محمد الفوزانفي عام 145 للهجرة ولد أبونواس، كان والده جنديًا في جيش الخليفة مروان بن محمد الذي يعد آخر خليفة أموي في دمشق، ولما هزم جيش الخليفة، انتقل والد أبي نواس إلى البصرة، وكان عمر أبي نواس حينهاعامين، توفي والده في سن صغيرة، فتولت أمه رعايته، فلما كبر عمل عطارًا، وقد حفظ أبونواس القرآن الكريم وأيضًا درس الفقه والتفسير.وقد قيل إن "الصاحب ساحب" ، لهذا لما التقى أبو نواس بالشاعر الكوفي الشهير "والبة بن الحباب"، فانتقل معه للكوفة، وقد اشتهر هذا الشاعر بالمجون والخلاعة وشرب الخمر، وقد تعلم منه أبو نواس الشعر والمجون أيضًا.وعندما عاد أبو نواس للبصرة التقى بالشاعر خلف الأحمر الذي علمه الشعر بطريقة جعلته يملك ناصية اللغة والأدب، فقد كان يعطيه ثلاثين قصيدة من القصائد القديمة ليحفظها، ثم يطلب منه نسيانها، ثم يعطيه غيرها حتى لا يتأثر أسلوبه بالشعر القديم.وزاد أبو نواس من مجونه وخلاعته، حتى اشتهر بالفسقِ وشرب الخمر بل لقِّب بِشاعر الخمر، بل تمادى بشعره الماجن إلى التحريض على المساجد.من شعره الماجن يقول:دع المساجد للعبّاد تسكنهاوطُف بنا حول خَمَّار لِيُسقيناما قال ربُكَ ويلٌ للذين سكرواولكنّه قال ويلٌ للمُصلينَاولما سمع الخليفة هارون الرشيد هذه الأبيات أراد ضرب عنقه... فقال أبونواس:يا أمير المؤمنين الشعراء يقولون ما لا يفعلون!فعفَا عنه الرشيد".فلما مات أبو نواس لم يُرِد الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ أن يُصلي عليه.وحين هم الناس بتغسيل أبي نواس وتكفينه ودفنه، وجدوا في جيبه وهم يغسلونه ورقة مكتوب عليها هذه الأبيات:يا رب إن عظُمت ذُنُوبي كَثرةًفلقد علمتُ بأن عفوك أعظمإن كان لا يرجوك إلا مُحسِنٌفبمن يلوذُ و يستَجِيرُ المُجرِمُأدعوك ربي كما أمرت تَضرُعاًفإذا رَدَدتُّ يدي فمن ذَا يَرحمُمالي إليك وسيلةٌ إلا الرَجَاوجَميلُ عَطفِكَ ثم إني مُسلِمُفذهب الناس إلى الإمام الشافعي وأبلغوه بما رأوا في جيب أبي نواس، وأعطوه الورقة، فلما قرأها الإمام الشافعي بكى بكاءً شديداً، وقام للصلاة عليه وجميع من حضر من المسلمين.يقول تعالى في وصف هذه النوعية من الناس:}وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ{. (سورة آل عمران، آية: 135)فإن الله سبحانه وتعالى من فضله وكرمه أنه فتح باب التوبة لكل من يريدها صادقا، ولو كانت من الكفر حتى تطلع الشمس من مغربها، ما لم يصل من يريد التوبة إلى الغرغرة، فعند ذلك لا تقبل توبته قال تعالى:}قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ{ (الأنفال: 38).وقال: }وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون{(الشورى: 25).ويقول صلى الله عليه وسلم : "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " رواه الترمذي وغيره وحسنه الألباني اللَّهُمَّ اجْعَلنَا مِنَ التَّائِبينَ الْعَابِدينَ الْحَامِدينَ السَّائِحينَ الرَّاكِعينَ السَّاجِدبنَ الْآمِرين بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهينَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظينَ لِحُدُودِك... يا رب.إمام وخطيب
[email protected]