كم كان وقع الصدمة قاسيا على الفنانتين دنيا وإيمي سمير غانم، إذ فقدتا والدهما النجم سمير غانم ثم والدتهما دلال عبدالعزيز في أقل من ثلاثة أشهر، وبالمرض ذاته "تداعيات فيروس كورونا"، فقد تعافى الفنان الراحل سمير غانم من الفيروس لكنه عانى من آثاره التي أدت إلى إصابته بالفطر الأسود ورحيله، ولم تخبر الأسرة زوجته دلال عبدالعزيز، بوفاته خوفا على حالتها النفسية وتراجع صحتها، وحتى بعد تعافيها من الفيروس ظلت غير قادرة على التنفس لأنها مصابة بـ "متلازمة كوفيد طويل الأمد" التي أدت إلى تليف الرئة وهي حالة نادرة، لذا لم تتمكن دنيا وإيمي، أمس من إعلان وفاة والدتهما، وتولى الأمر زوجاهما.نشر الإعلامى رامي رضوان زوج دنيا، عبر "فيسبوك" صورة الفنانة الراحلة وأخرى بصحبة زوجها الفنان الراحل سمير غانم، وكتب: "أطيب وأحنّ قلب في الدنيا حبيبتي النجمة دلال عبدالعزيز ماحبتش تسيب حبيبها لوحده وراحت له الجنة... إنا لله وإنا إليه راجعون. أرجوكم قراءة الفاتحة والدعاء لهما".بدوره، أكّد الفنان حسن الرداد زوج إيمي، الوفاة عبر "فيسبوك" قائلاً: "توفيت إلى رحمة الله تعالى حماتي وأمي الغالية الفنانة الكبيرة دلال عبدالعزيز أطيب خلق الله، عمري ما شفت منك غير كل خير يا حبيبتي، الله يغفر لك ويرحمك ويجمعنا مع بعض في الآخرة... عايز أقولك انك هتلاقي مفاجأة حلوة مستنياكي، هتلاقي حبيب عمرك اللي طول الوقت بتسألي عليه... هتوحشينا قوي يا أمي، الله يجمعنا مع بعض في الآخرة".رحل الفنان سمير غانم، في 20 مايو الماضي بعد أسابيع من إصابته بالفيروس، بينما تحملت زوجته دلال متاعب صحية كثيرة إثر إصابتها بالفيروس وما تركه من آثار جانبية على الجهاز التنفسي والرئة.وكان الفنان عمرو سعد، كشف عن اتصاله بالفنانة دلال وقال: "هي بترد بصعوبة، ومعها رامي رضوان وحسن الرداد واقفين وقفة رجالة، وأنا بحاول أطمن عليها بشكل مستمر". وأوضح سعد: "دلال طلبت من حسن الرداد إنها تكلمني، وطبعاً متعرفش إلى الآن وفاة أستاذ سمير غانم، فحسن قالي هنحط الهاتف جنبها، وحسيت إنها رفعت الأكسجين، وكلمتني بصعوبة وكنت متأثراً جداً".بينما قال الإعلامي رامي رضوان زوج دنيا عن حالتها: "الوضع صعب ومش سهل ولا يوجد تحسن... وكل شوية بيحصل مفاجأة".يذكر أن الفنانة دلال بدأت مسيرتها نهاية السبعينات بعد أن اكتشفها المخرج نور الدمرداش، ثم انضمت لفرقة "ثلاثي أضواء المسرح" حيث شاركت في مسرحية "أهلا يا دكتور" العام 1980 مع سمير غانم وجورج سيدهم، لكن الدور لم ينبئ بالتطور والنقلة في مشوارها، وبعد أن قدمت مجموعة من الأدوار في التلفزيون والسينما أثبتت موهبتها واعتمدت خلالها البساطة والأداء العفوي الذي ضمن لها مكانة مميزة بين فنانات جيلها.ولدت دلال في 17 يناير 1960 بمحافظة الشرقية، وجاءت إلى القاهرة لتبدأ مشوارها الفني وهي في سن 17 من عمرها وبالتحديد العام 1977، وتخرجت في كلية الزراعة جامعة الزقازيق، كما درست بعد ذلك أدب إنكليزي ونالت الليسانس فيه.قدمت الفنانة الراحلة كثيرا من الشخصيات والأدوار الثانية التي حققت لها الانتشار الفني، لكنها لم تحظ بالفرص التي تظهر موهبتها، فشاركت في أعمال مثل "مبروك جالك ولد، أبواب المدينة، أديب، عمرو بن العاص، الرحلة 83، عصفور في القفص".