ورحل الخطيب

طلال السعيد

لا يستطيع كائن من كان أن يتجاوز الدكتور أحمد الخطيب كرمز مهم من رموز العمل السياسي الوطني، واحد أهم رموز معارضة الزمن الجميل، ومعارضة الطيبين التي تعلمنا منها دروسا كثيرة، أهمها أننا نختلف في كل شيء ونتفق على مصالح الكويت العليا.
تلك المعارضة النظيفة التي لا تشوبها شائبة، وتجعل من هؤلاء المعارضين أشد الموالين حين يكون ذلك في مصلحة الوطن والمواطن، فقد علموا الناس كيف يتعاطون السياسة ويرتقون في العمل السياسي البرلماني، ولا أحد يبحث أو يهتم أو يكتب عن تاريخ الكويت السياسي يستطيع أن يتجاوز الرمز المخضرم أحمد الخطيب!
زاملت هذا الإنسان الرائع في مجلس عام 1992، الذي كان مجلسا استثنائيا في مرحلة استثنائية، وكانت بالنسبة لي ولبقية الزملاء فرصة ذهبية لنطبق كل ما علمتنا إياه الحياة على أرض الواقع، بوجود مثل ذلك الرمز الكبير الذي عاصر الحياة البرلمانية منذ نشأتها، فقد كنا نجده حاضرا في كل قضية مفصلية، قد نختلف عليها فيرجح رأيه الكفة، ويرسم لنا خريطة طريق نسير عليها، حين يتحدث أحمد الخطيب، رحمه الله، في أي قضية قيد البحث أو المناقشة، أو مطروحة على جدول الأعمال تجد المجلس كله، بضيوفه في حالة هدوء وصمت تام يستمعون بإنصات واهتمام إلى ما يقوله، وكأن الكويت هي التي تتحدث، فقد اختصر بشخصه حقبة كاملة عاشتها الدولة منذ استقلالها حتى مرحلة الغزو والتحرير.
وقد يستغرب البعض من حضور ذهنه في كل موقف يمر، وحين نقول إن مجلس عام 1992 استثنائي فقد كان استثنائيا فعلا بالأسماء الكبيرة التي شاركت فيه، مثل جاسم الصقر وأحمد الخطيب وغيرهما، وهذا يعتبر آخر مجلس شارك فيه أحمد الخطيب وجاسم الصقر والبقية الباقية من معارضة الزمن الجميل أو المعارضة الحقة التي تختلف في كل شيء وتتفق على مصالح الكويت العليا، بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية الضيقة التي أصبحنا نراها علنا في المجالس الأخيرة التي اصبحت فيها مصالح المنتمين والأحزاب والقبائل والأفراد هي الأهم!
قد يختلف البعض منا مع بعض ما يطرحه أحمد الخطيب لكن، بالتأكيد لا نختلف كلنا مع كل ما يطرحه، ولقد ضرب الدكتور أحمد الخطيب للاجيال أروع أمثال الوطنية في حضوره السياسي، وفي عيادته الطبية... رحم الله الرمز الكبير أحمد الخطيب واسكنه فسيح جناته... آمين.

[email protected]