ورحل رياض

طلال السعيد

الموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يستطيع اي منا تجاوزها، فهو النهاية الطبيعية لكل كائن حي، نبات او حيوان او انسان، لا بد وان تأتي اللحظة التي يتوقف بها كل شيء، ليقول الموت كلمته، وتذرف الدمعة حزنا على من رحل، وخوفا من رهبة الموقف.
تذهب عصبتك واصدقاؤك معك الى ان يواروك الثرى، ثم يعودون ويتركونك وحيدا تحت الثرى، ليس معك الا عملك، عندها فقط تظهر الحقيقة: من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
كان اسم "رياض" غريبا على العائلة، فحمل هذا الاسم انسان غريب في طباعه، كسب محبة واحترام من حوله، وعاش عمره القصير لغيره، ولم يعشه لنفسه، ورحل ليترك فراغا كبيرا، شعرنا به قبل ان يرحل في فترة المرض، وسنشعر به اكثر بعد ان رحل مأسوفا على شبابه.
قد نتصور ان الموت لايأخذ الا الطيّب، وهذا التصور غير صحيح، فكل من حانت ساعته رحل، لكننا لا نفتقد الا الطيب الذي يترك بصمة، ونتصور ان الموت اختاره وترك غيره، وهذا تصور خاطئ، فالاكيد اننا اموات وابناء اموات، نعيش عمرنا المقدر لنا ونرحل.
رحل عن عالمنا الشاب رياض فهد السعيد بعد معاناة مع المرض، لم تمهله فترة طويلة لكي نشبع منه، لكنها ارادة الخالق عز وجل ما شاء كان، فقد كان، رحمه الله، خلوقا دمثا احب الناس فأحبوه، وكان كريما معطاء قويا بالحق لا يخشى لومة لائم، قدم الكثير، ونسأل الله ان يجزيه خيرا بكل ما قدم، فكما نحن بحاجة ماسة لوجوده معنا ليساعدنا على الدنيا ومشكلاتها هو الان بحاجة الى دعائنا غفر الله له، ورحمه، وألهم والدته ووالده واخوانه، وألهمنا الصبر والسلوان.
فليس هناك اصعب من الفراق، لكن الله عز وجل ماض في حكمه، رضينا به ربًا سبحانه لا اله الا هو القائل في محكم التنزيل:" وبشر الصابرين"، فاللهم نقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، واغسله بالماء والثلج والبرد، وثبته عند السؤال، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله وأسكنه فسيح جناتك من غير حساب ولاسابقة عذاب...ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

[email protected]