الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية

ولي العهد قبل 37 عاماً: فلنعمل مع السعودية كأسرةٍ واحدةٍ لنردَّ كيد الكائدين والمُتربصين

Time
الخميس 18 مايو 2023
View
11
السياسة
ثقتنا غير محدودة بالملك فهد فهو معنا في السراء والضراء ولن يسمح لأحد بأن يعتدي علينا أو ينال من أرضنا وحريتنا

من شيم العرب أن يحمي كبيرُهم صغيرَهم والأمير سلمان قال لي إنه سيكون أول من يحمل البندقية للدفاع عن الكويت

أهداف أخرى للزيارة لا علاقة لها بالتصعيد الإيراني للحرب لكن هذا لا يمنع من أن تُبحث كل الأمور

الزيارة جاءت عفوية وقد أحيت ما قطعه الانصراف إلى مسؤوليات التنمية والإعمار من علاقات وتقاليد بين الأسرتين

رجالات السعودية صنعوا الكثير الذي لا يدري عنه أحد لأنهم يكرهون الحديث عن أنفسهم وعن إنجازاتهم


في العام 1986، كانت المنطقة تغلي على جمر التطورات الاقليمية والدولية، فالحرب العراقية- الايرانية على أشدها، والضحايا يسقطون بالمئات يومياً على وقع كر وفر بين الجانبين، والحرب الباردة بين القطبين (الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفيتي) تغذي الصراع وتنفخ في النار كلما خبا سعيرها، وشرر الحرب يطول دول الجوار وبينها الكويت، التي عرفت خلال الفترة الممتدة من 1984 الى 1988 سلسلة عمليات خطف الطائرات المدنية، راح ضحيتها عدد من شهداء الكويت، كما تعرض سمو الأمير نفسه، الشيخ جابر الأحمد -رحمه الله- إلى محاولة اغتيال آثمة.
وفي قلب الاحداث وفي موازاتها كانت السعودية قوة عربية اسلامية صاعدة بقوة، تحت قيادة شابة فتية وطموحة، تسعى الى قيادة العالم العربي والخروج به سالما من اتون هذه الصراعات وبناء دولة حديثة متطورة مواكبة للعصر.
في هذه الاثناء، قام وفد كويتي رفيع يترأسه سمو أمير البلاد بزيارة "تاريخية" إلى المملكة، حيث عقدت قمة لزعيمي البلدين الملك فهد بن عبد العزيز والأمير الشيخ جابر الأحمد في منطقة حفر الباطن، وكان ضمن الوفد الذي رافق سمو أمير البلاد آنذاك سمو ولي العهد حاليا الشيخ مشعل الأحمد.
وعلى هامش القمة التقت "السياسة" سموه، وكان هذا الحديث اللافت والمنبئ الذي نشرته على صدر صفحتها الأولى في عددها الصادر في 30 مارس من العام نفسه.
في الحديث، "الذي تعيد "السياسة" نشره، ظهر سموه رجل دولة من الطراز الرفيع، مطلعا اطلاعا دقيقا على مجريات الأمور على الساحة الدولية، خباياها وخفاياها، وعليما ببواطنها، وبتعقيدات الوضع واشكالاته في العالم العربي، ومدركا للتوازنات الدقيقة، وقادرا على التنبؤ بمسارات الأمور ومآلاتها.
الذين يعرفون سمو ولي العهد يعرفون انه منذ وقت مبكر لا يحب الأحاديث والتصريحات الصحافية كثيرا، لكنه، وعلى الرغم من ذلك، قدم في هذا الحديث إلى "السياسة" ما يمكن وصفه بأنه "رؤية سياسية شاملة ومفصلة وواضحة للوضع السياسي الاقليمي والدولي"، و"تصور فريد ونموذجي" للعلاقة بين السعودية والكويت ـ على النحو الذي يجب ان تكون عليه.
تنبأ سموه بحائط صد سعودي قوي وصلب دفاعا عن الكويت في مواجهة اي طارئ او محنة، واثبتت الاحداث بالدليل العملي صدق توقعات سموه، وحدسه، فمع العدوان الغادر الذي تعرضت له الكويت فجر 2 اغسطس 1990 كانت السعودية النصير والظهير ــ بعد المولى سبحانه ــ وقال خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز قولته الشهيرة "إما أن تعود الكويت أو فلتذهب السعودية معها".
ولأنها واحدة من المقابلات الفريدة التي تستحق العودة اليها، وبالتزامن مع مشاركة سموه في القمة العربية التي تستضيفها مدينة جدة السعودية ممثلا لسمو الأمير، تعيد "السياسة" نشرها اليوم بعد مضي 37 عاما كما وردت دون زيادة او نقصان، لتكون شاهدة على صدق توقعات سموه، ورؤيته وأفكاره التي تميز بها، وفيما يلي نص المقابلة:

