الأربعاء 25 سبتمبر 2024
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
يا أهل الدار… تمعَّنوا كيف أوقف ستالين وخروتشوف العبث بالمراكز القيادية
play icon
الافتتاحية   /   الأولى

يا أهل الدار… تمعَّنوا كيف أوقف ستالين وخروتشوف العبث بالمراكز القيادية

Time
السبت 26 أغسطس 2023
View
551
السياسة

كتب ـ أحمد الجارالله:

حين يبدأ العبثُ بالمراكز القيادية التنفيذية تضع الدولة، مهما كانت قوية، قدمها على طريق الفشل، ولا يُمكنها الخروج من المأزق إلا في حال واحدة، وهي العودة إلى المعايير القانونية، والتخلي عن "الواسطة" والمحسوبيات؛ لأنهما السبب في عرقلة مشاريعها، ومصدر أساسي للمُحاصصة، القبليَّة والطائفيَّة، والعائليَّة.
فهؤلاء الذين تُتاح لهم الفرصة كي يُصبحوا مسؤولين عن أي إدارة، وهم غير مؤهلين، يتخذون القرارات الخاطئة، التي تكون أداة تدمير لأي مؤسسة، فيما يثير ذلك نقمة أصحاب الكفاءة الذين ينتظرون 20 أو 30 سنة ولا ينالون حقهم؛ لأن الهبوط بالمظلات من خارج الإدارة على المناصب يكون أقوى منهم، ومن القانون، ومن مصلحة البلاد العليا.
في دول العالم المُتقدمة ثمَّة عملية طويلة ومُعقَّدة لاختيار المسؤول، تبدأ من البحث في ملفه، وتمر في كثير من الأحيان على إدارة أمن الدولة الداخلي، التي لا تحابي أحداً، ولا تقدم تقارير خطأ، ويكون هناك مجلس وزاري مصغر لتحديد الصفات والمؤهلات المطلوبة في اختيار الشخص، بل في بعض الدول، تكون هناك لجنة نيابية، أو من مجلس الشيوخ، كما هي الحال في الولايات المتحدة للموافقة على سفير ما معين في إحدى الدول، وكذلك بعض المسؤولين التنفيذيين؛ لأن الهدف هو وجود صاحب الخبرة، الشريف، خادم الأمة، وليس على النمط الكويتي "هذا ولدنا"، وفي هذا الشأن ثمة عبارة قالها رئيس إحدى الحكومات العربية، لم أعد أذكر اسمه، قال: "الآدمي نجوزه بنتنا، ولا نعينه في منصب مسؤول".
من نافلة القول: إن في العقود الماضية نخرت الدولة العميقة أسس الإدارة، وسعت إلى تعيين مريديها في مناصب تنفيذية، من أجل استغلالهم في مشاريعها، ولهذا شهدنا الكثير من المشاريع سيئة التنفيذ، وكثر العبث بها، وبعضها كلف الدولة عشرات أضعاف تكلفتها الحقيقية.
في هذا الشأن يُمكن العودة إلى القصة المنقولة عن زعيم الاتحاد السوفياتي الراحل نيكيتا خروتشوف، إذ يُروى عنه قوله: "اتصل بي الرفيق ستالين، وقال لي تعال إلى مكتبي بسرعة يا نيكيتا، ولما وصلتُ وجدتُ مجموعة من الوزراء وقال لي ستالين يا رفيق لدينا مصنع للإطارات، وهو هدية من شركة "فورد" الأميركية، ومنذ سنوات ينتج إطارات جيدة، لكن فجأة ومنذ ستة أشهر بدأ بإنتاج دواليب تنفجر بعد بضعة كيلومترات، ولم يعرف أحد السبب، لذا أريدك أن تذهب إلى هناك فوراً وتكتشف السبب".
أضاف: "حال وصولي باشرتُ في التحقيق فوراً من أعلى مستويات الإدارة حتى أصغر عامل، لكن لا أحد يعرف أسباب انفجار الإطارات، فقررتُ النوم في المصنع حتى أتوصل إلى حل هذا اللغز، واستيقظتُ في الصباح الباكر ووقفتُ في أول خط الإنتاج، وتابعت أحد الإطارات، ومشيتُ معه من نقطة الصفر حتى آخر نقطة، ولقد أُصبتُ بإحباط شديد فقد سارت عملية التصنيع بشكل طبيعي، وكل شيء متقن، وتم تركيب الإطار على إحدى العجلات الأمامية، واستقلتني السيارة، وطلبتُ من السائق السير بسرعة متوسطة، لكن الإطار انفجر بعد بضعة كيلو مترات".
وقال: "فوراً عدت إلى المصنع وجمعت المهندسين والعمال والإداريين وأحضرتُ المخططات، كما اتصلت بالمهندسين الأميركيين، لكنني لم أصل إلى حل، كذلك اطلعت على تحليل المواد الخام المستخدمة، ولقد أثبتت أنها ممتازة جداً".
أضاف: "لقد أصابني الإحباط، وشعرت بالعجز، وبينما أنا أمشي في المصنع لفت نظري حائط الأبطال، وصورهم المنشورة، وكانت في قمة القائمة صورة أحد المهندسين، وهو يتربع على رأسها منذ ستة أشهر، أي منذ بدأت الإطارات بالانفجار".
استدعيت هذا المهندس إلى مكتبي صباح اليوم التالي، وقلتُ له: أرجوك اشرح لي يا رفيق كيف استطعت أن تكون بطل الإنتاج لستة أشهر متتالية؟
قال: لقد استطعتُ أن أوفر الملايين من الروبلات على المصنع والدولة.
فقلتُ له: كيف استطعت فعل ذلك؟
أجابني ببساطة: خفضت عدد الأسلاك المعدنية في الإطار، وبالتالي استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يومياً.
هنا شعرت بالسعادة الكبيرة؛ لأنني عرفتُ حل اللغز أخيراً، ولم أصبر على ذلك، فاتصلتُ بستالين فوراً وشرحتُ له ما حدث، وبعد دقيقة صمت قال لي بالحرف الواحد: والآن أين دفنت جثة هذا الغبي؟
أجبتُهُ: "إنني في الواقع لم أعدمه، بل سأرسله إلى سيبيريا؛ لأن الناس لن تفهم لماذا نعدم بطل إنتاج".
أهدي هذه القصة إلى الدوائر العليا، التي يجب أن تكتب بماء الذهب، وتوضع على طاولة أي مسؤول؛ لأن المهم الحفاظ على بلدنا، وعدم الاستخفاف بأمر المسؤولية التنفيذية المُلقاة على عاتق الموظفين، أو حصر المزايا لمصلحة بعض الناس على حساب الآخرين.

آخر الأخبار