الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

ولاة الأمر... في الغزو اعتمدنا على أنفسنا وبعد التحرير اعتمدنا على النفط

Time
الأحد 23 يوليو 2023
View
60
السياسة
الفرد وسلوكه هما من يكوِّن الدولة، لهذا إذا أخفق أحدهما في إدارة نفسه فذلك يعني أن الخلل في ممارسات من هم في الإدارة التنفيذية التي بيدها القدرة على التطوير والنهوض، أو حض الناس على الكسل، ولهذا فإن ما تعيشه الكويت منذ نحو 60 عاما ليس ديمقراطية بالمعنى الصحيح، بل هو جزء منها، لأنه اقتصر على حرية الرأي والتعبير من دون حدود، فيما جعلت الديمقراطية الاقتصادية في مكان قصي، رغم أنها الأساس.
كانت تجربة الغزو والاحتلال والتحرير درسا يمكن التعلم منه، والاستناد إلى الفوائد التي حققها الكويتيون حين اتكلوا على أنفسهم، واستطاعوا إدارة بلادهم رغم الصعوبات، إلا أن ما نراه اليوم عكس ذلك، خصوصا في المرحلة الأخيرة، وبعد مخرجات الانتخابات الأخيرة التي كانت مناسبة لزيادة منسوب الجدل، لا سيما بعد الولادة المتعسرة للحكومة، والخلل الذي أصابها في بداية مشوارها، سواء لجهة استقالة وزيرين، أو إلحاق الصندوق السيادي بوزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار بدلا من المالية، أو غياب الخطط الواقعية لإدارة المشاريع التنموية.
كل هذه العوامل أدت إلى زيادة الضجيج الذي لا يؤدي إلى نتيجة، فالكويتيون يسمعون الضجيج لكنهم إلى اليوم لم يروا طحينا، فمنذ زمن غابت الصناعة، حتى الخفيفة، عن أجندات الحكومات المتعاقبة، وكذلك الأمن الغذائي، وفي حين طالب الكثير من المراقبين والخبراء بتخصيص جزء من المال السيادي للاستثمار داخل الدولة، والتشجيع على المبادرة الفردية، وتعظيم دور القطاع الخاص الذي هو عماد أي اقتصاد، تحول طفيلياً يعتاش على كعكة المشاريع الحكومية التي تذهب إلى بعض الشركات، بفعل القرارات الارتجالية.
لا شك أن ترك الأمور على ما هي عليه يعني المزيد من الأزمات، المالية والاقتصادية والاجتماعية، لأنه لا يمكن لدولة رعاية من المهد إلى اللحد أن تستمر إلى الأبد، ولا يمكنها الركون إلى مصدر وحيد للدخل، ألا وهو النفط، الذي تتقلب أسعاره، بين صعود وهبوط، فإذا ارتفع عاشت في بحبوحة لبعض الوقت، وإن انخفض عانت من أزمة لا تنتهي مع معاودة ارتفاع أسعاره.
كثير من دول العالم، وبخاصة النفطية، لا تعتمد على دخل وحيد، بل تسعى إلى تنويع المصادر، وتلجأ إلى تعزيز الصناعات المحلية، سواء كانت خفيفة أو ثقيلة، وبعضها بدأت خفض الاعتماد على البترول بنحو 90 في المئة، كما هي الحال في النرويج والإمارات، وتحديدا دبي، بينما يزداد الاعتماد عليه في الكويت إلى ما يفوق 93 في المئة، وما يعني أن العجز كبير إلى درجة من الواجب التنبيه إلى خطورته.
هذا ما أنتجته الممارسات غير الصحيحة، في الإدارة التنفيذية للدولة، أو في الرؤى الخطأ التي اعتمدتها بعض المؤسسات، كالمشاريع الصغيرة التي مثلت بارقة أمل للشباب الكويتي، لكنها انتهت إلى هروبهم، والبعض منهم اقتيد إلى السجن، لأن الحكومات لم تستوعب التبعات السلبية لجائحة "كورونا"، وبدلاً من دعمهم عملت على وضع العراقيل في مسيرتهم، وكما ينشر، فإن ميزانية هذا القطاع يذهب نحو 75 في المئة منها، إما على تنقلات المسؤولين وهواتفهم، أو على منافع شخصية.
في دول أخرى، أكثر ثروة من الكويت، جرى تخصيص الكهرباء والقطاعات الطبية والتعليمية، والمؤسسات الأخرى، لأنها أدركت أن دور الدولة ليس الرعاية فقط، بل السهر على تعظيم القطاعات كافة، لأنها إذا استمرت بالإدارة الحكومية فستكون مصدراً للفساد، خصوصا في الكويت التي يستطيع أحد النواب تعطيل الحكومة كلها لمجرد أن الوزير لم يعين مفتاحه الانتخابي في منصب ما، أو يتوهم وزير أن الوزارة والمؤسسات التابعة لها مزرعة خاصة يفعل بها ما يريد.
لهذا لم نستغرب ما نشرته أمس وكالة "بلومبيرغ" المرموقة عن أن "الصندوق السيادي الكويتي بات مشلولاً، وصناديق الإقليم الحديثة باتت تتفوق عليه"، لذا فإن الكويت بحاجة إلى قرار اقتصادي رشيد، وقوة في التنفيذ، وإدارة تميز بين ما يطلبه الناس والنواب وإمكانات الحكومة، وما يمكن أن تكون عليه الدولة في المستقبل من قوة واستقرار.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار