الأحد 22 يونيو 2025
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

ولاة الأمر... عفوكم الشامل قضى على التكسُّب السياسي

Time
الثلاثاء 29 نوفمبر 2022
View
5
السياسة
أحمد الجارالله

حين يكونُ القائدُ قريباً من شعبه يستطيع إدراك ماذا يدور في خلد الناس، ويعرف أن مهمته الأساسية جلب الطمأنينة لأمَّته، وسيكون ذلك مصدر سعادته، فكيف إذا كان مؤمناً أن الاحتكاك المباشر يُثري تجربته في الحكم، ويؤسس لاستقراره، ويزيد حماسة الناس للعمل والإنتاج؟
ثمَّة حقيقة راسخة في كلِّ الدول، وهي أن أياً كان شكل النظام السياسي لا يُمكن للدولة أن تسير من غير رأس، حتى في الملكيات الدستورية، تكون صلاحيات الملك أكبر بكثير مما تتصور العامة، وفيما تبقى الحكومة مجرد أداة تنفيذية، فهي تصيبُ مرة وتخطئُ مرات، لذا يكون رأس الدولة هو الحكم، فأوامره وتوجيهاته تتحوَّل قرارات، على هذا الأساس يرفع أحياناً الشعب صوته كي يسمع القادة، ويُصوبوا مسار السلطة التنفيذية بتوجيهات حازمة.
ثمَّة صلاحيات لا يُمكن لأحد أن يُنازع الحاكم عليها، ومنها العفو الخاص والشامل، ولهذا فإنَّ ما أصدره ولاة الأمر من عفو كان وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة مصدر فرح الشعب الكويتي، على اختلاف مكوناته الاجتماعية؛ لأنه خرج من لدن قيادة البلاد مباشرة، وقطع الطريق على أي تكسُّبات سياسية ونيابية، أو مزاعم قبلية أو طائفية أو مناطقية بشأنه، لذا كان محل ترحيب وارتياح شعبي كبيرين.
هذه الخطوة المباركة رغم أنها أتت في وقتها، لكن ينظر إليها الكويتيون على أنها واحدة من سلسلة خطوات عدة ينتظرونها من القيادة، ومنها رفع الغبن عن عشرات الآلاف الذين يُعانون جراء القروض، إذ لا يُعقل أن يكون هناك 120 ألف مواطن موقوفة خدماتهم ومعاملاتهم، وممنوع عليهم السفر لتعثرهم في السداد، فيما تنشغل مؤسسات الدولة كافة بهم؛ لأن التجار والمُرابين يستقوون بقانون تعتوره الكثير من العيوب.
لا شكَّ أنَّ هذا الأمر يُمثل عقبة كبيرة لدى نسبة لا بأس بها من الكويتيين، إذ لا يوجد بلد في العالم يمنع المواطن فيه من السفر بسبب دين مدني، فيما هناك الكثير من الحلول، كأن تعيد الحكومة جدولة تلك الديون ولمُدد طويلة، كما هي الحال في قروض الإسكان، وعندها يستطيع المُقترض العمل وتسديد ما عليه من دون منعه من ممارسة حقوقه المدنية.
يكثُرُ الحديثُ عن مشكلات الكويت، ورغم أنها مُستحقة، ويُمكن أن يكون بعضُها ذا جاذبية شعبوية للاستثمار السياسي والانتخابي، لكن حين تأتي حلولها من القيادة فإنها تقطع الطريق على المُتكسبين، كما هي الحال مع العفو الشامل، لذلك من المهم جداً ألا تبقى القضايا الشعبوية الأخرى محلَّ استثمار انتخابي وسياسي، وأن تكون محل اهتمام القيادة وبيت الحكم؛ لأنها ستزيد من التفاف الشعب حولهما، وتمنع الصيد بالماء العكر.

[email protected]
آخر الأخبار