بعد إلحاح شديد وافق الشيخ مشعل الأحمد الذي يكره الادلاء بأي تصريحات صحافية على ان يتحدث الى "السياسة" عن انطباعاته حول الزيارة الأخيرة التي قام بها سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد لأخيه جلالة ملك المملكة العربية السعودية فهد بن عبدالعزيز (رحمهما الله).
الشيخ مشعل قال ردا على السؤال الأول، إن سمو الأمير كان مسرورا للغاية، ولعل أهمية الزيارة نابعة من كونها جاءت في الظروف الراهنة.
لقد باعد الانهماك في حركة الانماء والاعمار بيننا وجعلنا اسرى وضع مادي، ابعدنا هو الآخر عن بعض أخلاقيات هذه المنطقة، وعن سماحة العلاقة التي تسود بين أهلها.
هذه الزيارة في نظري جاءت لتكسر جدار الجليد الذي اقامته الايام بيننا، نظرا لكثرة مشاغلنا، لقد سررت ان سمو الأمير اصطحب معه في زيارته هذه المرة شباب الاسرة الحاكمة في الكويت... شبابها الذين أنهوا دراساتهم، والذين لم ينهوها بعد.
وكان سموه أراد بهذه البادرة ان يعيد الى العلاقات الانسانية امجادها السابقة بين الاسرة الحاكمة في السعودية وبين الاسرة الحاكمة في الكويت.
لقد كان جو الصحراء رحبا، فسيحا، ومحببا، فمنذ ان وطئت قدما سمو الأمير المكان الذي قصده حتى توجه بعده الى مقر جلالة الملك فهد، كان في استقبال سموه الأمير سلمان بن عبدالعزيز احد رجالات الفهم والادراك في بلدنا الثاني السعودية.
كان سمو الأمير سعيدا جدا بمنظر صحراء شبه الجزيرة، الذي امتد أمام بصره بساطا اخضر، بعد موجة الامطار الاخيرة التي هطلت على تلك البلاد.
كان سموه، وهو المحب للزراعة، يسأل عن كل النباتات البرية وانواعها ويتمتع بمنظرها، لدرجة انه طلب من مصوري التلفزيون ان يركزوا على تصوير ما أعطته الصحراء من نبات ليشاهده الناس، وقد قال للمصورين بهذا الخصوص: "اتركونا نحن... لا تصورونا، فالناس تعرف وجوهنا، صوروا نباتات هذه الصحراء الجميلة ليسعد برؤيتها الناس".
لقد عشنا اياما سعيدة، لم تكن طويلة في الزمن، لكنها جددت خوالي الايام، واعادت جو الترابط بين اسرتنا في السعودية واسرتنا في الكويت. ذلك الترابط الذي استطاع ان يخلق خصوصية محببة للعلاقة بين دول الخليج كلها، وليس فقط بين الكويت والسعودية.
لقد سألوا سمو الأمير عن شباب اسرة الصباح، عن مراكزهم واعمالهم وعملهم، وتوجهاتهم.
كان الأمير سلمان بن عبدالعزيز كثير السؤال في هذه الناحية، وكأنه بذلك يريد تجديد شباب العلاقة بين جيل اليوم وجيل الأمس، وبين جيل اليوم في السعودية وجيل اليوم في الكويت.
إن جو الصراعات التي يعيشها العالم الآن لا حماية لنا منه الا بعودة العلاقات بين شعوب المنطقة بالشكل الذي كانت عليه، وزيادة روابط الاسرة بينها.
لقد عشنا في جو رباني اخضر حيث اكتست ارض الصحراء شكلا بدت معه وكأنها لوحة زيتية.
