغردة: نعزي أنفسنا ونعزي أسرة فقيدنا الغالي أستاذنا وحبيبنا سليمان الملا، عسى الله يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته... فعلا فقدنا علما من أعلام الفن الكويتي... إنّا لله وانّا اليه راجعون". بينما نقل الرئيس التنفيذي لشركة "روتانا" سالم الهندي، تعزيته إلى أسرة الفنان الراحل، قائلا: "تعازينا الحارة لأسرة الفنان الكبير سليمان الملا، الذي انتقل إلى رحمة الله سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، إنّا لله وانّا اليه راجعون".وغرد الفنان السعودي عبدالمجيد عبدالله معزيا أسرة الفنان الراحل "عظم الله أجركم والله يرحمه ويغفر له ويصبركم وإنا لله وإنا إليه راجعون".كما أبدى الشاعر الغنائي والمنتج خالد البذال، تأثرا بالغا برحيل رفيق دربه الملحن سليمان الملا، حيث عمل معه لسنوات طويلة، وقال: في رحيل ابومعاذ لا تكفي الكلمات لأن المشاعر كثيرة والمصاب جلل، لكنه كان شخصية فنية كبيرة بكل ما تعنيه الكلمة، فهو الأستاذ والمعلم وصاحب الأغنية، التي تعيش في وجدان الناس وصاحب التواضع والرقي في تعامله مع الجميع، لافتا الى ان الجيل الحالي سيفتقده بشكل كبير لأنه أفضل من نقل الأغنية الكويتية إلى مواقع مختلفة تماما.أما الفنان يوسف العماني، فشدد على ان الراحل له علامات كبيرة ليس في الأغنية العاطفية وانما في الأغنية الوطنية، وقال: الأجيال لن تنسى "وطن النهار" التي لحنها الراحل وكتبها الشاعر الكبير بدر بروسلي ولن تنسى "لا خطاوينا، ويا نبع الوفا الصافي"، لافتا الى ان الراحل كان يتميز بتقديم أعمال لكل الأجيال الفنية ما جعله مؤثرا بشكل كبير في الساحة الفنية.وقال الفنان محمد المسباح: فقدت الساحة الفنية والغنائية قامة من قامات الفن الكويتي والخليجي، وودعت فنان له بصمات واضحة على الأغنية الكويتية وعمل مع كم كبير من الفنانين وكان يتمتع بأخلاق دمثة وخصال طيبة شهد لها كل من تعاون معه، وكان نموذج في الرقي سواء على مستوى التعامل أو الأعمال الفنية التي قدمها، مشددا على ان الفنان سليمان الملا قدم للفن الكويت تاريخا كبيرا من الأعمال وقد يكون رحل جسدا لكن أعماله ستظل خالدة لكل محبيه.من جهة أخرى نعت جمعية الفنانين الكويتية الراحل وقالت: لقد أثرى الساحة الفنية بمسيرة مليئة بالإبداع والتميز وكان شخصية فنية صاحب تعاونات عربية.كذلك نعى مهرجان الكويت الدولي للمونودراما ممثلا برئيسه جمال اللهو الراحل وقال: فقدت الكويت شخصية فنية كبيرة ساهمت في نقل الأغنية الكويتية والتجديد فيها في كل أعماله الفنية.
"الإعلام": صاحب تاريخ مؤثر نعت وزارة الإعلام أحد نجوم الساحة الفنية والغنائية المغفور له بإذن الله تعالى سليمان الملا، الذي انتقل إلى جوار ربه، الأربعاء، بعد رحلة عطاء طويلة، حيث يعد أحد النجوم الذين قدموا اسهامات بارزة للأعمال الفنية والأغنية الكويتية والخليجية.ونقلت المتحدث الرسمي لوزارة الإعلام أنوار مراد، تعازي ومواساة وزير الإعلام والثقافة الدكتور حمد روح الدين، إلى أسرة الفقيد والأسرة الفنية، داعياً المولى أن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.وقالت مراد: شارك الراحل في العديد من الأعمال الفنية والغنائية، ولديه تاريخ فني طويل وحافل بالأعمال الغنائية والموسيقية المؤثرة في تاريخ الأغنية الكويتية والخليجية والعربية.
ملحن مثقف ومجدد الموسيقىاعتبر عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية، د.رشيد البغيلي، ان الراحل قامة فنية كبيرة وصاحب مدرسة موسيقية فريدة في الخليج، وقال انه مجدد الأغنية الكويتية وصاحب نقلات حقيقية فيها، وأضاف: لقد تواجد بومعاذ في الساحة الفنية قبل راشد الخضر والعديد من الملحنين وكانت نقلاته في الأغنية من التخت التقليدي إلى رحاب أوسع، فضلا عن انه يعد من الملحنين المثقفين سواء على مستوى التلحين أو الغناء وسيخلده التاريخ بما قدمه للأجيال، لاسيما أنه لم يجدد فقط على مستوى التخت وانما على مستوى المقامات والحالة التي خلقها في التنوع الموسيقى، مشيرا إلى ان رحيل سليمان الملا يعد خسارة كبيرة للساحة الفنية الكويتية والعربية، إذا وضع في الاعتبار انه تعاون مع كوكبة كبيرة من نجوم الغناء على مستوى الخليج والعالم العربي.

سليمان الملا والرويشد

الملا في جلسة غنائية مع فيصل السعد