وفي السينما شاركت في بطولة أفلام "طير في السما، يا رب ولد، حادي بادي" كما كونت ثنائيا مسرحيا مع زوجها الفنان سمير غانم في "فارس وبني خيبان، أخويا هايص وأنا لايص" وغيرها من المسرحيات التجارية التي حققت رواجا وقت عرضها لكنها لم تظهر قدرات دلال وموهبتها الأصيلة، حيث كانت تظهر بشخصية الشابة الصغيرة المدللة.بدأت دلال نهاية الثمانينات التدقيق في اختيار أدوار حققت لها نقلة على مستوى الموهبة، وهي الأعمال التي رشحت لها بالصدفة كما قالت في أحد لقاءتها، لكنها بصمت مشوارها الفني بعلامات مضيئة.المصداقية هي الطريقة التي اختارتها دلال في تقديمها للشخصيات التي راهنت عليها أواخر الثمانينات وبالتحديد عام 1987، حيث شاركت بشخصية "نجاة عبدالفتاح" في الجزءين الأول والثاني من مسلسل "ليالي الحلمية" وهي شخصية الهانم الأرستقراطية قبل ثورة 1952 التي تسير عكس والدها اللواء، واختارت النضال وتزوجت الفدائي "طه السماحي" رغما عن والدها، ورغم مشاهدها القليلة بالمسلسل الذي يعتبر من البطولات الجماعية فإنها من الشخصيات التي تركت بصمة سواء في العمل أو مشوار دلال.ورغم تشابه بعض خيوط الشخصية مع دورها في مسلسل "لا"، الذي قدمت أيضا خلاله نموذج "سلوى وهبي"، التي تقف في وجه الظلم رغم حياتها الآمنة والمستقرة وكونها شخصية شهيرة، لكنها تدعم البطل الذي جسده يحيى الفخراني، في قصة للكاتب مصطفى أمين والمخرج يحيى العلمي، فالمسلسل يعرض الظلم والانتهاك الذي يتعرض له المواطنون بدون وجه حق، فالبطل يدخل السجن دون وجود تهمة، واسمه مسجل ضمن الوفيات لتتحطم حياته ويفقد زوجته وثروته، فتسخر سلوى كل جهودها لإيمانها بقضيته.وبين مشاعر الحب والخوف والوقوف أمام الظلم، أجادت دلال تقديم الشخصية دون أن تتحول مشاهدها إلى خطابات رنانة أو مباشرة، فجعلت المشاهد يتعاطف مع الشخصية التي تتعرض للكثير من المشاكل لاختيارها الوقوف مع الحق.أعمال مختلفة جمعت دلال والفخراني، وهي الدراما التي حملت قيمة فنية فشاركته أيضا بطولة مسلسل "للعدالة وجوه كثيرة" وقدمت شخصية "رباب" زوجة جابر نصار، الذي يتعرض لحادث يكشف عن كونه طفلا غير شرعي لتنقلب حياتها، وهنا اختلفت دلال فقدمت شخصية المرأة القاسية المتجبرة التي تقف في وجه زوجها. مراحل عمرية مختلفة قدمتها دلال في مسلسل "حديث الصباح والمساء" وشخصية نعمة، فهي الشابة التي تحلم بالزواج، والأم والجدة والمرأة المصرية الأصيلة، وتعتبر واحدة من أهم الشخصيات التي قدمتها خلال مشوارها، وقدمت "دويتو" تمثيليا مع الممثلة عبلة كامل، حيث جمعتهما الصداقة، واعتمدت دلال العفوية الشديدة في الأداء.وحتى في تقديمها لشخصية قاسية وشريرة في مسلسل "الناس في كفر عسكر" لاحقا كانت دلال تميل إلى مدرسة العفوية في التمثيل، فجاءت شخصية فطوم التي تضع خطة للاستيلاء على أرض عائلة عوف وكأنها حقيقية.مشهد الوفاة الذي قدمته دلال في فيلم "عصافير النيل" للمخرج مجدي أحمد علي، لا يمكن نسيانه، من خلال شخصية نرجس التي لا تحب الظلام وتطلب من زوجها أن يضيء قبرها بالنور، وهو يعد من المشاهد الإنسانية المؤثرة.في السنوات الأخيرة تنوعت أعمال الفنانة دلال، ونجحت في تقديم شخصية الأم بأكثر من صورة، ففي مسلسل "سابع جار" كانت الأم المصرية التي نراها في أغلب البيوت، وفي مسلسل "ملوك الجدعنة" الأخير في رمضان الماضي، قدمت خلاله الأم الشعبية.

دلال عبدالعزيز

دلال وابنتاها دنيا وإيمي