لقد سررت حين وجدت ان جلالة الملك فهد يجد لديه بعض الوقت للراحة النسبية، فالعمل يلاحقه حتى الى منتجعه، واعتقد ان من حق اي مسؤول ان يحظى بنوع من التكريم باعطائه الفرصة لكي يرتاح، حتى تكون الرؤية حول امور الدولة، وشؤونها وعلاقاتها المتعددة، رؤية واضحة ومريحة، وأنه يعيش في بقعة صغيرة جدا من آلاف الأميال في شبه الجزيرة، واعتقد ان له الحق في ذلك.
س: هل للزيارة علاقة بالتصعيد الايراني للحرب؟
ج: الزيارة جاءت عفوية، وهي لأهداف أخرى، فشأن الحرب يأخذ الكثير من الوقت.
نحن الآن- من خلال هذه الزيارة- أمام شأن آخر، وان كانت كل الأمور تبحث.
لقد التقينا في وقت كنا فيه بحاجة الى مثل هذا اللقاء، وفي هذا الظرف، وفي هذا المكان.
إطلالة جيلنا الجديد على السعودية اطلالة بعيدة. لقد ذهلنا عندما شاهدنا تلك المدينة العسكرية في حفر الباطن إن الجزء المنفذ منها يبلغ 30 في المئة فقط، لكنها بهذه النسبة المنفذة، تبدو عملية خرافية مذهلة.
إن رجالات السعودية، وعلى رأسهم الملك فهد بن عبدالعزيز، صنعوا الكثير الذي لا يدري عنه أحد، لأنهم يكرهون الحديث عن أنفسهم. طرق تصل إلى طول ثلاثين ألف كيلومتر في بلد مساحته أربعة أضعاف أوروبا الغربية.
مشاريع مذهلة لا أحد يدري عنها، سوى الذي يعيشها.
إنني مذهول من الذي شاهدته، وما شاهدته كان جزءا بسيطا مما كان يجب أن أرى، لكني شاهدت الأهم من ذلك، وهي نفوس تلك الأسرة التي تريد الخير لشعبها، وتريد الخير لنا ولمنطقة الخليج كلها. إنهم رجال يصنعون الكثير بلا منة، وبلا ضجيج.
بعض الناس يهمهم الحديث عن مطامع سعودية في الكويت، أو بعض دول الخليج... هذا كلام يجب اخراس اصحابه، فهو بعيد كل البعد عن الصحة والحقيقة. لقد عشنا الحقيقة كاملة... عشنا المحبة الصادقة مع رجالات المملكة، وعلى رأسهم الملك المفدى.
لا بل إن بعض القواعد العسكرية في المملكة ليس لمجرد حمايتها فقط، بل هي موضوعة تحت أمر من يحتاجها من دول الخليج. لقد قال لي الأمير سلمان بن عبدالعزيز: "لو حصل عدوان على الكويت فأنا أول من يحمل البندقية دفاعا"، يقولها وأنا أشعر به صادقا ينعكس على وجهه وهو يتحدث معي، أشعر بإحساسه الصادق، وهو احساس لا يصعب تمييزه. لقد كان كلامه خارجا من القلب، لأن من شيم العرب أن يحمي الكبير أخيه.
المملكة بلد كبير وشاسع. وهم ليسوا بحاجة إلى الامتداد. لكنهم فقط يريدون أن نبادلهم المودة نفسها التي يخصوننا بها. ومن قلوب صادقة، ولوجه الله.
س: إذن، سمو الأمير مرتاح لهذه الزيارة؟
ج: كيف لا يكون احساسه كذلك وقد تلقى الدعوة من جلالة أخيه الملك فهد منذ محاولة الاعتداء الآثمة على حياة سموه ونجاته منها بفضل الله ورعايته.
لقد كانت الدعوة نابعة من القلب. كي يمضي سموه اياما عدة مع جلالته في قلب الصحراء، موطن الآباء والاجداد.
إن صلة الرحم، والقرابة، والأخوة بيننا لن ينال منها، وبخاصة في الظروف التي نعيشها الآن.
لقد حاول جلالة الملك أن يبقى سمو الأمير أياما عدة أخرى في ضیافته
لكنه تمنى ذلك، واعتذر لتلبية حاجات المسؤولية التي على عاتقه، وقد عاد سموه الى ارض الوطن، وهو مرتاح جدا، خاصة بعد أن لمس نتائج زيارة شباب العائلة لاخوانهم في المملكة.
س: هل تحدثنا أكثر عن بعض القواعد العسكرية هناك؟
ج: عندما طارت بنا الطائرة، سألت وكيل الديوان الأميري: أين سنهبط؟ فأجابني في قاعدة الملك خالد، وتصورت ساعتها أننا سنهبط في مطار عسكري عادي، لكنني بعد الهبوط ذهلت لما رأيت.
إن القاعدة عبارة عن مدينة عسكرية كاملة. ولن أخوض في التفاصيل، لكنني أقولها شهادة للتاريخ: إن الملك فهد بذل جهودا ضخمة وكبيرة جعلت من الصحراء جنة تموج بالخضرة، بالاضافة إلى شبكات الطرق، وخدمات الاسكان والمستشفيات.
وسألت بعض الأخوة في المملكة: هل هذه المشاريع مقتصرة على هذه المنطقة؟ فجاءني الرد: لا، بل تشمل جميع اقاليم المملكة.
إن الانجازات التي قامت بها المملكة تعد مفخرة لكل أبناء الخليج. إن جلالة الملك فهد دائم العزم والمسايرة لمتابعة المشاريع، خاصة المتعلق منها بالخدمات العامة وبالصناعة والزراعة.
قد نقوم نحن في الكويت ببعض المشاريع، وهي تبرز لأننا في منطقة محدودة المساحة. أما في المملكة، وهي التي توازي شبه قارة، كما قلت، فلا يمكن ذلك بهذه السهولة وساضرب مثلا عن مشاريع شبكة الطرق التي بدأ العمل فيها في عهد المغفور له الملك فيصل، ثم في عهد المغفور له الملك خالد، والآن في عهد الملك فهد... إن شبكة الطرق هذه تعتبر من أحدث شبكات الطرق في العالم، وتشمل السهول والوديان والجبال. الطريق إلى "الدهنة"، مثلا، وهي منطقة من الكثبان الرملية الناعمة، نجد الطرق تصل حتى للقرى التي لا يزيد عدد سكانها عن الألف نسمة. وقد صرف على هذه الشبكة المال الوفير.
س: المجتمع السعودي، والرفاهية؟
ج: الكل هناك متمتع بالرفاهية. طبعا لا يمكن أن يكون هناك قصر لكل مواطن سعودي، لكن الكل هناك مرفهون، وكثير من المواطنين يملكون قصورا.
أما الاسرة الحاكمة فان حقها تأخذه من الدولة، مقابل مسؤولياتها الكبيرة تجاه البلاد، فهي حافظة الأمن والأمان، والرخاء والاستقرار فيها.
إن النظام السعودي اعطى مواطنيه حقوقهم، لا بل وتعدى ذلك العطاء إلى الشعوب العربية والاسلامية، إني أشبه المملكة بقيادة أسرتها الحاكمة بالشجرة الكبيرة الوارفة المتعددة الأغصان، ونحن شعوب المنطقة نستظل بفيئها، ونحن المستفيدون من هذا الظل.
إننا في الكويت ثقتنا لا حدود لها بجلالة الملك فهد بن عبد العزيز، فهو معنا في السراء والضراء، ولن يسمح لأحد أن يعتدي علينا، أو ينال من أرضنا وحريتنا.
ونحن في الكويت، بقيادة سمو الأمير وولي عهده، نخطط لما فيه خير ومستقبل شعبنا، وكل من سار على الدرب السليم وصل، فلنعمل كأسرة واحدة لنرد كيد الكائدين والمتربصين.

صورة ضوئية لبقية الحديث


آخر الأخبار